رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هجوم اللنبى!

لا علاقة للفنان محمد سعد، وفيلمه الشهير بالموضوع، كما أن «اللنبى» نفسه، مات منذ ٨٨ سنة، ولا نجد سببًا يجعل منتسبين إلى البشر يطلقون اسمه على ذلك الجسر الرابط بين المملكة الأردنية والضفة الغربية، فى منتصف المسافة تقريبًا بين عمّان والقدس، والذى عبرته، صباح أمس، الأحد، شاحنة أطلق سائقها الرصاص، وقتل ثلاثة إسرائيليين، قبل مقتله برصاص عناصر الأمن الإسرائيلى.

اسمه فى الأردن «جسر الملك حسين» ويسميه الفلسطينيون «معبر الكرامة»، وأقيم، أو أعيد إنشاؤه، بعد معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، على أطلال «جسر الغورانية» الخشبى، الذى أنشأه الاحتلال العثمانى، سنة ١٨٨٥، وأعاد الاحتلال البريطانى بناءه بعد السيطرة على المنطقة، سنة ١٩١٨، وأطلق عليه اسم الجنرال إدموند ألنبى، أو «اللنبى»، قائد الجيش البريطانى، الذى احتل فلسطين، ثم أعيد بناؤه مرة ثالثة، بعد أن دمره زلزال نابلس، سنة ١٩٢٧، ثم رابعة بعد قيام «عصابة بلماح»، التى كان يقودها حاييم بارليف، بتفجيره، فى ١٦ يونيو ١٩٤٦، مع أحد عشر جسرًا تربط فلسطين بالدول المجاورة، لبنان، سوريا، الأردن ومصر، من أجل شل حركة المواصلات، ومنع دعم الفلسطينيين بالسلاح.

الجسر، باختصار، هو نقطة العبور الرئيسية بين الأردن والضفة الغربية، ونقطة عبور الحجاج الفلسطينيين إلى السعودية، وإلى مطار الملكة علياء الدولى فى عمان، لأنهم غير مسموح لهم بالسفر من مطار بن جوريون. والمهم، هو أن هجوم أمس، وقع فى منطقة للبضائع التجارية، خاضعة لسيطرة القوات الإسرائيلية، التى أعادت ٤ حافلات تُقل مسافرين فلسطينيين إلى الأردن، وأغلقت الجسر بشكل كامل، وقامت بنصب حواجز عسكرية فى الطرق المؤدية إليه ومحيط مدينة أريحا. وأعلنت وزارة الداخلية الأردنية، صباح الأحد، عن أن الجهات الرسمية باشرت التحقيق فى الواقعة، ودعا المتحدث باسم مديرية الأمن العام مستخدمى الجسر إلى «التقيّد ومتابعة وسائل الإعلام حول أى تغيّر فى حركة السفر».

تشهد الضفة الغربية، كما لعلك تابعت، فصولًا جديدة من التصعيد، ومنذ أيام أعلنت دولة الاحتلال عن شن عملية عسكرية تعد الأوسع منذ عملية «السور الواقى»، سنة ٢٠٠٢، على مدن وقرى ومخيمات جنين وطولكرم وطوباس، شمال الضفة، التى تعيش، أساسًا، على وقع إجراءات أمنية وعسكرية وسيطرة إسرائيلية على المنافذ، إضافة إلى وجود أكثر من ٧٠٠ حاجز عسكرى. وعليه، رحبت حركة «حماس» بهجوم، أمس، وقالت، فى بيان، إن «العملية البطولية التى نفذها نشمى من نشامى الأردن، رد طبيعى على المحرقة التى ينفذها العدو الصهيونى النازى بحق أبناء شعبنا فى غزة والضفة الغربية المحتلة، ومخططاته فى التهجير وتهويد المسجد الأقصى». وشدد البيان على أن غزة «تستنفر الأمة وكل أحرار العالم لتهب فى وجه الاحتلال، دعمًا لغزة والقدس والضفة، ودفاعًا عن كرامة أمتنا وأمنها القومى».

فى المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى إن «هذا يوم صعب ونحن محاطون بأيديولوجية قاتلة يقودها محور الشر الإيرانى»، وأضاف: «القتلة لا يفرقون بيننا، يريدون قتلنا جميعًا عن بكرة أبينا، سواء كنا من اليمين أو اليسار، علمانيين أو متدينين، يهودًا وغير يهود». وأشار إلى أن جريدة «بيلد» الألمانية، كانت قد نشرت، نهاية الأسبوع الماضى، وثيقة رسمية لحركة «حماس» تكشف عن خطة عمل مفادها زرع الفرقة بين الإسرائيليين، وشن حرب نفسية على عائلات المخطوفين، وممارسة ضغوط سياسية داخلية وخارجية على الحكومة الإسرائيلية»، مؤكدًا أن الحرب ستستمر حتى إشعار آخر.

.. وأخيرًا، أكدت مصادر عديدة أن دولة الاحتلال تستعد لمعركة مكثفة وطويلة، على عدة جبهات، ما يعنى أن حكومة نتنياهو ستواصل، عن سبق إصرار، إفشال جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، إذ ذكرت جريدة «يديعوت أحرونوت»، مثلًا، أن إسرائيل تستعد فعليًا لسيناريو عدم التوصل إلى صفقة لفترة طويلة، وستقوم بتغيير طريقة المعارك فى قطاع غزة، وستواصل طائراتها تدمير القاذفات بشكل منهجى فى لبنان، استعدادًا لمعركة كبيرة، كما ستواصل عملياتها فى كل مناطق الضفة الغربية.