رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأزمات السياسية تحاصر ماكرون.. والأحزاب ترفض أكبر رئيس وزراء فى تاريخ فرنسا

ماكرون
ماكرون

يبدو أن تعيين "ميشيل بارنييه" رئيسًا لوزراء فرنسا خلفًا لحكومة جابريال أتال المستقيلة، لم يطو صفحة الأزمات السياسية في فرنسا، التي استمرت قرابة شهرين عقب انتخابات تشريعية مبكرة، وإنما جاء اختيار "بارنييه" ليُفجِّر أزمة جديدة بين الأحزاب السياسية التي تباينت ردود أفعالها حول تعيينه وسط احتمالات حجب الثقة في الجمعية الوطنية (البرلمان) تجاه ميشيل بارنييه، ما يُنذر بدخول فرنسا في حالة من الشلل والانسداد السياسي، فضلًا عن دعوات اليسار للتظاهر غدًا السبت، اعتراضًا على اختيار "بارنييه".

وقرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الخميس، تعيين ميشيل بارنييه رئيسًا للوزراء وتكليفه بتشكيل حكومة موحّدة بعد دورة غير مسبوقة من المشاورات، أكد خلالها الرئيس ماكرون، أن رئيس الوزراء والحكومة المُقبلة سيوفران الظروف اللازمة لتكون الأمور مُستقرة قدر الإمكان، حسب بيان قصر الرئاسة الفرنسية "الإليزيه".

وفي فرنسا يعين رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، قبل تصويت الجمعية الوطنية "البرلمان" لمنح الثقة للحكومة الجديدة.

شلل سياسي في فرنسا

ومنذ يونيو الماضي، تعاني فرنسا من شللٍ سياسيِّ استمر 60 يومًا بفعل نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها الرئيس ماكرون إثر هزيمة غالبيته في الانتخابات الأوروبية التي تصدرها اليمين المتطرف.

وأسفرت الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في يوليو الماضي، عن برلمانٍ منقسم إلى 3 كتل يضم: تحالف الجبهة الشعبية الجديدة الذي يجمع الأحزاب اليسارية ويشغل أكثر من 190 مقعدًا، يليه معسكر الرئاسة الذي فاز بـ160 مقعدًا، والتجمع الوطني اليميني المتطرف الذي حصل على 140 مقعدًا.

ولم تحصل أي من الكتل على الغالبية المطلقة التي تبلغ 289 مقعدًا في المجلس الذي يتألف من 577 مقعدًا، فيما ترى الأوساط السياسية في فرنسا أن تعيين "بارنييه" لن ينهي الأزمة، بل يزيد مأزقًا جديدًا لولاية ماكرون.

غضب اليسار

ووفقًا لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، تباينت ردود أفعال الأحزاب السياسية حول اختيار "بارنييه"، حيث أثار القرار غضب اليسار الذي كان يطالب برئاسة الحكومة، وذلك بعد إزاحة مرشحته "لوسي كاستيتس" جانبًا، فيما أعلن التحالف عن تقديم اقتراح "حجب الثقة" الفوري على الحكومة المقبلة في الجمعية الوطنية.

وقال زعيم حزب "فرنسا الأبية"، جون لوك ميلنشون، أن نتائج الانتخابات التشريعية سُرِقَت من الفرنسيين، مؤكدًا أن هذا التعيين يعزز مسعاه لإقالة ماكرون، داعيًا إلى التظاهر غدًا ضد القرار.

أزمة نظام

من جهته، حذَّر زعيم الاشتراكيين أوليفييه فور، من أن فرنسا ستدخل "أزمة نظام"، وقال في تغريدة عبر صفحته الرسمية بمنصة X: "لقد وصل الإنكار الديمقراطي إلى ذروته.. اختيار رئيس وزراء من الحزب الذي جاء في المركز الرابع في الانتخابات التشريعية ولم يشارك حتى في الجبهة الجمهورية".

وأضاف "فور": "في جميع ديمقراطيات العالم، التحالف الذي يأتي أولًا هو الذي يُطلب منه تشكيل الحكومة.. وليس الحزب الذي خسر الانتخابات، وهذه السابقة ستكون أمرًا خطيرًا بالنسبة للمؤسسات نفسها".

انتظار اليمين المتطرف

وأعرب المعسكر الرئاسي عن رأيه، حيث أكد حزب "النهضة" الذي يتزعمه الرئيس إيمانويل ماكرون، أنه لن تكون هناك "رقابة تلقائية" على حكومة "بارنييه"، ومع ذلك، وعد الحزب بتقديم مطالب جوهرية، دون أن يوقع "شيكًا على بياض" لميشيل بارنييه.

يأتي ذلك فيما أعلن حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، الذي تترأسه المرشحة السابقة في الانتخابات الرئاسية مارين لوبان، أنه لن يُقدِّم على الفور طلبًا لفرض رقابة على الحكومة.

وقالت لوبان: "سننتظر سماع خطاب بارنييه بشأن السياسة العامة أمام البرلمان قبل تحديد موقف بشأن منحه الثقة أم لا".

ورحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لايين، بتكليف بارنييه تشكيل الحكومة الفرنسية. 

وقالت في تغريدة عبر صفحتها الرسمية بمنصة X: "أعلم أن ميشال بارنييه يضع مصلحة أوروبا وفرنسا في قلب اهتماماته، كما تظهر خبرته الطويلة.. أتمنى له كل النجاح في مهمته الجديدة".

ويعد "بارنييه" أكبر رئيس وزراء في تاريخ فرنسا الحديث، حيث يبلغ من العمر 73 عامًا، وكان كبير المفاوضين السابق في ملف "بريكسيت" بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتقلَّد 3 حقائب وزارية تحت رئاسة جاك شيراك ونيكولا ساركوزي.

وقال "بارنييه" في تصريحات إعلامية فور تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة: "سأكون على مستوى آمال الفرنسيين، نحن في لحظة خطيرة، وسيكون هناك تغيير، كما يجب احترام كل القوى السياسية في البلاد".