ما بعد الزيارة التاريخية.. خبراء: التقارب المصرى التركى يعيد تشكيل التوازنات السياسية والاقتصادية
أكد عدد من قادة الأحزاب السياسية أهمية الزيارة التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى تركيا، أمس، ولقائه الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، موضحين أنها تعد خطوة مهمة لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين البلدين، وتتويجًا للمصالحة السياسية بين البلدين.
وأشار قادة الأحزاب، خلال حديثهم لـ«الدستور»، إلى أن زيارة الرئيس السيسى تأتى فى ظل أوضاع إقليمية مضطربة، وتشير إلى مدى التقارب فى المواقف السياسية بين مصر وتركيا مؤخرًا تجاه العديد من القضايا والملفات والأزمات، على رأسها الحرب فى غزة، موضحين أنها تؤثر لمزيد من التقارب وتنسيق المواقف خلال الفترة القليلة المقبلة.
قال حزب «المصريين الأحرار» إن زيارة الرئيس السيسى تركيا تعد تتويجًا للدبلوماسية الرئاسية المصرية فى إدارة الأمور، وسط أحلك الظروف، مشيرًا إلى أنها تعلن عن فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية والإقليمية، كما تفتح أبواب الصداقة والتعاون القوى بين القاهرة وأنقرة على أسس ومبادئ مصلحة البلدين والشعبين والاحترام الكامل.
وأضاف: «اللقاء بين السيسى وأردوغان بحث تعزيز التعاون الاستراتيجى، وناقش القضايا الإقليمية الرئيسية، منها مجريات الأحداث فى قطاع غزة، والأوضاع فى إثيوبيا وليبيا وسوريا والسودان؛ كما وقع الرئيسان عددًا من مذكرات التفاهم فى مجالات متعددة، بالإضافة إلى بحث زيادة حجم التجارة بين البلدين إلى ١٥ مليار دولار».
وتابع: «تأتى هذه الزيارة فى توقيت غاية فى الأهمية والحساسية، لما تشهده المنطقة من أحداث متلاحقة ومستجدات كثيرة، ما أسفر عن العديد من المواقف، التى أشارت إلى توحد الرؤية والاتجاه حيال عدد من القضايا».
ونوه «المصريين الأحرار» بأن زيارة الرئيس السيسى جاءت عقب زيارة الرئيس التركى وقرينته القاهرة فى فبراير الماضى، لذا فهى تمثل تتويجًا للمصالحة السياسية، وفتحًا لآفاق جديدة من التعاون فى مختلف المجالات، الأمر الذى سينعكس إيجابًا على العلاقات السياسية والتجارية، وغيرهما.
من جهته، أكد هشام عبدالعزيز، رئيس حزب «الإصلاح والنهضة»، أن زيارة الرئيس السيسى تركيا تُعد حدثًا تاريخيًا، ما يرفع مستوى التبادل الدبلوماسى المصرى- التركى إلى المستوى الرئاسى، لكون هذه الزيارة هى الأولى من نوعها منذ تولى الرئيس السيسى رئاسة مصر.
وقال «عبدالعزيز»: «الزيارة تأتى بعد زيارة مماثلة للرئيس التركى إلى القاهرة، ما يشير إلى بداية مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين، يسعى فيها كل من القاهرة وأنقرة إلى التوافق حول العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك».
وأضاف: «تمثل هذه الخطوة مؤشرًا مهمًا نحو تعزيز العلاقات بين مصر وتركيا، خاصة فى ظل التوترات الإقليمية الحالية، والحرب على قطاع غزة، كما تمثل فرصة لبحث سبل التعاون والتنسيق بين البلدين فى حل الأزمات الإقليمية، وتشير إلى رغبة البلدين فى بناء علاقات قوية ومستقرة، تسهم فى تحقيق الاستقرار والسلام فى المنطقة».
ولفت إلى أن الزيارة تأتى، أيضًا، فى توقيت صعب اقتصاديًا على المستوى الدولى، ما يجعلها فرصة مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادى بين مصر وتركيا، خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية التى تواجهها المنطقة، بالإضافة إلى أنها تشير لرغبة البلدين فى استغلال الفرص الاقتصادية المتاحة، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادى.
فى السياق ذاته، قال حزب «الحرية المصرى» إن الزيارة الأولى للرئيس السيسى إلى تركيا منذ توليه المسئولية، تمثل خطوة بالغة الأهمية نحو تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين، ما يسهم فى دعم مصالح الشعبين؛ وتحقيق الاستقرار والتنمية فى الشرق الأوسط.
فيما أوضح عياد رزق، القيادى بحزب «الشعب الجمهورى»، أن العلاقات بين مصر وتركيا تشكلت نتيجة حقائق التاريخ والجغرافيا، ثم بدأت تتطور عبر العصور، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، لذا فإن زيارة الرئيس السيسى تركيا تعيد العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها مرة أخرى، وتنهى فترة من القطيعة.
وأضاف: «الزيارة تأتى فى إطار تعزيز الجهود لتقوية الروابط والعلاقات المصرية- التركية، باعتبارهما قوتين لهما نفوذ فى الإقليم، وقادرتين على إحداث تأثير إيجابى فيما يتعلق بالملفات والقضايا الراهنة، على رأسها ملف القضية الفلسطينية، فى ظل ضرورة التنسيق والعمل على وقف إطلاق النار، ورفض الممارسات الإسرائيلية، وإنفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثات للشعب الفلسطينى الشقيق المحاصر، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق فى عدد من الملفات الأخرى، مثل الملف اللبنانى والسورى واليمنى والسودانى والليبى».
وأكمل: «الزيارة من شأنها تعزيز التبادل التجارى بين البلدين، وتشجيع التبادل الاستثمارى وجذب الاستثمارات للسوق المصرية، وفتح أسواق جديدة لمصر فى تركيا، كونها باب الاقتصاد والتجارة المفتوح على السوق الأوروبية، وكذلك العمل على تشجيع السياحة البينية، خاصة أن كلا البلدين يسعى إلى زيادة التبادل السياحى بينهما إلى مليون زائر سنويًَا».
من جانبه، قال النائب عمرو القطامى، أمين سر لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى تركيا، والمشاركة فى ترؤس المجلس الاستراتيجى بين مصر وتركيا، وتوقيع الاتفاقيات بين البلدين، تعنى أنها زيارة تاريخية بكل المقاييس، خاصة أنها حظيت باهتمام دولى وإعلامى كبيرين، ما يعكس الدور المحورى للدولة المصرية فى المنطقة.
وأوضح «القطامى» أن الزيارة تمثل التقارب الشديد الذى شهدته العلاقات بين البلدين خلال الفترة الأخيرة، خاصة بين دولتين كبيرتين قويتين بحجم مصر وتركيا، ما يحقق مكاسب اقتصادية وسياسية كبيرة فى المنطقة.
وقال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى تركيا، عكست أهمية كبيرة فى مستوى العلاقات بين البلدين وتحولها لعلاقات استراتيجية بمعنى الكلمة.
وأضاف أن التعاون على مستوى العلاقات الثنائية يتمحور فى إطار تحقيق المصالح التجارية والسياحية، وغيرها من مجالات الاستثمار، ومن بينها اتفاقية التجارة المشتركة.
وتابع: «أما العلاقات على المستوى الإقليمى، فتتحدد وفق ٤ ملفات رئيسية هى الملف الليبى، وشرق المتوسط وأمن الخليج، بجانب ملف غزة الذى يستبق كل تلك الملفات».
وأشار فهمى إلى أن تركيا عرضت أن تكون وسيطًا مع إثيوبيا فى ملف الأمن المائى، والأمر الثانى يتعلق بضم تركيا إلى الصيغة الخاصة بإقليم شرق المتوسط، خصوصًا منتدى الغاز والمنظمة الإقليمية للغاز، بما يرتب خيارات وحسابات كبيرة فى هذا السياق.
وأوضح فهمى أن الأهم فى كل هذه الملفات تحقيق مصالح مصر العليا، لافتًا إلى أن أنقرة ترغب فى دخول إفريقيا من النافذة المصرية، كما يمكن لمصر أن تلعب دورًا كبيرًا فى تطبيع العلاقة بين سوريا وتركيا وأمن الخليج.
وأشار «فهمى» إلى أن هناك العديد من مجالات التعاون المطروحة بين الجانبين المصرى والتركى، وأن الزيارة نجحت قبل أن تبدأ، مؤكدًا أن العلاقات الاستراتيجية بين مصر وتركيا تعيد بناء المعادلات الكبرى فى الإقليم، والتى يمكن أن تبنى على أسس من الواقع السياسى خصوصًا فى هذا التوقيت.
من جانبه، قال أحمد السيد، الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن زيارة الرئيس السيسى إلى تركيا هى الزيارة الرئاسية الأولى منذ ١١ عامًا، وقد أجرى الرئيس السيسى ونظيره التركى رجب طيب أردوغان محادثات مكثفة تناولت تعزيز العلاقات الثنائية وبحث القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، مثل القضية الفلسطينية.
وحول نتائج تلك الزيارة وأهميتها أضاف «السيد» أنها ترتبط بتعزيز التعاون الاقتصادى، إذ أعلن الرئيسان عن رغبة مشتركة فى رفع حجم التبادل التجارى بين البلدين من ١٠ مليارات دولار إلى ١٥ مليار دولار سنويًا، خلال السنوات الخمس المقبلة، وقد وقع الطرفان نحو ١٧ مذكرة تفاهم للتعاون فى مجالات الطاقة والدفاع والسياحة والصحة والزراعة والمالية والثقافة والتعليم والنقل، مشيرًا إلى أن هذا التعاون الاقتصادى الموسع يعكس رغبة البلدين فى تعزيز علاقاتهما التجارية والاقتصادية، بما يسهم فى تحقيق النمو الاقتصادى والاستقرار لكليهما.