رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللواء يحيى الكدوانى: إشعال الحدود جزء من مخطط لإلهاء مصر عن أداء دورها الريادى فى الدفاع عن أشقائها العرب

اللواء يحيى الكدوانى
اللواء يحيى الكدوانى

قال اللواء يحيى الكدوانى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن محاولات التسخين، القائمة حاليًا فى جميع الأزمات بالإقليم، والصراعات المتصاعدة على حدود مصر شرقًا وغربًا وجنوبًا، مفتعلة ومخطط لها بعناية لإشغال مصر عن دورها فى حل القضية الفلسطينية، وإلهائها عن الدفاع عن أشقائها بأزمات فرعية.

وأوضح «الكدوانى»، فى حواره مع «الدستور»، أن سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تقوم على وضع العراقيل أمام إتمام أى اتفاق مع الجانب الفلسطينى، والتنصل من أى التزام لتصفية القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن مصر ماضية فى استراتيجيتها الخاصة بمحيطها الحيوى، ومستمرة فى دعمها للفلسطينيين حتى نيل كامل حقوقهم المشروعة، مع العمل على تهدئة الأوضاع فى ليبيا والسودان، ومنع التدخلات الأجنبية بكل منهما.

 

■ بداية.. كيف ترى ما يحدث على جميع الحدود المصرية شرقًا وغربًا وجنوبًا؟

- لا شك أن دول الجوار المرتبطة بمصر يشتعل بها كثير من الأزمات، التى تمثل تهديدًا بكل تأكيد على الأمن القومى المصرى، لكن مصر ماضية فى استراتيجيتها الخاصة بالنسبة لمحيطها الحيوى الاستراتيجى، شرقًا وغربًا وجنوبًا.

وما يحدث حولنا هو جزء من مخطط لإشغال مصر وإلهائها عن أداء دورها الطبيعى الذى تقوم به دائمًا لمواجهة العدو الإسرائيلى، ولكن مصر مستمرة بفضل القرارات والإجراءات والتحركات المصرية من قبل جميع الأجهزة، وتعمل من أجل إنجاح سير المفاوضات فى جميع الأزمات، سواء فيما يتعلق بالمفاوضات الإسرائيلية الغزاوية، أو ما يحدث فى السودان وليبيا.

■ ما تأثير تلك التحديات على الأوضاع الداخلية وملف التنمية فى مصر؟

- بكل تأكيد أى أزمات تقود إلى عدم الاستقرار تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومى المصرى، وهذه التأثيرات قد تكون لها تداعيات اقتصادية، مثلما يحدث من تخبطات فى إقليم البحر الأحمر وضربات الحوثيين، ما أثر بشكل مباشر على حركة الملاحة وإيرادات قناة السويس.

والدولة المصرية حريصة على اتباع سياسة واعية، تتمتع بقدر كبير من المرونة والرزانة، فضلًا عن ارتباطها بالصالح العام المصرى.

ورغم أننا نمر بأزمة اقتصادية بالداخل وغلاء أسعار وتضخم ومشروعات قومية قائمة تحتاج لدعم مادى كبير، إلا أن مصر لن تنسى أجندتها الخارجية، وهى حريصة على إنجاح أى سبل للتفاوض أو السلام، مع إعلاء لغة الحوار لتهدئة الأوضاع المشتعلة بالإقليم، انطلاقًا من دورها المحورى والريادى فى المنطقة.

ومصر ماضية فى مخططها للتنمية، وهذا هو دورها الرئيسى تجاه الشعب المصرى، وسيظل المواطن المصرى فى الداخل أولوية على طاولة القيادة السياسية، وستظل مصر ماضية فى طريقها المدروس بعناية بخطط واستراتيجيات وآليات عمل مكثفة، وهذا سيكون له مردود إيجابى فى القريب العاجل، إن شاء الله.

■ إذا انتقلنا لملف الحدود الشمالية الشرقية.. كيف ترى ما يحدث فى قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى؟

- سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تقوم على وضع العراقيل لمنع إتمام أى اتفاق مع الجانب الفلسطينى، فضلًا عن أن الوفد الإسرائيلى نفسه يشكو من فرض العديد من الاشتراطات الجديدة التى لم تكن مطروحة من قبل على مائدة مراحل المفاوضات الماضية، ما يؤكد المراوغة الكاملة من قبل إسرائيل؛ لمنع حدوث أى اتفاق فى القريب العاجل.

وفى وسط كل هذه الاضطرابات، تتأثر مصر بكل تأكيد من استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، مما يمثل تهديدًا صريحًا للأمن القومى المصرى، خاصة أن أى اضطراب يحدث بالقرب من الحدود المصرية بكل تأكيد تكون له تأثيراته.

■ ما تقييمك للتحركات المصرية المستمرة فى هذا الملف ورعاية المفاوضات من أجل التوصل لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة؟

- مصر، منذ نشأة الصراع العربى الإسرائيلى، حريصة على اتباع سياسة واحدة لم تتغير ولن تتغير أبد الدهر، تقوم على دعم الشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة، والتأكيد على ضرورة الحفاظ على سيادة الشعب الفلسطينى على كامل التراب الوطنى الفلسطينى المحتل بعد حرب يونيو ١٩٦٧، وإيقاف النيران وتوصيل المساعدات الإنسانية بشكل عاجل فى قطاع غزة، ورعاية المفاوضات، رغم المراوغة الإسرائيلية المستمرة للتملص من إبرام أى اتفاق.

ومصر ماضية فى وساطتها بلا هوادة فى المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، والأطراف ذات التأثير، لا سيما على تل أبيب، من أجل التوصل إلى صيغة توافقية لوقف إطلاق النار داخل القطاع، ووقف المأساة الإنسانية التى يعيشها المدنيون الفلسطينيون، وكذلك لتجنيب المنطقة ويلات حرب إقليمية أوسع.

ولا شك أن مصر تدفع فاتورة دفاعها المستميت عن القضية الفلسطينية، وبالتالى هذا يجعلها دائمًا فى مقدمة أى اشتباكات للدفاع عن القضية الفلسطينية، والوقوف أمام قوة عالمية، كالولايات المتحدة الأمريكية، من أجل فرض رؤيتها المتوازنة السليمة تجاه حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة، فضلًا عن تأثر أمنها القومى بشكل مباشر بما يحدث من مستجدات فى هذا الملف.

■ هل ستقبل إسرائيل بوقف قريب لإطلاق النار؟

- إسرائيل لن تتحرك تجاه إبرام أى اتفاق بوقف إطلاق النار، وأهدافها بإبادة الشعب الفلسطينى بشكل جماعى لن تنتهى، كما أنها لم تحقق مخططها للتهجير والاستيلاء على الأراضى الفلسطينية وتصفية القضية بشكل نهائى، ومن ثم لن ترضخ لأى محاولات للمفاوضات، وستظل تتبع سياسة المراوغة لمجرد تعكير جو المفاوضات وتعطيلها.

وإسرائيل تحاول دائمًا اختلاق الذرائع للبقاء داخل قطاع غزة لأطول فترة ممكنة، بهدف استغلال أى فرصة قد تتم إتاحتها لتنفيذ خطتها الرئيسية من هذه الحرب، والمتمثلة فى «مخطط التهجير» لإخلاء الأراضى الفلسطينية من سكانها باتجاه مصر، لا سيما شبه جزيرة سيناء.

وفى المقابل، فإن مصر، منذ بداية القضية الفلسطينية، حريصة على إعلاء أهم شرط من شروط إنهاء مسار القضية، وهو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطين المستقلة، ومنذ اندلاع شرارة الحرب فى أكتوبر الماضى بقطاع غزة، ومصر ماضية فى استراتيجيتها التى تدعو إلى عدم التهجير وحل الدولتين وتهدئة الأوضاع وتوصيل المساعدات للشعب الفلسطينى، والتصدى لأى محاولات خبيثة وفاضحة بتهجير أهالى قطاع غزة ناحية الجنوب، أو تصفية القضية الفلسطينية دون حل.

■ بالانتقال إلى الحدود الغربية.. كيف ترى الأوضاع فى ليبيا حاليًا والتحركات المصرية تجاها؟

- الوضع فى ليبيا يحتاج للتهدئة، والمحافظة على وحدة الشعب الليبى والبرلمان الليبى والسلطة الشرعية القائمة الحالية، فالملف الليبى حساس، ويحتاج لتهدئة كاملة لإنهاء الصراع الدائر، مع ضرورة منع التدخل الأجنبى بأى شكل من الأشكال.

ومصر تعمل على منع الحرب القائمة على الأراضى الليبية، والتأكيد على الوحدة الليبية، وحق الشعب الليبى فى تقرير مصيره، بعيدًا عن أى تدخلات أجنبية تستغل الأزمة القائمة والتفتت هناك وتقوم بتنفيذ مخططات خبيثة لتدمير وتفتيت ليبيا.

والدولة المصرية حريصة على إنهاء الصراع القائم، وتوحيد الشعب الليبى والحكومة الليبية والجيش الليبى والمقدرات الليبية، وتعمل منذ اللحظة الأولى على احتواء التصعيد، والتشجيع على ضرورة وجود حل «ليبى- ليبى»، بتوافق كل الأطراف والقوى الليبية.

■ ماذا عن الوضع فى السودان على الحدود الجنوبية؟

- الحرب فى السودان أدت لنزوح أكثر من ١٫٢ مليون شخص خارج البلاد، كما أن التقديرات الدولية حول عدد ضحايا هذه الحرب تتحدث عن أكثر من ١٥٠ ألف شخص، وأخيرًا تزايدت حدة التصعيد العسكرى الداخلى مع محاولة اغتيال الفريق عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السودانى، وتوالى تصاعد ردود الأفعال بين الأطراف المتصارعة.

ومصر تقف على مسافة واحدة تجاه الجانبين المتصارعين بالسودان، وتدعو لوقف إطلاق النار بشكل سريع، والمحافظة على تدفق المساعدات الإنسانية، ومنع حدوث مجاعات للشعب السودانى الشقيق، كما أنها تفتح أبوابها على مصراعيها للاجئين السودانيين بشكل قانونى وموثق، وتعطيهم جميع التسهيلات للوصول إلى مصر.

فضلًا عن أن مصر موقعة على اتفاقية اللاجئين، وتحافظ على إنسانية المواطن السودانى القادم إليها، ولا تحتاج لإنشاء معسكرات، بل تدع القادمين إليها ينخرطون مباشرة وسط الشعب، ويحصلون على جميع الحقوق والواجبات، إعلاء لقيم الأخوة ورباط المودة والإخاء بين الشعبين المصرى والسودانى.

■ أخيرًا.. هل ترى أن هناك تربصًا بالدولة المصرية فى ظل اشتعال الأوضاع من حولها؟

- التسخين القائم حاليًا فى جميع الأزمات المحيطة بالإقليم شبه مفتعل ومخطط له بعناية، لإشغال مصر عن دورها فى حل القضية الفلسطينية، وإلهائها عن الدفاع عن أشقائها بأزمات فرعية، فى الوقت الذى تحاول فيه إسرائيل بكل سبل ومحاولات المراوغة التملص من إبرام أى اتفاق قد يؤدى إلى حل القضية الفلسطينية.

ورغم ما تمر به الدولة المصرية من صراعات محيطة، إلا أنها لن تحيد عن دورها الأساسى فى استكمال مسار دعمها الكامل والمطلق للقضية الفلسطينية، وإعادة الاستقرار لقطاع غزة، مع الوقوف بجانب الشعب الفلسطينى، وإمداده بكل ما يحتاجه من دعم مادى ومعنوى.

ماذا عن التحركات لحماية محور «فيلادلفيا»؟

- محور «صلاح الدين» بالنسبة لمصر هو مسألة أمن قومى، وهناك نص فى معاهدة ملزمة بين الجانبين الإسرائيلى والمصرى يقضى بمنع وجود أى قوات إسرائيلية على الحدود المصرية، وأن مخالفة هذا النص تعد مخالفة لاتفاقية المعابر التى أُبرمت فى عام ٢٠٠٥، وكذلك مخالفة لاتفاقية كامب ديفيد.