رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطابنا الجديد لمجلس الأمن

إثر تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبى الأخيرة، حول المرحلة الخامسة من ملء ذلك السد الذى تبنيه بلاده على النيل الأزرق، وجهّ وزير خارجيتنا، أمس، الأحد، خطابًا جديدًا إلى رئيس مجلس الأمن، أكد فيه أن السياسات الإثيوبية غير القانونية ستكون لها آثارها السلبية الخطيرة على مصر والسودان، وشدد على أن الدولة المصرية تتابع كل التطورات، عن كثب، ومستعدة لاتخاذ جميع التدابير المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها، ومقدرات شعبها ومصالحه.

كانت مصر قد أكدت، فى خطاب سابق أرسله وزير خارجيتها، أيضًا، أنها «تحتفظ بحقها الشرعى المكفول فى ميثاق الأمم المتحدة باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان وحماية أمنها القومى». وفى ذلك الخطاب، الذى تلقاه رئيس المجلس، فى ٢٩ يوليو ٢٠٢٢، دعا وزير الخارجية مجلس الأمن إلى تحمل مسئولياته والتدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسى الصادر عن المجلس نفسه، فى ١٥ سبتمبر ٢٠٢١، والذى يُلزم إثيوبيا والسودان ومصر بالتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق فى أقرب فرصة ممكنة.

مجددًا، أكد وزير الخارجية، فى خطاب أمس، رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولى، والتى تشكل خرقًا صريحًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا، سنة ٢٠١٥، والبيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن، منوهًا بأن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبى حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرسانى للسد، تُعد غير مقبولة، جملة وتفصيلًا، للدولة المصرية، وتمثل استمرارًا للنهج الإثيوبى المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم، الذى تطمح غالبية دوله إلى تعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلًا من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك.

الواقع يقول إن إثيوبيا باتت مصدرًا لبث الاضطرابات فى محيطها الإقليمى، بسياساتها الأحادية التى تخالف القانون الدولى، ومبادئ حسن الجوار، والتى كان أحدثها، وليس أولها أو آخرها، انتهاكها سيادة ووحدة أراضى دولة الصومال الشقيقة، والذى لم تتراجع عنه، ولم تستجب لكل نداءات الوساطة، الإفريقية أو العربية أو الدولية. بالضبط، كما فعلت، ولا تزال، فى قضية ذلك السد، أو بشأن مجمل ممارساتها العدائية، التى قد تؤدى إلى مواجهات عسكرية تهدد مصالح دول القارة السمراء وأمنها القومى.

المهم، هو أن الخطاب المصرى الجديد لرئيس مجلس الأمن أوضح أن انتهاء مسارات المفاوضات بشأن ذلك السد، بعد ١٣ سنة من التفاوض بنوايا مصرية صادقة، جاء بعدما اتضح للجميع أن أديس أبابا ترغب فقط فى استمرار وجود غطاء تفاوضى لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل، مع سعيها لإضفاء الشرعية على سياساتها الأحادية المناقضة للقانون الدولى، والتستر خلف ادعاءات لا أساس لها، تنطلق من حق الشعوب فى التنمية. 

إزاء تلك الادعاءات، شدّد الخطاب على أن مصر لطالما كانت فى طليعة الدول الداعمة للتنمية بدول حوض النيل، لافتًا إلى أن التنمية تتحقق للجميع حال عدم الإضرار بالغير، وتعزيز الترابط الإقليمى. كما أشار الخطاب إلى أن «اللجنة العليا لمياه النيل»، خلال اجتماعها، الأسبوع الماضى، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، لم تكتف بتأكيد حق مصر فى الدفاع عن أمنها المائى واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق ذلك، على مختلف الأصعدة، بل تناولت، أيضًا، سبل تعزيز التعاون مع دول حوض النيل، على ضوء اقتناع مصر بضرورة تضافر الجهود لاستقطاب التمويل لتنفيذ المشروعات التنموية بالدول الشقيقة، وفقًا للممارسات التعاونية المتفق عليها دوليًا، وبما من شأنه تكريس الرخاء والازدهار للجميع.

.. وأخيرًا، لعلك تعرف أن مصر لم تتناول قضية ذلك السد، أو أزمته، إلى الآن، إلا فى إطار سعيها للتوصل إلى اتفاق يحقق مصالح الشعب الإثيوبى، ويصون حياة الشعبين المصرى والسودانى، ويضمن حصة مصر التاريخية فى مياه النيل، التى كانت، ولا تزال، «خطًا أحمر»، ولن يستطيع أحد، كما تعهّد الرئيس السيسى، أن يمنع أو يأخذ نقطة واحدة منها.ش