"هذا ردنا".. هل يطوى "حزب الله" صفحة الانتقام لفؤاد شكر؟
في صباح جولةٍ جديدةٍ من مفاوضات التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة، استبق جيش الاحتلال تبادل الضربات مع "حزب الله" اللبناني الذي توعَّد منذ قرابة شهر بالرد على اغتيال القيادي العسكري فؤاد شكر، ليعلن "حزب الله" صباح اليوم، الانتهاء من المرحلة الأولى من الهجوم الجوي على إسرائيل بنجاحٍ كامل، بعد أن استهدف مواقع إسرائيلية بالصواريخ والطائرات المُسيَّرة.
فيما دعا رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى اجتماعٍ عاجل لمجلس الوزراء الأمني، مؤكدًا أن إسرائيل ستتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن نفسها.
وتعليقًا على ذلك، قال محللون لـ"الدستور"، إن رد "حزب الله" على إسرائيل في هذا التوقيت يحمل العديد من الرسائل لجيش الاحتلال، فيما يرى البعض أنه حال اكتفاء "حزب الله" بهذا الرد، فإنه من غير الوارد اتساع دائرة الحرب إلى مستوى أكبر.
محمد سعيد الرز: رد "حزب الله" يحمل رسائل عديدة
قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، محمد سعيد الرز، إن رد "حزب الله" على إسرائيل انتقامًا لاغتيال قائده العسكري فؤاد شكر قبل أكثر من شهر، حمل عدة رسائل أبرزها أنه استعاد توازن الردع الذي كان ساريًا منذ عام 2006، وشكَّل مبرر وجوده ودوره كمقاومة مُسلَّحة بعدما أُصيب هذا التوازن باختلالٍ كبير عقب عمليات الاغتيال الإسرائيلية.
وأضاف لـ"الدستور"، أن ثانية هذه الرسائل أن مسيرات "حزب الله" استطاعت الوصول إلى أطراف تل أبيب واستهدفت مركزًا حساسًا تم تأجيل الإعلان عنه عدة ساعات، إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية أشارت إلى أنه مقر للشاباك والموساد.
وأوضح الرز أن الرسالة الثالثة تتمثل في أن الرد كان محدودًا ومدروسًا، بدليل أنه اعتمد على صواريخ الكاتيوشا كمناورة للتمويه على توجه المُسيَّرات نحو هدفها الأساسي، مشيرًا إلى أن "حزب الله" لم يستخدم ما لديه من صواريخ دقيقة وذكية ذات المدى الواسع.
وأشار الرز إلى أن توقيت الرد يحمل دلالة إضافية، حيث وقع صباح الجولة الثالثة من المفاوضات الدائرة حول الحرب على غزة، ليُشكِّل نوعًا من الضغط على المفاوض الإسرائيلي المتصل بتعنت نتنياهو وشروطه التعجيزية.
وصرَّح: "نتنياهو حاول فور وقوع الضربة، أن يُضخِّم حجمها ليبرر توسعة حربه ضد لبنان ومحاولة تغيير طبيعة المواجهة على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، إلا أنه في المقابل أعلن "حزب الله" أن ما جرى يُشكِّل المرحلة الأولى من الرد، بمعنى أن ثمة توابع له في حال تمادت إسرائيل في عدوانها".
عبدالمهدي مطاوع: مستوى الصراع مازال يمكن التحكم فيه
بدوره، قال عبدالمهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، إن قيام إسرائيل بضربة استباقية بناءً على معلوماتٍ مُسبقة أمرٌ خطير يؤكد وجود معلومات استخبارية دقيقة، مشيرًا إلى أنه - حسب إدعاء إسرائيل - تم إحباط صواريخ طويلة المدى تصل إلى تل أبيب.
وأضاف لـ"الدستور"، أن رد "حزب الله" الذي تضمن 320 صاروخ كاتيوشا ليس بمستوى عالٍ، ونتائج المُسيَّرات حسب الإسرائيلين لم تقصف مناطق حيوية، بينما يقول "حزب الله" إنها مناطق حيوية وهو ما سيظهر في خطاب الأمين العام للحزب حسن نصرالله.
وأوضح أن الضربة الاستباقية الإسرائيلية مع رد الفعل المحدود مُقارنةً بالضربة الإسرائيلية، يشير إلى أن مستوى الصراع مازال يمكن التحكم فيه ما لم يسقط ضحايا مدنيين من الطرفين.
وأشار مطاوع إلى أن الرد مازال في إطار المستوى السابق وإن عَلا قليلًا، ولكن حتى الآن لا توجد مؤشرات على اتساع هذه الحرب بناءً على الفعل ورد الفعل.
وتابع: "إذا كانت حماس تعتقد أن التصعيد في الإقليم يسهم في الضغط على إسرائيل، فإن هذا الرد ربما يكبح جماح أي أفكار مُشابهة، وبالتالي ربما يدفع ذلك إلى الوصول إلى صفقة خلال الفترة المقبلة".
عبدالله نعمة: مفاوضات القاهرة عجَّلت برد "حزب الله"
يأتي ذلك فيما قال الدكتور عبدالله نعمة، المحلل السياسي اللبناني، إن المفاوضات التي تجري في القاهرة لوقف إطلاق النار غزة، هي التي دفعت "حزب الله" إلى استعجال الرد على إسرائيل، خاصة وأنها قد وصلت إلى الجزء الأخير من إبرام الاتفاق وإنهاء العمليات الإسرائيلية في غزة، ومن ثمَّ، إغلاق الجبهة الداخلية لحرب غزة.
وأضاف لـ"الدستور"، أنه في حال الانتهاء من اتفاق بشأن غزة، فإنه من المفترض وقف الحرب في الجبهة اللبنانية مع إسرائيل، لا سيما وأن الصحف الإسرائيلية قالت اليوم، إن "حزب الله" إذا أنهى رده على اغتيال فؤاد شكر، فإن إسرائيل لا تريد توسعة حرب شاملة مع لبنان، ويُنفَّذ القرار رقم 1701 بين لبنان وإسرائيل.
وشدد نعمة، على ضرورة الحذر الشديد؛ لأن إسرائيل يمكن أن تشِّن حربًا على جنوب لبنان للقضاء على "حزب الله" والتخلص منه؛ مشيرًا إلى أن رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في حاجة إلى انتصارٍ يدعم موقفه بالداخل الإسرائيلي، وهذا الاحتمال وارد خاصة بعد إغلاق محور قطاع غزة، وعندئذٍ ستستخدم إسرائيل كل قوتها تجاه لبنان، لا سيما في ظل الدعم الأمريكي القوي.
وأشاد نعمة، بجهود القيادة المصرية لإنهاء الصراع وما تحملته من ضغوطٍ كبيرة، وموقفها الثابت للحفاظ على القضية الفلسطنية.
أيمن الرقب: جرائم الاحتلال دفعت "حزب الله" إلى الرد
من جهته، قال الدكتور أيمن الرقب، المحلل السياسي الفلسطيني وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إنه بعد مرور أكثر من 3 أسابيع على اغتيال القيادي العسكري في "حزب الله" فؤاد شكر، فإن "حزب الله" حاول قدر المُستطاع أن يعطي فرصة للوسطاء لكفّ الاحتلال عن جرائمه ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، إلا أن استمرار ضربات الاحتلال دفع "حزب الله" إلى الرد.
وأضاف لـ"الدستور": "هناك روايتان، الأولى - حسب الإعلام العبري - أن "حزب الله" كان يُعِّد لضربة قاسية تستهدف مقرات مهمة في تل أبيب، إلا أن الاحتلال استبق العملية بـ45 دقيقة، وضرب أكثر من 6 آلاف منصة كانت ستنطلق منها الصواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية".
وتابع الرقب: "الرواية اللبنانية تفيد بأن العملية نجحت، وأنها نُفِّذَت قبل الهجوم الإسرائيلي الذي جاء كردة فعل، ونحن بانتظار كلمة حسن نصر الله للحديث عن هذه العملية".
وأشار الرقب إلى أن البعض يتحدث عن أن هذه هي المرحلة الأولى وهناك الخطة "ب" ستُنَفَذ مباشرةً في القريب العاجل، لكن بالتأكيد قد تكون هذه الضربة ردًا على اغتيال فؤاد شكر بعد إعلان النتائج اليوم".
ولفت إلى أن الإعلام العبري تحدث عن استهداف زورق إسرائيلي في البحر ومقتل أحد أفراد طاقمه وإصابة آخرين، ولكن دون مزيد من التفاصيل، لذلك سننتظر كلمة حسن نصر الله".
وأوضح: "إذا كان هذا هو الرد على اغتيال فؤاد شكر، فقد نشهد العودة الطبيعية إلى قواعد الاشتباك بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي كما جرت على مدار 11 شهرًا من قصف متبادل دون حربٍ إقليمية".
وأكد الرقب: "إذا كان حزب الله سيكتفي بهذا الرد، فقد نشهد العودة إلى ما كانت الأمور عليه دون الحديث عن حربٍ إقليمية، ويبقى الرد على اغتيال إسماعيل هنية على أراضيها، وسننتظر الأيام المقبلة لنرى هل بالفعل انتهى الأمر أم تسير الأمور باتجاه آخر".