رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهاشمي: الأخلاق جوهر الفتوى وأساس العمل الشرعي في عصر التحديات المعاصرة

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

على هامش فعاليات مؤتمر دار الإفتاء المصرية العالمي التاسع الذي تنظمه الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم سنويًّا، حاورت “ الدستور”، مع الشيخ علي الهاشمي، المستشار الديني لرئيس الإمارات، حول أهمية المؤتمر والعلاقة الجوهرية بين الفتوى والأخلاق التي كانت محور المؤتمر، حيث وصف الشيخ علي الهاشمي هذه العلاقة بأنها ليست مجرد ارتباط، بل هي جوهر العمل الشرعي نفسه.

وبدأ الشيخ الهاشمي حديثه بالقول إن الأخلاق هي الأساس الذي يجب أن يُبنى عليه أي حكم شرعي، قائلا: "أي أمر شرعي يجب أن يتوافق مع القيم الأخلاقية التي جاء بها القرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كرم الله سبحانه وتعالى خلقه بأخلاق عظيمة".

وأوضح أن الأخلاق ليست مجرد عنصر مصاحب للأعمال الشرعية بل هي أساسها وشرط رئيسي لنجاحها.

في السياق، استحضر الشيخ الهاشمي حادثة مهمة من حياة النبي محمد (ص) عندما نزل عليه الوحي لأول مرة، قائلا:" فبينما كان النبي يعاني من الخوف والاضطراب، جاءت السيدة خديجة رضي الله عنها لتعطيه الدعم والمواساة، ما كان له بالغ الأثر في نفس النبي (ص)، لافتًا إلى أن الأخلاق الطيبة التي قدمتها السيدة خديجة هى التي خففت عن النبي، وساهمت في تعزيز رسالته.

وأوضح الشيخ الهاشمي مفهوم "تجديد الخطاب الديني" قائلا:" إن الدين نفسه لا يتغير، موضحًا أن الدين كامل ومتكامل، وما يُسمى بتجديد الخطاب الديني هو في الحقيقة تفعيل له".

وأضاف الهاشمي أن "تجديد الخطاب الإفتائي" هو الأكثر ملاءمة في عصرنا هذا، حيث تتغير الفتاوى بتغير الزمان والمكان والظروف الاجتماعية، مؤكدا  على أهمية "فهم طبيعة المجتمعات" لتحديد كيفية تقديم الفتاوى التي تتناسب مع كل مجتمع على حدة، من الرياض إلى لندن.

وأوضح أن الفهم العميق لطبيعة المجتمعات يمكن أن يساعد المفتي في تقديم فتاوى مناسبة تلامس الواقع وتلائم الأفراد، وفيما يتعلق بالتيسير في الدين، أشار إلى أن الدين يسر، ولكن بعض الناس يسيئون فهم هذا اليسر ويطبقونه وفق أهوائهم الشخصية، مضيفًا أن التيسير يعني مراعاة الظروف الخاصة، وليس التلاعب بالدين.

أوضح علي الهاشمي أن مفهوم التيسير في الشريعة الإسلامية يتجاوز ما يظنه البعض من تساهيل سطحية، وفي سياق حديثه عن التحديات المعاصرة، أشار الشيخ الهاشمي إلى تأثير الوسائل التكنولوجية الحديثة، حيث يمكن لأي شخص، حتى وإن لم يكن داعية دينيًا معتمدًا، أن ينشر فتاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

وأضاف أن هذه الظاهرة تتطلب وعيًا وتحقيقًا دقيقًا لضمان صحة الفتاوى ومصداقيتها، مشددًا على أهمية مواجهة هذه الظواهر بحذر واتباع القنوات الشرعية الموثوقة للحفاظ على سلامة الفتاوى وأثرها على المجتمع، قائلا: يمكن تحقيق ذلك من خلال التبليغ عن هؤلاء الأشخاص وتقديمهم للسلطات المختصة.


وقال في هذا الصدد، إن التشريعات القانونية تشدد على معاقبة من يتجاوز حدود اختصاصه ويقدم فتاوى غير موثوقة، حيث يمكن أن يواجه هؤلاء الأفراد العقوبات القانونية مثل السجن أو الغرامات.

وأردف، أن الظاهرة السلبية المرتبطة بانتشار الفتاوى غير الرسمية قد تكون مفرطة وصعبة التحديد، حيث يتابع بعض الأفراد الذين يستهويهم الاتجاهات الغربية أو التوجهات المثيرة، معتبرًا أن هذه الفئة قد تستغل الدين بشكل غير لائق من خلال "جامعات الشر" التي تهاجم القيم الحسنة وتستغل اسم الدين لتحقيق أهداف ضارة.

وأوضح أنه ينبغي على الجهات المعنية مواجهة هذه التحديات بالاستناد إلى الكتاب والسنة وتبني أساليب فعالة للتصدي للأفكار الضالة والممارسات غير المشروعة.

في الختام، أعرب الشيخ الهاشمي عن تقديره لجهود العلماء ولحسن تنظيم المؤتمر، معبرًا عن أمله في أن تكون هذه الجهود سببًا في نشر الخير والفهم السليم للدين، مع التأكيد على أن الله هو الهادي إلى الصراط المستقيم.