رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إسرائيل تصطنع نصرا برأسى "هنية" و"شكر".. وخبراء يكشفون لـ"الدستور" رسائل الاحتلال

إسماعيل هنية
إسماعيل هنية

أكد خبراء وسياسيون فلسطينيون أن تنفيذ قوات الاحتلال عملية اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران أمس الثلاثاء، تزامن مع اغتيال فؤاد شكر القيادي في حزب الله في غارة جوية إسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية، وسيكون لهاتين العمليتين تبعات إقليمية ولن يتوقف الأمر عند مصير حرب غزة فقط.

إسرائيل تستر فشلها العسكري بـ«رأسي هنية وفؤاد شكر»

بداية قال الدكتور ناصر الصوير، الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني، إن اغتيال هنية يأتي في إطار رغبة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تصدير عنوان كبير للعالم أجمع أن دولة الكيان الصهيوني في طريقها إلى تحقيق نصر حاسم في هذه المعركة، من خلال اغتيال رئيس الحركة.

وتابع: كذلك توصيل رسالة إلى المجتمع الإسرائيلي مفادها أن هناك إنجازات تتحقق على الأرض، ولتعليل إطالة أمد الحرب أكثر من ذلك، وأن دولة الكيان وأجهزتها العسكرية والأمنية تحقق إنجازات يوما بعد يوم وها نحن اليوم نغتال أو نتخلص من  زعيم الحركة وقائد الحركة إسماعيل هنية.

وأضاف “الصوير” في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الأمر الثاني موجه إلى الداخل الفلسطيني والمقاومة، لإضعاف الروح المعنوية للمقاومة، وتوصيل رسالة بعنوان "قتلنا زعيم حركتكم"، فبالتالي يشتد الضغط على المقاومة وتتراخى في مطالبها أو تتنازل عن مطالبها التي يعلن نتنياهو برفضها في المفاوضات التي  تهدف إلى تحقيق هدنة أو إنهاء الحرب.

وتابع : “الأمر الثالث شخصي يخص نتنياهو، أنه يريد تعزيز مكانته في المجتمع الصهيوني، حتى لو انتهت الحرب تكون إنجازاته التي حققها على جرائمه وعلى  ما ينتظره من تحقيقات بخصوص السابع من أكتوبر، وقضايا الفساد الأخرى التي تحكم قبضتها عليه”.

اغتيال فؤاد شكر

وحول عملية اغتيال فؤاد شكر القيادي في حزب الله مساء الثلاثاء في بيروت بالضاحية الجنوبية،  قال “الصوير” إن اغتيال فؤاد شكر الرجل العسكري المستشار المباشر لحسن نصر الله، زعيم حزب الله، ضربة جديدة موجعة وانتكاسة كبيرة لحزب الله، لأن الوصول إلى الرجل الثاني في الضاحية الجنوبية هو رسالة إسرائيلية بأننا نستطيع أن نصل إليك يا حسن نصر الله، ونستطيع أن نتخلص منك كما تخلصنا من صالح العاروري في الضاحية الجنوبية، نائب إسماعيل هنية.

وأضاف: "إذا هي رسالة بلطجة إلى العالم وإلى الرأي العام العربي والعالمي، بأن إسرائيل لهيت طولا، ولا أن السابع من أكتوبر كان هزيمة استراتيجية بل كان عبارة عن جولة أو انتكاسة سرعان ما استيقظت منها دولة الكيان، وها هي الآن تسرح وتمرح في كل أنحاء العالم، والذي يؤكد ذلك اغتيال رئيس حركة حماس في قلب طهران، وهذا يعتبر انتكاسة أيضا لإيران ولأجهزتها الأمنية التي لم تستطع أن تحمي ضيفا عندها وهو زعيم لحركة حماس".

وواصل أن اغتيال هنية هو رسالة للرأي العام الصهيوني حتى يثبت نتنياهو مكانته وتترسخ مكانته كزعيم، وهو يسمى في دولة الكيان قبل حرب السابع من أكتوبر، رجل الأمن، وتعزيز مكانته في الرأي العام العالمي يقول لهم أن دولة الكيان لم تتزعزع، وترميم صورة الجيش وأجهزتها الأمنية التي قهرت في السابع من أكتوبر، وبنفس الوقت يريد أن يوصل رسالة نفسية إلى المقاومين في غزة وإلى قيادة المقاومة، بأن الخناق يشتد عليهم، ويجب أن يتنازلوا أكثر أو يستسلموا.

3 أهداف لـ«اغتيال هنية» في طهران.. أخطرها «الورطة الإقليمية»

بينما  قال الكاتب السياسي الفلسطيني عزيز العصا، ان عملية اغتيال هنية تأتي ضمن مسلسل الاختراق الأمني الإسرائيلي لأجواء إيران وأراضيها ومؤسساتها، وهو استمرار لمسلسل اغتيالاتها على الأراضي الإيرانية، وشملت علماء وشخصيات سياسية إيرانية، حتى أن حادث طائرة الرئيس الايراني مؤخرا "كانت بفعل فاعل".

وأضاف “العصا” في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن هذا يعني أن إيران مطالبة برفع وتيرة إجراءاتها الأمنية لحماية أمنها الداخلي، الذي أثبت هشاشته باغتيال إسماعيل هنية في غرفة نومه بطهران.

أكد أن إسرائيل معنية بالتصعيد على جميع الجبهات، لكي تتحرر من أي التزام بتنفيذ صفقة مع المقاومة الفلسطينية، لأن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته غير معنيين مطلقا بالمحتجزين لدى المقاومة، كما أن إسرائيل تسعى إلى السيطرة التامة على جغرافية غزة لتوظيفها لأغراضها التوسعية والاقتصادية.

تداعيات اغتيال هنية على الحرب في غزة

فيما قال الدكتور جهاد أبو لحية أستاذ القانون والنظم السياسي الفلسطيني، إن اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران يعتبر جريمة بشعة وشنيعة، حيث اخترقت إسرائيل القانون الدولي الذي يكفل سيادة كل دولة على أراضيها وحقها في حماية كل من هو على إقليمها بما فيها الضيوف، فالجريمة هذه تشكل اختراق واضح للقانون الدولي.

وأضاف “أبو لحية” في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن اغتيال هنية يعد ضربة قوية لمسار التفاوض الذي كان يسير على مدار شهور من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار، حيث تعتبر هذه الجريمة نسف لكل الجهود التي بذلها الوسطاء وتأكيد على أن نتنياهو لم يكن جاد في الوصول إلى اتفاق وأنه كان يماطل من أجل أن يكسب الوقت لينفذ جرائمه ومخططاته.

وأشار أبو لحية، إلي أن إيران مطالبة بالرد على هذه الجريمة وذلك لأن مسؤولية الحماية لكل من هو على أرضها  يقع على عاتقها وبالتالي فشلها في حماية شخصية كبيرة مثل هنية يعتبر فشل كبير، وانتهاك لسيادة إيران وبالتالي هي مطالبة بوجوب الرد لإعادة الاعتبار لنفسها قبل أي شيء  آخر.

وحول رد فصائل المقاومة الفلسطينية، قال أبو لحية إنها حتمًا سوف يكون لها رد على هذه الجريمة وذلك من خلال الميدان الذي هو في حالة حرب منذ ١٠ شهور وبالتالي فالرد على هذه الجريمة سوف يكون قاسٍ كما أعلنت عدد من الفصائل الفلسطينية.

واختتم السياسي الفلسطيني تصريحاته قائلا: "للرد على هذه الجريمة الكبيرة فإنه يتوجب علينا كفلسطينيين أن نتوحد لنواجه هذا التطور الخطير في المواجهة مع الاحتلال ويجب أن تكون دماء هنية محفزة نحو وحدة وطنية حقيقية، حيث الكل الفلسطيني في أي مكان بالعالم هو محل استهداف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي".

آثار اغتيال هنية علي الهدنة والحرب في غزة

فيما قال ثائر نوفل أبوعطيوي الكاتب الصحفي ومدير مركز العرب للأبحاث والدراسات في فلسطين  إن اغتيال هنية في سوف يؤثر على مجرى المفاوضات القائمة من خلال الوسطاء للوصول إلى اتفاق يؤدي إلى صفقة تبادل ووقف إطلاق النار.

وأوضح في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن اغتيال "هنية " بالتزامن مع التصعيد على الجبهة الشمالية اللبنانية واغتيال "فؤاد شكر" القيادي البارز في حزب الله، كلها تؤثر على سير المفاوضات لأن كل الخطوط مفتوحة مع بعضها ومتشابكة مع بعضها البعض،فلهذا اي عملية تصعيد مع إسرائيل  أو من إسرائيل على أي جبهة من الجبهات، وأي محاولة اغتيال بالطبع كلها ستعرقل سير العملية التفاوضية، والتي من الممكن أيضا أن توقفها لفترة طويلة، أو من الممكن أن تنسف وتفشل كافة جهود الوسطاء التي تسعى لاستمرار مفاوضات صفقة التبادل وإنجاز اتفاق يؤدي للهدنة ووقف إطلاق النار على قطاع غزة.

واعتبر أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس  على الأراضي الإيرانية تعتبر ضربة قوية لطهران ولسمعتها على مستوى الأمن القومي الإيراني.

وتابع "اذن لا أعتقد أننا سنشهد خلال الأيام المقبلة أو حتى الأسابيع المقبلة الحديث عن سير مفاوضات صفقة التبادل وعن إنجازات لها، نظرا لعملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس،الذي من المحتمل أن تتوقف جهود الوسطاء ومفاوضات صفقة التبادل إلى فترة محددة، وبعد من الممكن استئناف عجلة مفاوضات الصفقة، وهذا أيضا كله مرهون بتطورات الأوضاع الميدانية على أرض سواء في قطاع غزة أو في الجبهة الشمالية اللبنانية مع حزب الله:"

وأضاف "الاحتمالات القائمة حسب وجهة نظري أنه سوف يتم الضغط على كافة الجبهات وقواعد الاشتباك والتصعيد من قبل الدول العربية والعالمية لتجنب خطورة الانزلاق نحو هاوية التصعيد وفتح جبهة حرب ومواجهة ممكن أن تكون اقليمية لا يعلم احدا متى وكيف ستكون نهايتها؟، فلهذا احتمالات الضغط بالعودة للهدوء وخفة حدة التصعيد خصوصا على الجبهة الشمالية اللبنانية وارد، وخصوصا من فرنسا لما لها من ترتيب أوراق وملفات الشأن اللبناني وعلاقتها مع كافة الأطراف اللبنانية، التي يعطيها مساحة من التدخل والضغط أيضا على إسرائيل من جهة أخرى بعدم التصعيد من جديد على الجبهة الشمال". 

وقال إن حكومة الاحتلال الإسرائيلى غير معنية بفتح جبهة قتال واسعة وذات مواجهة مفتوحة، بل أصبح واضحا أنها كانت ومازالت ترغب بالرد المحدود ذات الهدف والمكان والزمان المحدد.

وأشار أبو عطيوي إلى أن استمرار الحرب والعدوان المتواصل للشهر العاشر على التوالي على قطاع غزة وفي ظل حالة التصعيد الإسرائيلية وسياسية الاغتيالات، ستؤثر على قطاع غزة في عدة اتجاهات، فمن المحتمل أن تزداد حدة التصعيد والعدوان أكثر على غزة في ظل وضع إنساني صعب ومرير للغاية يعيشه أكثر من مليون ونصف نازح يعيشون في الخيام ومراكز الإيواء، وكذلك لن نسمع عن اخبار جديدة لسير مفاوضات صفقة التبادل إلا بعد فترة زمنية ليست بالقريبة

اغتيال هنية تطور خطير في مسار الحرب

من جهته، قال الدكتور عماد عمر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن عملية اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس تعد تطور خطير في مسار الحرب التي تخوضها اسرائيل ضد الفلسطينيين وتحمل رسائل عدة لايران واذرعها في المنطقة وخاصة حزب الله.

وأوضح عمر في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن اسرائيل ارادت توصيل رسالة لايران بانها قادرة على استهداف اي شخص حتى وان كان داخل الاراضي الايرانية خاصة ان عملية الاغتيال جرت في العاصمة الايرانية طهران وان هنية كان تحت حماية الحرس الثوري الإيراني.

واكد عمر أن عملية اغتيال هنية ستوقف مسار المفاوضات حول التهدئة وربما تدخل المنطقة في موجة من التصعيد وخاصة انها جائت بعد اعتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر واستهداف ميناء الحديدة اليمني.

وعن خليفة هنية لرئاسة المكتب السياسي قال عمر ان القيادة في حماس ستكون جماعية في ظل غياب صالح العاروري النائب لرئيس المكتب السياسي الذي استشهد في بداية الحرب في الضاحية الجنوبية من بيروت.

الاغتيالات الحلقة الأصعب في الحرب الجارية

فيما قال الدكتور ماهر صافي الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن خطة الاغتيالات والمطاردة التي وعد بها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمثل الحلقة الأصعب في سيناريو الحرب الجارية، العقلية الاسرائيلية الدموية لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستستمر كجزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع.

‎وأضاف صافي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن عملية اغتيال إسماعيل هنية ستؤثر بالسلب على المحادثات الجارية لوقف إطلاق النار مقابل الإفراج عن المحتجزين، مشيرا إلي أن عمليات الاغتيال  تضع عراقيل أمام الجهود الدبلوماسية وتزيد من تعقيد الوضع وهذا ما يريده نتنياهو هو إطالة امد الحرب والمراوغة والتهرب من المفاوضات والمقترحات المطروحة للحل.

‎وأكد صافي أن استمرار هذه العمليات من شأنه أن يدفع نحو توسعة الحرب في أكثر من جهة سواء مع حزب الله او محور المقاومة وايران، وهو أمر يمكن أن يغير المعادلة في المنطقة بشكل جذري، ويوسع دائرة  الصراع قد يؤدي إلى اشكاليات وتداعيات خطيرة وكبيرة على الاستقرار الإقليمي.

‎وشدد صافي علي أن اغتيال هنية ليس مجرد حدث عابر، بل يحمل في طياته إشارات ورسائل خطيرة جدا بشأن مستقبل المنطقة والعلاقات الدولية والإقليمية التي حتمًا ستغير معادلة التفاوض ورد الفعل الذي من الممكن أن تدفع إسرائيل ثمنه داخليا وخارجيا لأنها اختارت المواجهة الشاملة الساعات القادمة فيها الكثير من ردات الفعل على عملية الاغتيال الجبانة سواء داخل فلسطين او خارجها.

وأوضح صافي أن عملية الاغتيال تضع إيران تحت المجهر والمسئولية الكاملة عن سلامة ضيوفها لأن عملية الاغتيال في مقر إقامته في طهران يعتبر اختراق كبير للمنظومة الأمنية الإيرانية.