اغتيال السنوار لن يُوقف الحرب الإسرائيلية
هل اغتيال يحيى السنوار يوقف الحرب الإسرائيلية؟! سؤال يطرح نفسه بكل قوة فى ظل هذه الأوضاع التى تشهدها المنطقة حاليًا.. وللإجابة عن هذا التساؤل لا بد من تحليل المشهد الراهن.
من وجهة نظر حماس، فإن هناك ألف سنوار سيظهر طبقًا لفكر الحركة. ومن وجهة نظر أمريكا والمجتمع الدولى، الأمر يحتاج إلى تساؤل آخر، وهو: هل فعلًا المجتمع الدولى لديه الرغبة فى إنهاء هذه الحرب؟، وهل كان السنوار هو العقبة التى تقف فى وجه المفاوضات والمباحثات والمبادرات الكثيرة التى تم طرحها؟. هذه أسئلة لها علاقات قوية بالمشهد الراهن. لذلك نجد أن حركة حماس التى كان يمثلها فى الأساس السنوار قبلت المفاوضات وتم رفضها رفضًا تامًا من جانب الاحتلال الإسرائيلى. وكان آخرها المبادرة الأمريكية بالوساطة المصرية والقطرية.
وهناك رأى آخر داخل الأوساط الأمريكية فى انتظار الإجابة عن هذا التساؤل، هذا الرأى يختلف كلية فى العلن عن الخفاء، فما تعلنه الإدارة الأمريكية شىء والواقع شىء آخر. وقلت مرارًا وتكرارًا إن وقف الحرب الإسرائيلية هو بيد الولايات المتحدة وحدها، فلو أرادت أوقفتها، لكنها لا تريد ذلك.
وبالتالى، فإن اغتيال السنوار لن يمنع أبدًا وقف الحرب، بل ستستمر على وتيرتها لأسباب كثيرة، يأتى على رأسها أن الولايات المتحدة التى صنعت الإرهاب فى المنطقة تأكدت أنه لن يحقق ما تبتغى، وفشلت فى التجربة منذ عام ٢٠١١، لإعادة تخطيط المنطقة من جديد. ولم تجد أمامها سوى إسرائيل التى تنفذ تعليماتها وتؤيدها وتمدها بالأسلحة وتحفظ لها اقتصادها الذى يخوض حربًا منذ عام، يعنى الاحتلال الصهيونى بديل للجماعات الإرهابية، على رأسها الإخوان التى اعتمدت عليها أمريكا، وفشلت هذه الجماعات الإرهابية فى تنفيذ المخطط الأمريكى كما ينبغى، لكن الاحتلال الإسرائيلى هو الملاذ الوحيد الذى ترى أمريكا أنه يحقق لها ما تبغى من خلال التوسع فى المنطقة العربية واحتلال المزيد من الأراضى وإثارة الفوضى، وفى نفس الوقت يحقق الاحتلال لها ما تريد.
وبالتالى نجزم بأن الحرب الإسرائيلية لن تنتهى وستستمر بغياب السنوار أو من يخلفه!. إن الرغبة الأمريكية هى استمرار هذه الحرب لإعادة تخطيط المنطقة من جديد، وتلك هى الكارثة الحقيقية، وتلك هى التحديات الصعبة التى تحدث فى المنطقة.
ولا يغرنكم إعلان البيت الأبيض أن السنوار كان «العقبة الرئيسية» أمام اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار فى غزة.
ولا تصدقوا حديث المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربى، بأن الرئيس جو بايدن يعتقد أن هناك فرصة فريدة للتوصل إلى وقف إطلاق النار بعد مقتل السنوار، وإنهاء الحرب فى غزة.
وليس صحيحًا ما قاله وزير الدفاع الأمريكى، لويد أوستن، إن اغتيال زعيم حركة حماس يوفر فرصة استثنائية لإنهاء هذه الحرب.
والدليل أن أمريكا تدعم بشكل كامل إسرائيل بوجود قواتها بالمنطقة، وبتوجيه من الرئيس بايدن، وتقف على أهبة الاستعداد للدفاع عن إسرائيل.
أما تل أبيب، فتعتقد أن اغتيال السنوار سيحقق لها انتصارًا ميدانيًا تستطيع استثماره سياسيًا فى الداخل، لا سيما أن نتنياهو يسعى إلى تحقيق أى إنجاز فى الحرب. وأما خارجيًا، فيعتقد البعض، وعلى رأسهم يائير لبيد زعيم المعارضة، أنه تجب الاستفادة من عملية الاستهداف هذه للضغط أكثر على حماس من أجل إطلاق فورى للأسرى لديها.
الغريب أن الاحتلال الإسرائيلى الذى استوطن فلسطين منذ ما يقارب الثمانين عامًا، لم يتعلّم أن روح النضال عند الشعب الفلسطينى لا تموت فى الدفاع عن أرضه حتى تتحرر. ويبقى الحل الوحيد هو وقف هذه الحرب الإسرائيلية البشعة فورًا، ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتفعيل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وتلك هى الرؤية المصرية الثاقبة التى لا تتغير ولا تتبدل، وستظل ثابتة حتى يحصل الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة كاملة.