"صعود المال.. التاريخ المالى للعالم".. كتاب يكشف سيناريو انقراض المؤسسات المالية
يذهب كتاب"صعود المال..التاريخ المالي للعالم"، الصادر عن منشورات كلمة ، ومن ترجمة محمود عثمان حداد، للكاتب والمؤرخ الأكاديمي البريطاني نيال كامبيل فرجسون أستاذا التاريخ وإدارة الأعمال في جامعة هارفارد، والذي سبق وكتب “مأساة الحرب: تفسير الحرب العالمية الأولى”، و"آل روتشيلد: أنبياء المال ومصرفيو العالم".
وأكد فرجسون، أن وراء كل ظاهرة تاريخية سر مالي، وذهب الكتاب إلى تسليط الضوء على أهم هذ الظواهر وأسرارها، فعلى سبيل المثال، أوجد عصر النهضة ازدهارًا كبيرًا في سوق الفن والهندسة المعمارية، لأن المصرفيين الايطاليين، مثل آل ميديتشي Medici، جمعوا ثروات من خلال تطبيق الرياضيات الشرقية على المعاملات المالية، أما الجمهورية الهولندية فتفوقت على إمبراطورية الهابسبورغ، لأن امتلاك أول بورصة عالمية حديثة كان أفضل، من الناحية المالية، من امتلاك أكبر منجم للفضة في العالم.
ويشير إلى أن مشكلات الملكية الفرنسية لم يكن بالإمكان حلها دون ثورة؛ لأن قاتلًا اسكتلنديًا محكومًا ألحق أكبر الضرر بالنظام المالي الفرنسي، من خلال المساهمة في أول فقاعة وانهيار البورصة عالمية.
وكان ناثان روتشيلد، مثله مثل أمير ويلينغتون، هو من هزم نابليون في معركة واترلو. وكان الغباء المالي ودورة ذاتية التدمير من عدم القدرة على تسديد الديون وخفض قيمة العملة، ما حول الأرجنتين من سادس أغنى بلد في ثمانينيات القرن التاسع عشر.
ويذهب الكاتب والمؤرخ البريطاني نيال كامبيل فرجسون إلى أنه في ٢٠٠٧ وصل الدخل الصافي لبنك جولد مان ساكس إلى ٤٦ مليار دولار، أي مايزيد على إجمالي الناتج المحلي لأكثر من مائة دولة، وقد تجاوزت قيمة أصول البنك لأول مرة إلى حد التريليون؛ إلا أن لويد بلانكسفابن المدير التنفيذي للبنك، لا يزال بعيدا عن أن يكون أكثر الموظفين دخلا في العالم فقد كسب جورج سورس، مدير صندوق التحوط المتمرس، و٢،٩ مليار دولار في ذلك العام،.
أما كين غريفين مدير مجموعة سيتادل شأنة شأن مؤسسي صندوقين مهمين آخرين للتحوط، فقد حصل على ٦٩٠٧٥٧ دولارا وهو أقل من مبلغ ٢٩٠ مليون دولار الذي حققه في السنة السابقة في الوقت ذاته هناك نحو مليار إنسان حول العالم يكافحون للحصول على دولارا واحد يوميا.
ويلفت الكاتب إلى أن تمويل الكوكب آخذ في تقزيم الكرة الأرضية ذاتها، ويبدو أن دوران التمويل على مستوى الكرة الأرضية أسرع كذلك، وعلى حد تعبير الكاتب كل يوم ينتقل، في أسواق الصرف الأجنبي، حوالي تريليونا دولار من يد إلى يد، وفي كل شهر يتم تناقل 7 تريليونات دولار في البورصات العالمية، وفي كل دقيقة من كل ساعة، من كل يوم، ومن كل أسبوع، هناك شخص في مكان ما يقوم بعملية تجارية، وفي كل الاوقات تنشأ اشكال جديدة من الحياة المالية.
ويرى فرجسون أن التاريخ المالي يبدو في حالة كلاسيكية للتطور، أثنا حدوثه وأن كان ذلك ضمن إطار زمني أضيق بمكثير كن التطور في العالم الطبيعي، فهو يوافق ما ذهب إليه أنطوني دبليو رايان مساعد وزارة الخزانة الأمريكي أمام الكونجرس في سبتمبر 2007، كما تنقرض بعض المخلوقات في الطبيعة، فإن بعض تقنيات التمويل الجديدة قد يثبت أنها أقل نجاحه مقارنة بغيرها.
ويذهب المؤلف إلى أن انقراض المؤسسات المالية سيناريو يجب أن يقلقنا باعتباره أحد الكوارث الأخرى التي يصنعها الإنسان ببطء، وبشكل مؤلم داخل النظام المالي العالمي.
والكتاب الذي يأتي في في 378 ورقة من القطع المتوسط، ليس مجرد كتاب في الاقتصاد بل هو سياحة فكرية ومعرفية مشغولة تتجاوز الحديث بالأرقام إلى ربط الاقتصاد بالتاريخ والجغرافيا ومنهم إلى الإشارة لمعالجات السينما والمسرح لقضايا الاقتصاد وأزماته.
ويؤكد فرجسون على أنَّ الحركة المالية هي أساس التطوّر الإنساني، كما يظهر أنَّ تاريخ المالية هو الأساس الذي ينطلق منه أي تاريخ آخر، من خلال منظار فرغسن تبدو المحطات التاريخية المألوفة بحلة جديدة فيها تركيز أقوى على الظروف المالية السائدة وقتها.