أيام الثقافة الصربية
بعرض الفيلم الصربى «الملك بيتر الأول»، فى المسرح الصغير، بدار الأوبرا المصرية، انتهت مساء أمس، الجمعة، فعاليات «أيام الثقافة الصربية فى مصر»، التى نظمتها وزارة الثقافة المصرية، بالتعاون مع نظيرتها الصربية، وشاركت فيها وزارة الخارجية والهيئة العامة لتنشيط السياحة، احتفاءً واحتفالًا بذكرى مرور ١١٦ سنة على بدء العلاقات الدبلوماسية بين مصر ووريثة الاتحاد اليوغوسلافى السابق.
بدأت الفعاليات، صباح الأربعاء الماضى، بندوة عنوانها «حركة عدم الانحياز ودورها العالمى»، استضافها المجلس الأعلى للثقافة، وأدارها الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب، جامعة القاهرة، الذى تناول فى مقاله، الذى نشرته «الدستور»، أمس، «السياق التاريخى المرعب»، الذى قام فيه عدد من زعماء الدول المستقلة عن الاستعمار، وعلى رأسهم جمال عبدالناصر والرئيس اليوغوسلافى جوزيف تيتو، وجواهر لال نهرو، رئيس وزراء الهند، والرئيس الإندونيسى أحمد سوكارنو، بتأسيس هذه الحركة، التى لا تزال على قيد الحياة، داعيًا إلى تفعيل دورها، أو إعادة الروح إليها من جديد، لعلّها تتمكن من استعادة دورها المشرِّف القديم، وتجنيب العالم سيناريو يوم القيامة.
صباح اليوم نفسه، يوم الأربعاء، أقامت دار الكتب والوثائق القومية، بالتعاون مع الأرشيف الوطنى الصربى، معرضًا لوثائق حركة عدم الانحياز، ومجموعة صور للمؤتمر الأول لرؤساء دول الحركة، الذى استضافته بلجراد، سنة ١٩٦١، وبـ«تحيا صربيا.. تحيا مصر»، أنهت تمارا فوتشيتش، قرينة الرئيس الصربى، كلمتها خلال «الاحتفالية الفنية الكبرى»، التى أقيمت بدار الأوبرا، أمس الأول الخميس، وأعربت عن سعادتها بعرض جزء من تراث صربيا الثقافى وتقريب هذا التراث للشعب المصرى.
فى مثل هذا الشهر، منذ سنتين، قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة الدولة الصديقة، التى توطدت علاقاتنا بها فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، حين جمعت رئيسها جوزيف تيتو علاقة صداقة وثيقة بالرئيس جمال عبدالناصر، جرت ترجمتها فى العديد من الاتفاقيات: اتفاقية الخدمات الجوية فى ٢٠ فبراير ١٩٥٥، واتفاقية التعاون الثقافى فى ٢٢ ديسمبر ١٩٥٨، وفى ٢١ مارس ١٩٦١ تم توقيع اتفاقية إنشاء اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى. إضافة إلى مشاركة الرئيسين، كما أشرنا، فى تأسيس حركة عدم الانحياز، أو الطريق الثالث للدول التى قررت عدم الانضمام إلى الكتلتين، الشرقية أو الغربية، خلال الحرب الباردة.
مع تحركات كثيرة قامت بها دولة ٣٠ يونيو، لاستعادة دور مصر المحورى، إقليميًا ودوليًا، التفتت إلى هذا الإرث التاريخى، واستقبل الرئيس السيسى، فى ٢٣ سبتمبر ٢٠١٤، الرئيس الصربى السابق، توميسلاف نيكوليتش، فى نيويورك، على هامش أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبحثا سبل الارتقاء بالعلاقات الثنائية وآفاق التعاون المنشودة، وتوافقت رؤى الرئيسين بشأن أهمية مواصلة المشاورات السياسية، وتفعيل اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى والفنى والعلمى.
استمرارًا لاستعادة، أو استثمار، هذا الإرث التاريخى، واستكمالًا لجهود دفع التعاون الثنائى بين البلدين الصديقين، استجاب الرئيس السيسى لدعوة الرئيس الصربى ألكسندر فوتشيتش، وقام بزيارة بلجراد، فى يوليو ٢٠٢٢. وعقد الرئيسان جلسة مباحثات، تناولت سبل دفع وتعزيز علاقات التعاون فى مجالات التجارة والاستثمار والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وتطرقت، أيضًا، إلى مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما شهد الرئيسان توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وبرامج التعاون، وتشاركا فى افتتاح منتدى الأعمال المصرى الصربى، وفى وضع إطار استراتيجى متكامل للشراكة بين البلدين، تضمنه إعلان مشترك، حمل تصورًا لمختلف أوجه ومجالات التعاون، وسبل دفعها فى الفترة المقبلة، بما يمهد لمرحلة جديدة من الشراكة تتناسب مع إمكانات البلدين وقدراتهما وتحقق مصلحة شعبيهما.
.. وتبقى الإشارة إلى أن فيلم «الملك بيتر الأول»، King Petar the First، الذى انتهت به فعاليات «أيام الثقافة الصربية فى مصر»، أخرجه بيتار ريستوفسكى، Petar Ristovski، سنة ٢٠١٨، عن رواية لميلوفان فيتيزوفيتش، Milovan Vitezovic، صدرت سنة ١٩٩٤، تتناول جانبًا من حياة ذلك الملك، الذى حكم مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين، «مملكة يوغوسلافيا» لاحقًا، بين عامى ١٩٠٣ و١٩٢١، وأعاد إعمارها، وقاد جيشها فى الحرب العالمية الأولى.