رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الملتقى اللاتينى والانتخابات الرئاسية فى المكسيك

أعلن الحزب الحاكم فى الولايات المتحدة المكسيكية "32 ولاية" والمعروفة بدولة المكسيك، فى أوائل يونيو، عن فوز اليسارية "كلوديا شينباوم" فى الانتخابات الرئاسية لفترة ست سنوات، بأكثر من 59% بفارق كبير على منافستها اليمينية "29%".
ويعتبر هو الفوز الأول لأول امرأة تصل إلى رئاسة البلاد، وهى عالمة فيزياء وأيضًا عالمة فى المناخ والبيئة والطاقة النظيفة، وكانت ناشطة فى الحركة الطلابية عام 1986، كما أنها عملت فى ملف البيئة وكانت حاكمة لمدينة مكسيكو.
تعتلى كلوديا شينباوم الرئاسة وسط تحديات كثيرة، منها العجز المالى، التاريخى، ومديونية شركة النفط الوطنية "بيميكس" الكبيرة، وذلك بجانب الوفاء بوعودها الانتخابية بتعزيز البرامج الاجتماعية، والقضاء على العنف الداخلى، والذى وصل إلى 80 جريمة قتل يوميًا، وذلك بمعالجة أسباب العنف، من خلال حل مشكلة الفقر عن طريق، توفير فرص العمل مع تدريب العمالة، وتواجه مشكلة ارتفاع تكاليف المعيشة مع قلة الدخل، هذا بجانب زيادة عناصر الأمن وتنمية مهاراتهم، مع عدم إفلات المجرمين من العقاب.
كما تواجه رئيسة البلاد العديد من الملفات، وفى مقدمتها ملف الهجرة وتهريب المخدرات، وتهريب السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية إلى العصابات المكسيكية، والذى ساعد على رفع معدلات جرائم عصابات الجريمة المنظمة، وتهريب النقود، والاتجار بالبشر، بجانب ملف العلاقات الأمريكية المكسيكية، وملف اتفاقية التجارة المكسيكية مع الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
وبهذه المناسبة أقام الملتقى اللاتينى ندوته الشهرية فى يوم الثلاثاء 25 يونيو 2024، تحت عنوان "الانتخابات الرئاسية فى المكسيك"، وسط حضور عدد كبير من السياسيين، والصحفيين، والأكاديميين المعنيين بشئون دول أمريكا اللاتينية. ونشير إلى أن الملتقى اللاتينى مبادرة من برنامج الشئون اللاتينية بمركز الحوار، لتسليط الضوء على شئون القارة اللاتينية، والعلاقات المصرية اللاتينية، ويعقد ندوته فى الثلاثاء الأخير من كل شهر.
فى مستهل كلمته فى الملتقى اللاتينى الخامس، رحب الأستاذ محمد ربيع "مساعد مدير المركز للشئون اللاتينية، ومدير تحرير مجلة شئون لاتينية" بالحضور، وقال "إن الانتخابات الرئاسية فى المكسيك أسفرت عن وصول أول قيادة نسائية، وأن أمام هذه القيادة مهام وتحديات كثيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية ودبلوماسية".
قدم السفير يوسف مصطفى زادة، سفير مصر لدى دولة البرازيل سابقًا، عرضًا هامًا ووافيًا عن دولة المكسيك، حيث قدم نبذة تاريخية عن المكسيك أوضح فيها أن الولايات المتحدة المكسيكية "المكسيك" جمهورية دستورية فيدرالية فى قارة أمريكا الشمالية "32 ولاية"، يحدها من الشمال الولايات المتحدة الأمريكية، ومن الجنوب والغرب المحيط الهادى، ومن الجنوب الشرقى جواتيمالا والبحرالكاريبى ومن الشرق خليج المكسيك، مساحتها "2 مليون كيلو متر مربع"، وتعتبر خامس أكبر بلد فى الأمريكتين، وعدد السكان 127،5 مليون نسمة فهى الـ"11" عالميًا من حيث عدد السكان.
وظلت المكسيك مستعمرة إسبانية تابعة للتاج الإسبانى منذ عام 1521، إلى أن نالت استقلالها عام 1821، وخلال هذه الفترة مرت بالعديد من الاضطرابات والحروب الأهلية بل والتنازل عن جزء من أراضيها لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، مما دفع الشعب للقيام بالثورة عام 1910، وصدر الدستور عام 1917، فى بدايات القرن العشرين.
وأضاف السيد السفير يوسف زادة: تعتبر المكسيك من الاقتصادات الكبرى، فهى الـ"13" فى العالم من حيث الناتج المحلى الإجمالى، وثانى أكبر اقتصاد فى دول أمريكا اللاتينية، وانضمت المكسيك إلى المجموعات الاقتصادية المختلفة، فهى أول عضو من دول أمريكا اللاتينية ينضم لمظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عام 1994، وعضو مجموعة العشرين، ومجموعة الثمانية زائد خمسة، وعضو منظمة الدول الأيبيرية الأمريكية، ويرتبط اقتصاد المكسيك بقوة بشركائها فى اتفاقية التجارة الحرة فى أمريكا الشمالية. 
واستكمل الحديث السفير عبدالفتاح عز، سفيرمصر لدى دولة كوبا سابقًا، موضحًا أن السياسة الخارجية للمكسيك تتأثر بالموقع الجغرافى، حيث يحدها من الشمال دولة الولايات المتحدة الأمريكية، "التى تعتبر أن أمريكا اللاتينية الحديقة الخلفية لها"، ومن الجنوب دول أمريكا الوسطى ومعظمها دول ضعيفة، ويعيش فى الجبال العالية الشعوب الأصلية، كما تنتشر الأنهار والبحيرات فى أراضى المكسيك، وأشار السيد السفير إلى أن المكسيك دعمت فى أوائل الستينيات الحكومة الكوبية، ودعمت الثورة فى نيكارجوا أواخر السبعينيات، كما ساندت الجماعات الثورية اليسارية فى السلفادور خلال التسعينيات، وتتعاون مع منظمة الكاريبى ودول أمريكا اللاتينية. 
وأوضح السفيرأن المكسيك دولة تقوم سياستها الخارجية على عدم التدخل فى شئون الغير، والتمسك بالقانون الدولى وحل الأزمات والمشكلات بين الدول سلميًا، كما أن المكسيك متقدمة اقتصاديًا، فهى عضو فى مجموعة العشرين، ولها علاقات قوية بالدول العربية ومصر منذ عهود قديمة.
وأكد السفير عز على كلام السفير زادة الخاص بتهريب المخدرات المصنعة كيماويًا والهيروين، وتهريب السلاح من جانب أمريكا للعصابات المكسيكية، مما أدى إلى زيادة جرائم عصابات الجريمة المنظمة.
وبالنسبة للقضية المحورية والمركزية بالنسبة للعرب وهى القضية الفلسطينية، توجد سفارة فلسطينية فى المكسيك، كما توجد توصية أمام البرلمان المكسيكى للاعتراف بدولة فلسطين.
إن وجود امرأة يسارية على رأس البلاد فى المكسيك يقتضى التعاون بين كل دول أمريكا اللاتينية التى يرأسها رؤساء يساريون مناهضون للإمبريالية الأمريكية، والسياسات النيو ليبرالية، التى تقوم على نهب ثروات بلادهم، وإخضاعهم للقطب الأمريكى المهيمن، ويقتضى تعزيز التعاون والشراكات من أجل نهضة بلدانهم، وتحقيق الرخاء والعدالة والاستقرار لشعوبهم، ويقتضى أيضًا التعاون مع الأقطاب الصاعدة فى عالمنا الجديد، كالصين وروسيا، التى تقوم على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وتقوم على المصلحة المشتركة والمصير المشترك.