رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرب استنزاف أم تخفيض قوات.. ماذا يفعل الجيش الإسرائيلى فى غزة حاليًا؟

الجيش الإسرائيلي
الجيش الإسرائيلي في غزة

عاد الجيش الإسرائيلي للعمل في مناطق عمل فيها سابقًا، خلال الأسبوع الماضي عاد مجددًا إلى مدينة غزة، وقبلها أحياء مثل جباليا والشجاعية، وهي المناطق التي شهدت معارك قاسية من نوفمبر الماضي وحتى فبراير، فيما تتحدث التقارير عن قتال يخوضه ضد العشرات من خلايا الصواريخ المضادة للمدرعات التابعة لـ"حماس"، مما يدل على قدرة التعافي السريعة للحركة، أو على أن طريقة عمل الجيش الإسرائيلي في العمليتين السابقتين لم تكن كاملة.

في الوقت نفسه، يزداد الحديث عن تخفيض قوات الجيش الإسرائيلي في القطاع استعدادًا لوقف العمليات العسكرية المُكثفة في القطاع والانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب.. فما الذي يجرى حقًا على الأرض في غزة.. هل تخفيض قوات أم إعادة غزو؟

تخفيض قوات 

في أوائل يوليو الجاري، أجرى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف جالانت وكبار المسئولين في قيادة المنطقة الجنوبية، مشاورات حول قرب انتهاء المرحلة الأكثر كثافة للحرب في قطاع غزة، فيما إنه من المتوقع أن يُعلن قريبًا عن انتهاء العملية في رفح، إذ أن الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية هي تقليص القوات في القطاع والانتقال إلى أسلوب الهجمات المركزة ضد أهداف تابعة لـ"حماس"، ونقل الوحدات إلى الحدود الشمالية. 

طوال الوقت، يستمر الجيش الإسرائيلي في العمل في مناطق عمل فيها سابقًا في قطاع غزة، فهناك مَن ينتقد حاجة الجيش إلى العودة إلى المناطق التي عمل فيها سابقًا، مما يدل على قدرة التعافي السريعة للحركة، أوعلى أن طريقة عمل الجيش الإسرائيلي في العمليتين السابقتين لم تكن كاملة إلّا إن رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي أشار، في حديث وجهه من "غلاف غزة" إلى أهداف هذه الطريقة، قائلًا "هذه المطاردة مهمة جدًا جدًا. عليهم أن يشعروا بأنهم مُستنزفون". 

حرب استنزاف

في مقال نشر في "وول ستريت جورنال"، كُتب أن اجتياح الشجاعية في مدينة غزة يظهر كم هو صعب على إسرائيل تحقيق هدف الحرب الذي وضعته الحكومة والمتمثلة في هزيمة حماس وإبادتها في القطاع.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يعود فيها الجيش الإسرائيلي إلى مكان انسحب منه، كون حماس أعادت تنظيم نفسها وحققت سيطرة على مناطق خرج منها الجيش الإسرائيلي، فضلًا عن أن استمرار إطلاق عدد من الصواريخ يبعث على التخوف من أن الحرب قد تصبح حرب استنزاف طويلة، فيما أن القوات الفلسطينية المسلحة تنتظم وتتسلح من جديد وتعيد الهجوم، مما يجعل دائرة الحرب لا نهاية لها.

يوست هلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في طاقم التفكير في "مجموعة الأزمة الدولية"، قال لـ"وول ستريت جورنال": "يدور الحديث عن مستنقع مغرق. يمكن استخدام حملة عسكرية لأجل دحر حماس من جيوب مختلفة في قطاع غزة، لكنهم في النهاية سيتسللون ويعودون إلى هناك عبر الأنفاق أو من فوق الأرض. هم يحصلون على متجندين جدد في كل يوم، كالشباب الذين فقدوا عائلاتهم".

الوضع الحالي، يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يدير نوعًا من أنواع "حرب الاستنزاف" ضد حماس، والهدف هو العودة إلى المناطق التي يختبئ فيها نشطاء حماس والقضاء عليهم، إلى أن يصاب بعضهم باليأس في مرحلة معينة.

ورغم ما تردد أن المستوى العسكري في إسرائيل يريد أن ينهي القتال في غزة، إلا أن التقارير أفادت بأن قادة الألوية أبلغوا نتنياهو بأنهم مستعدون للاستمرار ما دامت هناك حاجة لذلك.

كيف تتحرك حماس؟

الهجوم الإسرائيلي الواسع النطاق على رفح نجح في تفكيك الذراع العسكرية لـ"حماس"، بشكلها المعروف. كما أوقف نشاط الكتائب الأخيرة للحركة، لكن لا تزال "حماس" نشطة، لكنها تقوم بذلك ضمن إطار جديد مكون من مجموعات صغيرة، وحرب عصابات صغيرة، قدرتها على إيقاع الأضرار ضئيلة جدًا، وتفتقر إلى هرمية القيادة والتحكُّم. لكنها لا تزال تسبب قلقًا لإسرائيل، إذ أُطلق نحو 20 صاروخًا من خان يونس على مستوطنات "غلاف غزة"، بينما تقلص تهديد إطلاق الصواريخ من القطاع على النقب ووسط إسرائيل بصورة كبيرة.

ماذا ستفعل إسرائيل؟

لدى إسرائيل رغبة في مواصلة محاربة "حماس" بشكل حرب استنزاف، لكن هذا سيكون على طريقة "جز العشب" المعروفة في الضفة الغربية، والتي تعني هجمات متكررة ومُكثفة على الأهداف الباقية للحركة، واعتقال "النشطاء"، ونقلهم إلى الشاباك للتحقيق معهم. 

والمشكلة بالنسبة لإسرائيل أن هذا يتضمن رسالة معقدة من الصعب أن يستوعبها الجمهور الإسرائيلية، مقارنةً بالأهداف الطموحة التي وُضعت في بداية الحرب، وهي القضاء الكامل على حركة حماس.