رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مطالب عديدة.. من الحكومة الجديدة (2)


بدأت أمس، بعد حلف اليمين الدستورية، الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، ممارسة أعمالها، كل وزير في وزارته، وفي انتظارهم عدة ملفات اقتصادية، أبرزها ملف الصناعة المصرية، التي مازالت تواجه تحديات، رغم الإنجازات التى جرت خلال السنوات العشر الماضية، ويضعها المستثمرون الصناعيون على مائدة وزير الصناعة، وأبرزها وجود خطة ورؤية تستهدف توطين الصناعة الوطنية، بتعميق التصنيع المحلي وزيادة التصدير بفتح أسواق جديدة ومواصلة المساندة التصديرية، والتعاون بين مختلف الوزارات والجهات لتحسين البنية التحتية للصناعة، وزيادة مشاركة القطاع الخاص، بوجود حوافز جديدة للاستثمار الصناعي.. فالقطاع الصناعي يعد الركيزة الأساسية للتنمية الاقتصادية، إذا قمنا بدعوة الاستثمارات الخارجية للتوسع الأفقي في الصناعة المصرية لنقل التكنولوجيا إليها، وحل ملف الفائدة على القروض، لأن الصناعة استثمار طويل الأجل، ولا تتحمل معدلات الفوائد الحالية، لذا، فمن الضروري عودة المبادرات الخاصة بتشجيع الصناعة التي لها ميزة تصديرية في سعر الفائدة على الإقراض، وتطوير وتبسيط التشريعات الاقتصادية، وتقديم المزيد من الحوافز التشجيعية للقطاع الصناعي، والقضاء على البيروقراطية التى تواجه مستثمري القطاع الصناعي، مع إعطاء أولوية كبيرة لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، ومن أجل جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
لابد أن تحقق خطة عمل الوزارة الجديدة، أهدافًا محددة، لزيادة معدلات النمو الصناعي، وزيادة نصيب الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة معدلات نمو الصادرات الصناعية، والتوسع في التحول نحو الصناعات الخضراء والاقتصاد الدائري، وزيادة الصادرات طبقًا للمبادرة الرئاسية بالوصول لحجم صادرات إلى مائة مليار دولار، وتفعيل دور التجمعات الصناعية القائمة، وتفعيل برنامج رد الأعباء التصديرية.. يجب تطوير القطاع الصناعي، بتغيير قانون التنمية الصناعية، بحيث يتضمن "حزمًا" من الحوافز والتيسيرات والإجراءات، لتنشيط قطاع الصناعة وزيادة قدرته التنافسية، من تسهيل إجراءات منح تراخيص تشغيل المنشآت الصناعية، والحصول على وحدات في المجمعات الصناعية، مع وجود تيسيرات مالية ومستندية؛ بهدف تيسير مناخ الاستثمار ودفع منظومة التنمية الصناعية، ومساندة أصحاب المشروعات الصناعية المنتجة، خصوصًا أولئك الذين يملكون عقودًا تصديرية وتواجههم تحديات إدارية وتشريعية، وعدم وجود حوافز تنافسية مع الأسواق المجاورة، فضلًا عن تغيير منظومة القوانين والتشريعات، لتساعد في جذب الاستثمارات الصناعية، بمنح العديد من التسهيلات وتخفيض التكلفة على المستثمرين، والتعرف على آراء منظمات وجمعيات الأعمال التي تملك رؤى وطنية وأفكارًا ابتكارية من واقع خبراتها في السوق المصرية والمعاملات التصديرية في الأسواق الإقليمية والدولية، ومدى نقص التنافسية أمام المنتجات المحلية، وإن تم معالجتها فسيشهد القطاع الصناعي تنمية كبيرة، لأنه يملك المؤهلات التي تجعله منافسًا، خصوصًا في الأسواق الإفريقية.
من المهم هنا، أن نشير إلى أهمية تكثيف المبادرات التي تقدمها الحكومة للمصانع والمستثمرين، بهدف جذب استثمارات أجنبية، وتعميم الرخصة الذهبية على جميع الصناعات، وتقليل الاستيراد من السلع التي لها بديل محلي، وتفعيل الخريطة الصناعية وتطويرها، وزيادة التجمعات الصناعية والحوافز لصغار المستثمرين، كما يجب وضع أجندة تجارية طموحة ومنظومة اللوجستيات والصناعات التي نملك فيها مزايا نسبية، مثل الصناعات الدوائية والكيماوية والهندسية والغذائية والسيارات، واستغلال مقومات الدولة في هذا القطاع، والتي تشمل العمالة المؤهلة والموقع المتميز، للوصول إلى أسواق دول الشرق الأوسط وقارة إفريقيا.
وكنا قد أشرنا، في مقال أمس، إلى ضرورة التحرك سريعًا فى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني السياسية والاقتصادية، التي يجب أن تكون برنامج عمل للحكومة، لما تتضمنه من حلول حاسمة لملفات تخص المواطن وتحقيق مطالب الاصلاح السياسي والاقتصادي.. واليوم نؤكد أن هناك أمورًا تم الاتفاق على أنها بحاجة إلى تعديل تشريعي، منها إنشاء مفوضية مكافحة التمييز وقانون الوصاية على المال، والقوانين الخاصة بحرية تداول المعلومات ومشروعات قوانين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، وكذلك مشروع قانون المجالس الشعبية المحلية؛ لما لهذه الاستحقاقات الانتخابية من أهمية كبرى وأدوار مهمة في البناء السياسي والشعبى والحزبي للبلاد.
الجلوس على طاولة واحدة هو ما يقوي المجتمع، وإدارة الاختلافات أمر قابل للتحقق، باستماع الحكومة إلى صوت الأحزاب، لأن الأحزاب تدعم المجتمع المدني للنهوض بالدولة، وأن الفاعل الرئيسي، اليوم، هو الشباب، والحكومة عليها أن تستفيد من هذه المخرجات الوطنية وتعمل على تنفيذها، باعتبارها نبض الشارع.. فالأخذ بمخرجات الحوار الوطني سينعكس على المواطن وتحسين مستوى المعيشة.. لأن أصل أى سياسة هو الحوار، ودعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعطت الحوار الوطني الجدية والثقل، وهو أمر ضروري وجد الترحيب بكل الخطوات التى تم تنفيذها، لتهيئة مناخ الحوار وتعزيز مناخ الثقة، الذي يجعلنا نستمر في الحوار ونحن منفتحون للحديث عن المستقبل، وكيف نبنيه.. الحوار باب أمل يحمل مسئولية على السلطة والمعارضة.. وقد أكدت قرارات العفو الرئاسي على وجود مناخ سياسي حقيقى وإيجابي داخل المجتمع المصري، كما تشير قرارات الإفراج، إلى الجهود المبذولة على أرض الواقع من قبل القيادة السياسية والحكومة والأحزاب، وجميع الجهات من أجل الاتجاه لإصلاح حقيقي يليق بالجمهورية الجديدة التي تقوم على المبادئ الأساسية لتحقيق مفهوم حقوق الإنسان.
إن استمرار الإفراج عن المحبوسين احتياطيًا بشكل سريع، أمر يبعث السعادة في نفوس الجميع، لأن ذلك إنجاز وتطور في عمل لجنة العفو الرئاسي، ويُحسب للحوار الوطني فتحه جميع الملفات، بدعم من القيادة السياسية، والمرحلة الجديدة من الحوار تهتم بالأزمة الاقتصادية، وتستكمل مناقشة الموضوعات الجماهيرية، مثل قوانين المحليات والحبس الاحتياطي وقوانين المجالس النيابية، بجانب موضوعات الأمن القومي، وكل هذا هدفه الدولة المصرية وحمايتها وحماية المواطن، وكما يقدم الحوار هذا الجهد، فالحكومة عليها أن تمارس دورها بشكل إيجابي وبما يخدم هذا الهدف، في ظل وجود ملفات لابد من استكمالها بنفس القوة، بالتعاون مع الحوار الوطني الذي قدم نموذجًا محترمًا في مخرجاته.. فمثل هذه القرارات تمهد لأرضية جيدة، الأمر الذي يجعل لتلك القرارات مصداقية كبرى، يمكن من خلالها استكمال الحوار الوطني وحرص جميع الاتجاهات على المشاركة فيه.
90 ٪ من الأحزاب تطالب بإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بنظام القائمة المغلقة المطلقة، وهي الأنسب كي نخدم الوطن والمواطن ويكون لدى المواطن رؤية، لكي يستطيع أن يختار الناخب بسهولة، ويكون هناك تواجد للأحزاب المصرية، وهذا ما تمت مناقشته بالحوار الوطني وقدَّم مخرجات بشأنه.. وهنا، يكون الحوار الوطنى قد أدى ما عليه، وقدم مخرجات مهمة في جميع الملفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وينبغي على الطرف المُخاطب بمخرجات الحوار الوطني، وهو الحكومة، أن تؤدي ما عليها وتنفذ التوصيات والأفكار الجادة التي قدمها الحوار، لأنها ستؤدي إلى تحقيق خطوات متقدمة، خصوصًا وأن الحوار الوطني كان ثريًا في مناقشاته، وبالتالي فتح المناخ وإطلاق الحريات العامة، هو الحل الأمثل لمواجهة التحديات وممارسة تعددية حزبية حقيقية، وهذا ما يجب أن تستفيد منه الحكومة إذا كانت تريد النجاح، بأن تعمل على الاستفادة من مخرجات الحوار.
■■ وبعد..
فعلى الحوار الوطني، خلال الفترة المقبلة، أن يعمل على إيجاد مصادر جديدة ودائمة لتعظيم تدفقات النقد الأجنبي، وخلق الوفرة عبر استخدام أدوات السياسة النقدية.. ويعتبر هذا الملف على أولويات الجمهورية الجديدة، حيث إنه يمس القوة الشرائية للمواطن بصورة مباشرة، ويعكس الاستقرار المالي والاقتصادي للدولة المصرية.. إن الحكومة الجديدة مسئولة عن الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية المصرية، والحفاظ على حالة الزخم السياسي الذي أحدثه الحوار الوطني، وإعلان إدراج مخرجات المرحلة الأولي من الحوار ضمن برنامج الحكومة، خطوة مهمة وبادرة مُبشرة لاستمرار الدولة المصرية في تعزيز المشاركة السياسية، باعتبارها ركيزة مهمة من ركائز بناء الجمهورية الجديدة.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. أمين.