على أبواب حكومة الإصلاح
محددات كثيرة أشار إليها الرئيس عبدالفتاح السيسى وطالب الحكومة الجديدة بالعمل الجاد لضمان تحقيقها، من أهمها المعالجات الضرورية لأوجه القصور فى أداء الحكومة السابقة، ولعل الأهم فى البداية التفاعل مع أصداء صيحات الغضب الطبيعية التى بات يطلقها الناس فى الشارع والبيت المصرى، ولولا رصيد من الرضا لا زال لدى المواطن بعد أن استردت له ثورته الوطن من براثن فئة ضالة ظلت تحكم البلاد والعباد على مدى أيام وليال سوداء، فكان تمكينه من إعادة الهوية وعودة حالة السلام الاجتماعي..
ومعلوم أن الأهم والأجدى من تغيير الشخوص هو تغير السياسات وأن نشهد تغييرًا حقيقيًا فى المسار، ولعلنا ننتظر كيف سيتغير المسار؟ وأن يكون لدى الوزير الصلاحيات الكافية لآداء مهامه وأن تكون هناك مستهدفات واضحة يتم البناء عليها وإجراء تقييم دورى لهذا البناء حتى يتم تقييم الوزير عبر مستهدفات رقمية بفترة زمنية محددة.
ومعلوم أن الحكومة الجديدة أمامها تحديات كبرى إقليمية ومحلية، لذلك يجب أن تكون لديها خطة واضحة وتكليفات محددة لكل وزير، وأن يتوافر لها أجهزة قياس الأداء، ومراقبة مدى تحقيق الأهداف والتكليفات الوطنية على أرض الواقع.
وإذا كانت المعاناة الاقتصادية فى صدارة الأسباب التى عجلت بضرورة الذهاب إلى تشكيل وزارة جديدة عبر تعديل وزارى كبير لمواجهة الكثير من التحديات فى طليعتها الإقليمية ممثلة فى غزة والسودان وليبيا، وكذلك هناك الملف الأهم بالنسبة للمواطن هو ملف الاقتصاد لأنه أكل العيش ويشمل الاقتصاد والخدمات.
وينتظر الناس فى بلادى من الحكومة القادمة تغيير السياسات، وتحويل الاقتصاد المصرى ولو تدريجيًا، إلى اقتصاد إنتاجى زراعى وصناعى، بعد أن باتت فاتورة الغذاء التى تأتى من الخارج مرتفعة وترهق الاقتصاد المصرى.
وعليه، فقد صار على الحكومة الجديدة إدراك أبعاد أزمة ارتفاع الأسعار، وتكلفة المعيشة باعتبارها تقلص فرص توفير الحياة الجيدة للمواطن المصرى، درءًا لمخاطر المعاناة من أمراض سوء التغذية، وبالتالى زيادة الشريحة التى يكفلها برنامجا «تكافل وكرامة».
وعليه، نأمل امتلاك الحكومة الجديدة فكرًا متجددًا لمواجهة الأزمة الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر، فضلًا عن أن تكون حكومة اقتصادية فى المقام الأول.
وفى مجال تطوير وتحديث نظم وآليات وزارة التعليم العالى والبحث العلمى ضرورة الذهاب إلى العمل بأساليب ونظم وآليات تطبيقية غير تقليدية لزيادة عدد الباحثين والفنيين فى مجال التطوير والبحث العلمى للنهوض بالصناعة، فضلًا عن زيادة الانفاق على البحث العلمى حتى تزيد نسبة براءة الاختراع فى مصر سنويًا، والنهوض بالصناعات التكنولوجية، مما سينعكس على سعر الدولار مقابل الجنيه، والبحث عن طرق جديدة للزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من بعض السلع.
وفى مجال دعم وتنشيط آليات منظومات العمل السياحى، معلوم ضرورة الاهتمام بالبنية التحتية السياحية من أجل زيادة أعداد الأفواج السياحية الوافدة إلى مصر، من فنادق ووسائل نقل داخل وطيران، مؤكدًا أهمية مشروع رأس الحكمة الذى يعد «نيوم البحر المتوسط»، ومدينة العلمين الجديدة فى زيادة أعداد الغرف السياحية.
ولعل من الأفكار الطيبة التى تم طرحها فى الأخيرة إنشاء إدارة فى كل وزارة تهتم «فقط» بمتابعة كل ما ينشر فى وسائل التواصل الاجتماعى والفضائيات وفى الواقع أيضًا؛ بإجراء استطلاعات ميدانية حول «توقعات» الناس منهم وشكاواهم، والعمل «بجدية» على تقليل الفجوة بين ما يريدونه وما يحصلون عليه، وهذا يختلف تمامًا عن وظيفة العلاقات العامة التى تهتم عادة «بتحسين» صورة الوزارة.
ولا بد من معالجة تعذر وجود متحدث رسمى يمثل الوزارة أو الهيئة، ومن الأهمية بمكان حسن اختيار المتحدث الرسمى بكل وزارة «وتدريبه» جيدًا على التعامل مع الإعلام بعد تدريبه وخضوعه «لدراسة» جادة ومكثفة لكل تفاصيل عمل الوزارة والتوقف عن الجمل الإنشائية التى «تغضب» الناس، وتتسبب فى تراجع فرص الوزارة بتواصل عملى طيب داعم لتوجهات الوزارة.
وأتفق مع الإعلامى د. محمد الباز فيما ذهب إليه أننا بتنا أمام نقلة ضخمة فى فلسفة تفكير الدولة المصرية، واعتبر هذه الحكومة حكومة تخفيف أحمال عن المواطن، والدكتور مصطفى مدبولى استعان بمجموعة من الأسماء اختيار صادف أهله.
وينبغى التأكيد على ضرورة تلبية الحكومة الجديدة لمطالب المواطنين وتحقيق آمالهم، والتى ترجمتها توصيات الحوار الوطنى فى الملفات الثلاث الاقتصادية والسياسية والمجتمعية، وبأمل أن يكون التشكيل الوزارى الجديد على قدر مواجهة التحديات التى تمر بها مصر فى الوقت الراهن.
ومن الأهمية بمكان التذكير بأن الرئيس عبدالفتاح السيسى على مدى الشهور الماضية كان دائمًا يقوم بتوجيه الحكومة بضرورة أن يقوموا بالشرح للمواطنين، وأن يكون هناك توضيح، لافتًا إلى أنه يجب على الحكومة الجديدة أن تكون مستوعبة لتحولات كثيرة جدًا إقليمية ودولية، ومستوعبة لمطالب وشكاوى الناس ورهانات المواطنين، وقادرة على التفاعل والتعامل بشفافية مع المواطنين.
وأعود وأكرر أهمية العمل على ضبط الأسعار والاهتمام بقضايا الصحة والتعليم ومواجهة البطالة، أولويات الناس الذين يضعون آمالًا كثيرة على التغيير المُنتظر لتخفيف الأعباء الحياتية واستكمال الإصلاح الاقتصادى والتطوير الشامل لمختلف القطاعات بما يوفر حياة كريمة للمواطن.
وفى ملف قطاع الصحة، أرى أن هناك العديد من الإجراءات التى نطالب بتوفيرها أهمها: ملف التأمين الصحى الشامل، وتطوير الخطة الوقائية مع ضرورة قيام الحكومة الجديدة بميكنة النظم الصحية بالكامل، وإدخال كل أنظمة الذكاء الاصطناعى.
ولا شك أن الملفات المُنتظرة من الحكومة الجديدة كادر الأطباء والتواصل فى رقمنة أسِرة الرعاية المركزة، وهو مشروع تم البدء فيه، مع ضرورة تنفيذ بيع الأدوية باستخدام الباركود الدولى لكل المستلزمات والأجهزة الطبية، حيث استخدام الباركود يسهم بشكل فعال فى القضاء على الأدوية المغشوشة.