العمل يفسد أنوثة المرأة.. كواليس زيارة الإيطالى لويجى بيرانديللو للقاهرة
لويجي بيرانديللو، الكاتب الإيطالي الأبرز، المولود في مثل هذا اليوم من العام 1867. تنوعت إبداعاته الأدبية ما بين المسرح والقصة والرواية، ونال جائزة نوبل العالمية في الآداب للعام 1934، نظرا لما استمت به تجربته من التنوع والثراء الإنساني.
لويجي بيرانديللو يحيل الغضب ضحكا
في كتاب "بيرانديللو"، والصادر عام 1949 عن سلسلة "اقرأ"، والتي تصدرها دار المعارف، يذهب مؤلفه "محمد أمين حسونة"، إلي أن لويجي بيرانديللو، والحق أن الشيطان كان في جسد ذلك الكاتب الإيطالي "لويجي بيرانديللو" فكان الذكاء النادر الذي يحيل الغضب ضحكا واللهب نورا، وكان ألمع شخصية في سماء الأدب وأقدر كاتب مسرحي في هذا العصر، وكان فوق هذا وذاك، ذا الإنتاج الخصب المنقطع النظير، حتي أخرج نحو 100 عمل أدبي دسم ما بين رواية وقصة ودراما وديوان شعر، كل صحيفة منها مشرقة إشراق النجم في سمائه، فكانت بضاعته علي حد تعبيره "هي محصول فكره".
وتابع: "شخصية لويجي بيرانديللو تعد مثالا حيا للمضطربين الذين لا ينشدون الراحة إلا في حالة ثورة فكرية، وقد أطلق عليه أحد مريديه لقب (البلشفيكي العقلي) أي أنه صاحب مذهب شيوعي متطرف بالنسبة للفكر المستقيم المنتظم".
عندما أراد "بيرانديللو" أن يحترف الأدب ويخصص جهوده بخدمته ورفع شأنه، كان الأدب الإيطالي إنما هو مدارس فردية ومذاهب متناثرة هنا وهناك، فلم يتمخض الجبل عن مواهب فذة ولا عبقرية تسمه بميسمها الخاص، لأنه كان عصر فوضي، لا مقاييس تحده ولا معالم يتميز بها.
ست شخصيات تبحث عن مؤلف
وحول أشهر أعمال لويجي بيرانديللو، يضيف "حسونة": والحق أن مأساة هذه الشخصيات الست، هي مأساة عدد كبير من الناس. فبعضنا يخلق نصف خلق، والآخر يخلق وله مؤهلات وكفايات نادرة، ولكنه متي أراد أن يطبقها علي الواقع تبين له عجزه. فنحن كتلك الشخصيات، إما فرائس عجزنا، وإما فرائس النقص الذي أودعته الطبيعة فينا. وكلنا في حاجة إلى قوى مصدرها الحياة. تنصب فينا وتكمل النقص الملحوظ في ذواتنا. وهكذا نصبح مخلوقات كاملة. وعقيدة "بيرانديللو" في هذا الصدد، هي أن العمل الفني لا يجب أن تكون نهايته في نفسه، بحيث لا يعتقد صانعه، سواء أكان كاتبا أم شاعرا أو مثالا، أنه أودع فيه الحياة الكبري، وأن هذه الحياة قد تبلورت في العمل الفني واستقرت، فليست العبرة كل العبرة في أن يمثل العمل الفني حقيقة الحياة بكل جمالها، وإنما فيما ينطوي عليه هذا العمل من قابلية تجديد الحياة في نفوس الناس.
ماذا دار في زيارة لويجي بيرانديللو لمصر؟
ويمضي "حسونة" متذكرًا زيارة لويجي بيرانديللو إلى مصر: في شتاء عام 1932 وفد إلى مصر، وأقيمت له حفلات تكريم، في مقدمتها حفلة جماعة "دانتي أليجيري" بالقاهرة ودعته مدرسة الليسيه في الإسكندرية إلى إلقاء محاضرة، وأذكر أن موضوع هذه المحاضرة كان يدور عن المرأة والسعادة والزواج. تناول الأستاذ فيها شرح رأيه فيما يتعلق بالمرأة والنهضة النسائية، فكان في جملة ما ذكره أن كل إنسان يعلم أن المرأة تفيد من الزواج بقدر ما يخسر الرجل، ذلك أن كل زوج ينحدر قليلا إلى مستوى زوجه. أما الزوجة فإنها تفيد، لأنها تتعلم من الرجل أشياء لم تكن تعلمتها، فالرجل إذن هو الخاسر، ويجب أن تقنع المرأة بأنها امرأة. وأن تعلم أنها كلما تمسكت بأنوثتها زاد سلطانها على الرجل.
وفي رأي "بيرانديللو" أن المرأة تخسر إذا أرادت أن تقوم بعمل الرجل وتضطلع بمسئولياته، لذلك يجب أن يلزم كل من الجنسين حده، وأن يعرف حقوقه وواجباته، ونحن في إيطاليا نحب نساءنا، ونقدس الحياة العائلية، ونشفق على المرأة أن يفسد العمل أنوثتها، والأنوثة بكل معانيها هي كل ما يطلبه العالم في المرأة.