أزمة الكهرباء: متابعة رئاسية.. اجتماعات وزارية.. ومقترحات شعبية
ساندنا وسنظل نساند دولتنا، حتى وإن كانت لبعضنا مطالب أو تحفظات على أداء وزير ما، أو مظلمة لدى رئيسه المباشر- فنحن نتمسك بكامل حقوق المواطنة، ولكننا ندرك قبلها واجبات تلك المواطنة.
واجبنا كمواطنين أن ندعم أجهزة الدولة ومؤسساتها، هذا الدعم للوطن لا يتوقف عند مجرد الحديث ولكنه يمتد إلى الفعل والتغاضى عن الأزمات التى تنشأ اضطراريا عن غير عمد. وحين يخرج رئيس الوزراء بشفافية مطلقة وبوضوح شديد ليوجه اعتذاره للشعب نتيجة ما قد يراه البعض تقصيرًا فى الأداء فهذه سنة محمودة يشكر عليها النظام كله، سنة جديدة تعبر عن تقدير متبادل بين الشعب وحكومته.
تقبّل المواطنون أزمة انقطاع التيار الكهربائى، ولكن تفاقم الأزمة وزيادة عدد ساعات انقطاع التيار وتخفيف الأحمال لساعات امتدت لنحو ثلاث يوميًا وربما أكثر من ذلك فى عدد من المناطق، تسبب فى غضب الكثيرين.
الأمر الذى دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى للتدخل المباشر بتوجيه الحكومة للسعى إلى إيجاد حلول سريعة لتجاوز تلك الأزمة. وهنا، خرج علينا د. مدبولى رئيس مجلس الوزراء فى مؤتمر صحفى حضره وزيرا الكهرباء والبترول ليؤكد أن الأزمة ليست فى البنية التحتية للقطاع، ولكنها أزمة وقود بنقص المتوافر من الغاز والمازوت.
أجابت تصريحات رئيس الوزراء عن الكثير من أسئلة المواطنين، فإذا كانت مصر تتحدث عن وجود فائض من الغاز المسال كيف تشكو اليوم من نقص الغاز؟ أجاب دولته أن المشكلة التى تأثرنا بها جميعًا الإثنين الماضى ليست بسبب قصور فى البنية التحتية لشبكة الكهرباء فلا مشكلة إذن فى توليد أو نقل الطاقة، ولكن منشأ الأزمة كان بسبب توقف ضخ الغاز من أحد حقول الدول المجاورة لمدة 24 ساعة كاملة عبر شبكة الغاز الطبيعى الدولية.
وبعيدًا عن ذلك اليوم المشار إليه، تفاقمت المشكلة وظهرت تداعياتها بشدة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وكذلك امتحانات الثانوية العامة وصعوبة تحمل الأسر لتداعيات هذا الانقطاع على مذاكرة الطلاب فضلًا عن أدائهم فى لجان الامتحان. ومن هنا بدأت الحكومة فى اتخاذ خطوات فعلية للحل، ولم تكتف بمجرد الاعتذار. تم على الفور تدبير مليار و180 مليون دولار بصورة عاجلة لتجاوز الأزمة، ووعد د. مدبولى أن نتائج هذا الإجراء ستظهر خلال الأسبوع الثالث من شهر يوليو بتخفيف الأحمال للحد الأدنى المتاح.
فى ذات السياق، قررت الحكومة التدخل بإغلاق المحال التجارية والمقاهى وغيرها من المنشآت العامة فى الساعة العاشرة مساء اعتبارًا من مطلع شهر يوليو القادم. قد يرى بعض أرباب تلك الأعمال أن ساعات العمل ستكون قليلة بحيث لا تفى بالتزامات تلك المنشآت أو قد لا تكفى لتلبية احتياجات زبائنها. هنا أجد أن اقتراحًا قديمًا تردد على ألسنة بعض الحكماء منذ عقود قد آن أوان الأخذ به ووضعه محل الدراسة والتنفيذ فى أقرب فرصة ممكنة .
يرى الاقتراح أن دولة دخلت دائرة التغير المناخى شديد الوطأة كمصر عليها أن تعيد حساباتها فى بعض الأمور التى كانت معتادة فيما مضى. إذ كيف يستقيم أمر دولتنا فى ظل الأوضاع المناخية الحالية حين تبدأ دواوين العمل بها وكذلك وسائل النقل والمحال التجارية ساعات العمل اعتبارًا من العاشرة أو التاسعة أو حتى الثامنة صباحًا.
منطق الأشياء يقول إن يوم العمل ينبغى أن يبدأ بعد صلاة الفجر، ومع وقت الشروق مباشرة، لينتهى يوم العمل فى المصالح الحكومية والمدارس والجامعات عند الثانية عشرة ظهرًا، أو بعد أو قبل ذلك بقليل وفقًا لعدد ساعات العمل الرسمية المقررة.
صحيح، لماذا نهدر أهم أربع ساعات فى بداية اليوم حيث الطقس مقبول نسبيًا وليس هناك خلاله داع لاستخدام المراوح أو التكييفات أو حتى الإضاءة الكثيفة لنستبدل طواعية تلك الساعات بساعات أخرى تبلغ فيها درجات الحرارة ذروة ارتفاعها. الأهم حتى أكثر من توفير الطاقة هو عدم تعريض المواطنين لأشعة الشمس الحارقة بضرباتها المميتة أحيانًا، فصحة المواطن وسلامته ينبغى أن تكون لها الأولوية فى كل إجراء يتخذ.
خلاصة القول إن الأزمات الطارئة كتلك التى نلاحظها هذه الأيام مع أزمة الكهرباء أمر وارد فى كل دول العالم، ونحن نتابع أزمات طاقة مماثلة فى عدد من دول العالم كالكويت، بريطانيا، دول غرب البلقان، نيويورك، تونس، العراق، لبنان، الإكوادور والمغرب.
السؤال المهم هنا هو: هل وقفت حكومتنا عاجزة أمام الأزمة؟ أم أنها تسعى لحلها وفقًا للإمكانات والموارد المالية الدولارية المتاحة؟
الحق نقول إن الحكومة تتحرك بوعى وباحترافية تفرض علينا أن ندعمها وأن نقبل اعتذارها كمواطنين، فمن يعرف الأسف على خطأ، حتى وإن لم يكن هو المتسبب فيه، سيكون أجدر الناس وأحرصهم على تجاوزه والعمل على إيجاد حل سريع له، ونحن قادرين بإذن الله على تجاوز أى أزمة ما دام الشعب وحكومته يدًا فى يد وعلى قلب رجل واحد لصالح الوطن.