رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكيان الصهيونى وانتهاك حقوق الأطفال

ضمت الأمم المتحدة "إسرائيل" للقائمة السوداء للدول التى تنتهك حقوق الأطفال، وتستهدفهم بشكل مباشر، خلال الحروب والمواجهات العسكرية، وذلك بعد إعلان منظمة يونيسف قطاع غزة بوصفه أخطر مكان فى العالم على الأطفال، بسبب الطبيعة الهمجية والدموية للحرب الإسرائيلية التى تتعمد الخلط بين الأهداف المدنية والعسكرية (بحجة أن حماس تتخذ من المدنيين دروعا بشرية) لتبرير استراتيجية ممنهجة وواضحة، هدفها تدمير جيل كامل من أطفال فلسطين، وتحويل قطاع غزة لجحيم على الأرض، تستحيل معه الحياة، على أمل إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم.
ولقد أوضحت فرجينيا جامبا الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة (التى أضافت إسرائيل إلى القائمة السوداء بالرغم من الضغوط عليها)، أن الانتهاكات ضد الأطفال فى غزة من ضمن الأسوأ فى العالم.
يوفر القانون الدولى الإنسانى حماية عامة للأطفال، كونهم أشخاصا غير مشاركين فى الأعمال العدائية، ويوفر لهم حماية خاصة، كونهم يعدون ضمن فئة الأشخاص الأكثر ضعفا فى الحروب والنزاعات المسلحة.
ويتمتع الأطفال بالحماية وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة، كما يتمتع الأطفال بالحماية بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان، وباتفاقية حقوق الطفل عام 1989، وبروتوكولها الصادر عام 2000، بشأن إشراك الأطفال فى النزاعات المسلحة، وتنص الاتفاقية فى البند الرابع من المادة (38) "على الدول حماية الأطفال من آثار النزاعات المسلحة"، وينص البندين (أ، ب) من المادة (37) على "عدم تعريض أى طفل للتعذيب، أو لغيره من ضروب المعاملة اللا إنسانية، أو المهينة أو القاسية، وعدم حرمان أى طفل من حريته بصورة قانونية أو تعسفية. 
وهذه الاتفاقية ملزمة للدول التى اعترفت بها بما فيها "إسرائيل" التى صدقت عليها عام 1991،
ووفقا لإحصائية صادرة عن يونيسف، هناك نحو أكثر من20 ألف طفل، ولدوا فى ظل العدوان الصهيونى منذ اندلاعه فى الثامن من أكتوبر 2023، مع غياب المستلزمات الطبية والتطعيمات الخاصة بالأطفال، مما سيؤدى إلى انتشار الإصابة بالحصبة وشلل الأطفال، بالإضافة إلى تعرض الأطفال "الخدج" حديثى الولادة لجرائم الاحتلال، نتيجة لاستهداف المستشفيات بالعدوان والتدمير، وعدم وصول الوقود والمستلزمات الطبية والأدوية، من قِبل الكيان الصهيونى.
تشير الأرقام والإحصاءات الخاصة بجرائم الكيان الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، إلى أن 13 ألف طفل فلسطينى قُتِلوا فى غزة منذ الاعتداء الصهيونى، فى الثامن من أكتوبر 2024 وحتى الآن (ثمانية أشهر)، وأن 625 ألف تلميذ وتلميذة محرومون من التعليم، نتيجة لتدمير أماكن الدراسة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، بجانب تدمير 80% من البنية التحتية، مما أدى لتشريد نحو مليون طفل، بالإضافة إلى 212 مدرسة تم قصفها منها 53 مدرسة تم تدميرها بالكامل. 
كما تعرض الأطفال للموت لعدم توافر الرعاية الطبية، لأن العدو استهدف المستشفيات بالتدمير الذى أخرجها من الخدمة (26 مستشفى، و52 مركزا للرعاية الصحية)، بل ويستهدف الكيان المجرم الأطقم الطبية، وسيارات الإسعاف، وأيضا يمنع العدو دخول المساعدات الإنسانية، بما فيها الشاحنات التى بها المستلزمات الطبية والأدوية. 
وأشار المكتب الإعلامى الحكومى الفلسطينى إلى أن 60 ألف امرأة حامل فى قطاع غزة يعانون  سوء التغذية والجفاف.
يرتكب العدو الصهيونى جميع الجرائم الوحشية بحق أطفال فلسطين، من قتل وتشويه واعتقال وإخفاء قسرى، والحرمان من حقهم فى الحياة والصحة والتعليم، بتدمير المدارس والمستشفيات ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
وإذا انتقلنا لحالة الأطفال المصابين، نجد أن المئات منهم، أصبحوا فاقدين لبعض أوجميع الأطراف، إثر إصابتهم بالصواريخ، وأيضا مئات منهم أصيبوا بحروق شديدة فى مختلف أنحاء الجسم، ومن نجوا من القصف، يعيشون مشردين فى خيام، تفتقد لأبسط مظاهر الحياة، ويموتون من الجوع والعطش، نتيجة لمنع العدو إدخال المساعدات الإنسانية إليهم.
ولقد أعلن المكتب الإعلامى الحكومى الفلسطينى عن أن عشرات الأطفال استشهدوا نتيجة المجاعة وسوء التغذية والجفاف، كما أعلنت منظمة يونيسف فى فبراير الماضى، أن هناك ارتفاعا فى معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال فى شمال غزة، فى الأطفال دون سن الثانية، بجانب تعرضهم للأوبئة والأمراض السارية، الناتجة عن عدم توافر مياه صالحة للشرب.
وعلى المستوى النفسى يجد الأطفال أنفسهم، ضحايا العدوان، والتعرض المباشر لمشاهد الموت والقتل، والنزوح من ديارهم، مما يصيبهم بصدمات نفسية، ستترك آثارًا نفسية صعبة لتستمر معهم. هذا بجانب الحرمان من التعليم، نتيجة لاستهداف المدارس من قبل العدو وتدميرها بجانب استخدام مدارس أخرى كمراكز للإيواء.
لم يكتف الكيان الصهيونى المجرم، بارتكاب جرائمه، من قتل وتجويع وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطينى، ولكنه ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بالمخالفة للاتفاقيات الدولية ولمواثيق حقوق الأطفال أثناء النزاعات والحروب، وذلك باعتقال الأطفال دون سن الثامنة عشرة، ويتعرض الأسرى الأطفال لمحاكمات ظالمة، وللتعذيب والمعاملة غير الإنسانية، التى تهدد مستقبلهم بالضياع.
وبالرغم من أن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، شددت على ضرورة توفير الحماية للأطفال ولحياتهم، ولفرصهم فى النمو والتطور، وقيدت هذه المعاهدات سلب حريتهم، وجعلت منه " الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة"، إلا أن سلطات الاحتلال الصهيونى، جعلت من قتل الأطفال الفلسطينيين واعتقالهم الملاذ الأول، وأذاقتهم المعاملة القاسية والمهينة، من ضرب وشبح وحرمان من النوم والطعام، وتهديد وتحرش جنسى، وحرمان من الزيارة، كما استخدمت أقذر وأبشع الوسائل النفسية، والبدنية لانتزاع الاعترافات، والضغط عليهم لتجنيدهم للعمل لصالح "المخابرات الإسرائيلية".
ويجدر الإشارة إلى أن إدراج الكيان الصهيونى العنصرى فى القائمة السوداء سيؤدى إلى تقارير دورية عن "إسرائيل" من قبل الممثل الخاص فى الأمم المتحدة يتم تقديمها إلى مجلس الأمن، وبالتالى سيترتب على ذلك تداعيات قانونية وسياسية واقتصادية كبيرة، على الكيان الصهيونى وحلفائه الذين ما زالوا يمدونه بالأسلحة حتى اليوم، بالرغم من انتهاكه للقوانين الدولية الإنسانية، وقوانين معاملة المدنيين فى زمن الحرب خاصة الأطفال، كما أن إدراج الكيان الصهيونى فى القائمة السوداء، سيفتح الباب أمام ملاحقات قانونية/ أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية. 
إن الاستهداف المتعمد للأطفال جريمة الجرائم ويُظهِر انهيارًا أخلاقيًا وانفلاتا مرعبا من الالتزام بأى قوانين دولية.
إننا وكل الشعوب العربية، والشعوب الحرة الأبية، التى خرجت بالملايين فى كل أنحاء العالم، لمساندة الحق الفلسطينى، ولمواجهة الإبادة الجماعية، نطالب  بالوقف الفورى للعدوان الصهيونى، ووقف الجرائم بحق الأطفال الفلسطينيين، ومحاكمة الكيان الصهيونى العنصرى المتوحش على جرائمه ضد الإنسانية، وجرائم الحرب التى ارتكبها بحق الشعب الفلسطينى، مع إدخال المساعدات الإنسانية فورا، ودون قيد أو شرط، للشعب الفلسطينى الذى يعانى من نقص الغذاء، والوقود، والدواء، ويتعرض للإبادة الجماعية بالقتل برصاص العدو أو بالتجويع.
المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى والنصر للمقاومة والبقاء للشعوب والزوال للاحتلال والخزى والعار لجميع المتواطئين والمشاركين فى الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى.