رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد تطوير الروبيكي ومجمع مصر الجديدة.. كيف يمكن الاستفادة من جلود الأضاحي؟

جريدة الدستور

126 مليون قدم مربع هم حجم إنتاج مصر من الجلود سنويًا، وفق الهيئة العامة لتنفيذ المشروعات الصناعية والتعدينية، وهي الصناعة التي تنشط خلال عيد الأضحى المبارك كل عام، بسبب الأضاحي التي تخلف كميات ضخمة من الجلود وتمثل ثروة مهدرة.

وتدخل الجلود في صناعات متعددة، دفعت مصر إلى إنشاء مجمعات ومدابغ بهدف التصدير إلى الخارج لتحقيق الاستفادة القصوى من الجلود، التي في كل عام تلقى من قبل بعض الجزارين في الشوارع فتكون بلا قيمة رغم أهميتها.

«الدستور» في الملف التالي تحدثت مع عدد من خبراء الاقتصاد والتنمية المحلية، لمعرفة كيف يمكن الاستفادة من تلك الثروة، لا سيما أن مجمع دباغة الجلود في مصر القديمة ينتج حوالى 75% من إجمالي إنتاج مصر من الجلود.



خبير اقتصادي: "جلود الأضاحي تدخل في صناعات متعددة"


ياسين أحمد، الخبير الاقتصادي والمصرفي، قال: "يأتي عيد الأضحى المبارك المعروف بضخ كميات كبيرة من الجلود لدى الجزارين. فتكون كمية الجلود التي تتوافر خلالها أضعاف المعتاد  الذي يضخ طوال العام، مشيرًا إلى أن جلود الأضاحي تُعد ثروة اقتصادية كبيرة، يجب الاستفادة منها بالشكل الأمثل.

وأوضح أن جلود الأضاحي تدخل في العديد من الصناعات التي يمكن أن تحقق مردود اقتصادي عالي، مبينًا أن الأرياف تشهد زيادة كبيرة في كميات جلود الأضاحي: "هناك حملات عدة يتم تدشينها بهدف جمع الجلود وتوزيعها على المصانع ليتم تدويرها والاستفادة منها بشكل كبير  فقد تدخل في صناعة الأحذية والحقائب وغيرها من المنتجات".

ويستكمل الخبير الاقتصادي: "تدشين هذا النوع من الحملات يزيد من وعي المواطن بالماهية الاقتصادية لجلود الأضاحي، وكيف يمكن  الاستفادة الكبيرة منها لإمكانية تحقيق عائد اقتصادي كبير، حيث أن هناك كثير من الناس يتعامل مع عملية الذبح بشكل غير احترافي قد ينتج عنه في كثير من الأحوال فساد جلد الأضحية وعدم القدرة على الاستفادة منها".

وتابع: "وتتحول تلك الثروة الاقتصادية إلى كارثة بيئية عند تخزين الجلود بشكل غير صحيح أو إلقائها بالشوارع دون تحقيق الاستفادة أو عن طريق التخلص منها بأشكال غير مناسبة، ومن ثم يجب العمل بشكل أوسع على زيادة وعي المواطنين وخصوصًا أهالي الأرياف لأنهم منبع جلود الأضاحي، ليشاركونا في تحقيق مردود اقتصادي عالي من خلال تصنيع جلود الأضاحي".
 


خالد رحومة: "لا بد من تجميع وإعادة تدوير جلود الأضاحي"


وأكد الخبير الاقتصادي، خالد رحومة، على الأهمية الاقتصادية لتلك الثروة الطبيعية التي يمكن أن تتحقق عند استغلالها والاستفادة منها ثروات طائلة: "فمع قدوم عيد الأضحى المبارك يقوم الكثيرون بذبح الأضحية ومن ثم تتوافر كميات كبيرة من الجلود التي يمكن أن تدخل في صناعات عدة كالأحذية والحقائب والأحزمة والملابس وقطع الديكور الجلدية المختلفة".

أوضح رحومة: "جلود الأضاحي لها أكثر من نوع مثل جلود الأغنام والجلد البقري والجاموسي، وكل منها له استخدام وصناعات تصلح له، لأن صناعات الجلود مختلفة وكل نوع له ما يناسبه ويتلائم معه، كما أن شكل قطعة الجلد وحجمها أيضًا يساعدان في توظيفها بشكل مناسب في المصنوعات الجلدية المختلفة، فكلما كانت قطعة الجلد سليمة وغير مهدر منها، كان ذلك أفضل عند إعادة تدويرها". 

وأردف الخبير الاقتصادي أن جلود الأضاحي  تعد ثروة طبيعية يكثر وجودها بعد الأضحى المبارك والحملات التي تقام لتجميع الجلود تعمل بشكل فعال في زيادة وعى المواطنين بكيفية الاستفادة من استخدامات الجلود المتعددة، مبينًا إنه يمكن أن يكون لها استغلال اقتصادي أكبر، عند وجود جهة مختصة تستهدف جمعها وتصنيعها وتعظيم القيمة الاقتصادية من تصدير منتجاتها إلى الخارج".
 


وليد جاب الله: "جلود الأضاحي لها أهمية ضخمة"


بينما قال وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، إن عيد الأضحى هو منبع ثروة الجلود ومنذ سنوات ويتم تجميع جلود الأضاحي وتوزيعها على المدابغ والمصانع للاستفادة منها، لأنها تدخل في صناعة الحقائب والأحزمة وغيرها من المنتجات متعددة الاستخدام وتحقق مردود اقتصادي كبير".

وأضاف: “يتم فصل قطع الجلود بشكل متكامل كقطعة واحدة من دون تمزيق وإهدار مما يمكّن من إعادة استخدامه بشكل أفضل، على غرار إنتاج منتجات ذات جودة عالية تعتمد على جلود الأضاحي”.

وتابع: "تعد مدينة الجلود بمنطقة الروبيكي، الخطوة الأكثر تأثيرًا في صناعة الجلود إذا بها تحقق طفرة كبيرة في صناعة المنتجات التي تعتمد على الجلد كخامة أساسية فقد نقلت إليها كافة المصانع  التي كانت تتواجد بمنطقة المدابغ  في مجرى العيون بالقاهرة.
 


خبير تنمية محلية: "لا بد من وجود هيئة لتجميع الجلود"


رأى الحسين حسان، استشاري التنمية المحلية، أن الحل الأمثل لتحقيق الاستفادة القصوى من الجلود التي تنتجها الأضاحي خلال اليوم الأول من عيد الفطر المبارك، هو شراء الدولة لها ممثلة في أي جهة مسؤولة عن ذلك الأمر.


وقال: «حتى لا تتراكم الجلود في الشوارع وتمثل ثروة مهدرة على مصر، لا بد من إعادة شرائها من قبل وزارة الأوقاف مثلما كان يحدث خلال السنوات الماضية، فكانت الجلود تأتي من كل المحافظات إلى الوزارة التي تقوم بشرائها حتى يمكن إعادة تدويرها والاستفادة منها».


في العام 2022 افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي «مدينة الروبيكي» على مساحة 490 فدانًا، باستثمارات ضختها الحكومة بلغت 2.3 مليار جنيه، بهدف إنشاء منظومة متكاملة بأحدث التكنولوجيا العالمية في مجال دباغة الجلود.
 


وأوضح أن العائد المادي من تلك الجلود له فائدة اقتصادية للدولة، لأنه يستخدم في التصنيع والتصدير بينما عدم شرائها يؤدي إلى تراكمها في الشوارع أو بيع الجزارين لها بمبالغ زهيدة واستخدامها في المنازل بلا فائدة منشودة منها ولم يعد هناك طريقة للاستفادة منها أو التخلص منها بطريقة صحيحة.


ورأى أن الحل هو وجود هيئة مسؤولة عن جمع الأضاحي مثل مجمع مصر القديمة أو الروبيكي وغيرها تكون مسؤوليتها هو شراء جلود الأضاحي ومنع الذبح في الشارع، بحيث يتم الذبح في المجازر وإرسال الجلود إلى تلك المدابغ للاستفادة منها، ووجود وسائل تواصل مع تلك المدابغ معلنة ليتم التواصل معها.


وأوضح أن الأمر اختلف في مصر بعد إنشاء مدينة الروبيكي والتي أصبحت أكبر مجمع للجلود في مصر مؤخرًا: «بعض المواطنين يلقون بالجلود في الصرف أو الترع وتصرف الدولة ملايين الجنيهات كل عام من أجل تنظيفها».
 


خلال العام 2022 تم ذبح 19 ألف و623 رأس من الأضاحي المختلفة من البقر، والجاموس، والجمال، والأغنام، والماعز، داخل المجازر الحكومية على مستوى الجمهورية وفق وزارة الزراعة.
 

 


خبيرة اقتصادية: "منطقة الروبيكي ساهمت في الحفاظ على الجلود"


بينما وصفت هدى الملاح مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى الاقتصادية، ما يحدث كل عام من إهدار لجلود الأضاحي بأنه خسارة للاقتصاد المصري، نظرًا لأهمية الجلود ودخولها في الكثير من الصناعات التي يتم تصديرها للخارج فهي أحد وسائل توفير النقد الأجنبي.


وأوضحت أن هناك ضرورة قصوى لأن يصب اقتصاد تلك الثروة في الاقتصاد المصري وصناعة منها أحذية وحقائب وتصديرها، والحفاظ على الكميات الضخمة من الجلود التي تخرج من الأضاحي خلال أول أيام العيد.


وأشارت إلى أن مشروع الروبيكي ساهم بشكل كبير في الحفاظ على الجلود وهدم إهدارها فلا بد من توفير طرق لتوصيل الجلود إليها: «إذ تم توفير عربات نقل سهلة على المواطن بأن يتواصل معها لإعطائهم جلود الأضاحي بدلًا من إلقائها في الشارع فهي قادرة على إعادة تدويرها من جديد والاستفادة منها».


تضم مدينة الروبيكي 3 مراحل، بدءً من دباغة الجلود والمنتجات الوسيطة، وحتى الوصول للمنتجات النهائية، وبها 195 مصنعًا، وتحقق معدل نمو صناعي بقطاع الجلود يصل إلى 7% سنويًا، والمشروع يُحقق معدل إنتاج سنوي يصل إلى 150 مليون قدم2.