باسم طه: صدور مجموعتي الأولى عن "الكتاب الأول" مكسب كبير لي (حوار)
«الغول والعنقاء والخل الوفي» مجموعة قصصية تصدر خلال أيام لـ باسم طه عن سلسلة الكتاب الأول والتي يصدرها المجلس الأعلي للثقافة وتعني بنشر الكتابات الإبداعية الجديدة لأول مرة للكتاب الشبان.
وحول المجموعة وأهمية صدورها عن هيئة نشر حكومية وبداياته في الكتابة وعلاقة السينما بالأدب وغيرعا كان لـ“الدستور” هذا اللقاء مع الكاتب الشاب باسم طه.
ــ متى بدأت في كتابة المجموعة؟
لم أكن قررت نشر مجموعة قصصية، لكن بعد سنتين من التحاقي بالمعهد العالي للسينما، واحتكاكي بالمجال حلمت أن تكون عندي مجموعة وبعدها جمعت ما كان عندى من قصص كتبتها على مدار 5 سنوات، ووجدت أنها تصلح كأولي مجموعاتي القصصية.
ــ لماذا القصة دون الرواية رغم انتشار كتابة الثانية؟
كل الكتاب الكبار الذين أحب كتاباتهم وأتمنى أن أكون على شاكلتهم، ذات يوم أصدروا مجموعات قصصية بنفس الطريقة، الأمر الذى جعلنى أنتقي القصص، ليس أى قصص. والمجموعة كعمل أول ساعدتني علي أن أجد أسلوبي الخاص، وفيها تجريد، حتى أنني لم أفضل عمل تحرير كثير لها. لم أراجع كثيرا الجمل والفقرات وأغير لأن المجموعة تعتبر نوع من التجريب وهو جزء من تجربتي ورحلتى فى العثور على أسلوبي الخاص.
وحدث أن قال لى الكثيرين عن أهمية التحرير في الكتابة والتغيير فى الشكل لأنه أفضل، ولما سألت نفسي لو غيرت فى شكل المجموعة هل ستظل هى هى؟ والقصص هى هى؟ والإجابة كانت لا، لأن هذا لم يكن بيت القصيد، ورأيت أنها الفرصة الوحيدة المتاحة لي لعمل الشيء الذي أحبه دون تغير جذري، خاصة وأن القراء والمجتمع الأدبي سيغفرلي الأخطاء الأسلوبية، فوددت أن يكون هناك نوع من التوثيق لأسلوبي لمن يريد معرفة كيف بدأت الكتابة.
وأوضح باسم طه: "المجموعة الأولى هى مرشد القارئ لمعرفة أسلوب الكاتب، وهو ما كان مهم بالنسبة لي، خاصة وأن كتابى المفضلين مروا بنفس التجربة. ومن بينهم مصطفى ذكرى ومجموعته "التدريبات على الجملة الاعتراضية" والتى بحثت عليها سنين حتي عثرت عليها ووجدته متبع نفس الأسلوب. فهو لو لم يكن قد بدأ بكتابة المجموعة القصصية، ما كان قد كتب بعدها بقية أعماله بأسلوب مطور ومنمق أكتر.
ما الأهمية التي مثلتها لك ورشة الكتابة التي قمت بها؟
كانت ورشة الكتابة التي أشرف عليها الكاتب الناقد سيد الوكيل هى الوحيدة التي تدربت من خلالها علي الكتابة وتقنياتها، حضرت عدة ورش ثانية غيرها مع كتاب آخرين، لكن ورشة الكاتب سيد الوكيل أضافت لي وهي الوحيدة التي تعتبر قد عرفتني علي الكتابة والنقد، وما يعنيه الأسلوب وغيره من تقنيات الكتابة.
والأمر ليس مجرد “شوية” كلام بنحطهم فى ورق ويترجم لقصص ونصوص، الموضوع أكبر من ذلك، وسيد الوكيل من أكثر الكتاب الذىن يكتبون القصة حاليا، وعندما يدرس هذا الفن يدرسه من وجهة نظره، وهو ما أفادنى عندما كتبت، ما جعلني طوال الوقت أسأل نفسي عما أريد كتابته ولماذا؟ ولولا هذه الورشة لما وصلت لهذا الإدراك.
إذن ليس لديك مانع في كتابة الرواية؟
ما الذي يمنع، لا، ليس لدي ما يمنع من كتابة الرواية، خاصة وأنني أري أن الكاتب ليكتسب الصنعة ــ والتي لها أدوات ــ كما في الرواية بما لها من بنية وشكل معقد من التفاصيل، فلابد أن تتوفر كل هذه الأدوات لدي الكاتب.
من الصعب بالنسبة لى بل يكاد يكون مستحيل أن أكتب رواية أو نص طويل دون المرور على القصة القصيرة، فضلا عن حبي للقصة التي وقعت في غرامها من أول ما قرأت للكاتب محمود بدوى، وبعد ذلك إبراهيم أصلان في مجموعته “يوسف والرداء” وهي من ضمن الأعمال التى أحبها وقرأتها أكثر من مرة، وبالطبع الكاتب الكبير سيد الوكيل، له قصة بعنوان "مثل واحد آخر"، عندما قرأتها قلت: كيف طور أسلوب القصة وطورها ووصل بها لهذه الدرجة.
كل هذا وصل إليه بالتجربة وتطوير المهارات التى أخرجت قصة بديعة مثل واحد آخر، وهو ما حفزني لأن أجرب وبالفعل كتبت قصص مجموعتي الأولي الغول والعنقاء والخل الوفي. وهو ما أراه مسار طبيعي للتطور لأى كاتب، يكتب قصص يجرب من خلالها ومن ثم ينطلق في عالم الكتابة.
ما الذي يعنيه لك النشر الحكومي في أولي تجاربك؟
بالنسبة لي النشر الحكومي أمر عظيم جدًا، لأن فيه شكل من الاعتراف من الجهات الرسمية المتمثلة فى السلاسل مثل سلسلة الكتاب الأول التى نشرت من خلالها المجموعة، فضلا عن أن القائمين علي السلسلة شجعوني ومنهم دكتورة نعيمة عاشور محررة السلسلة والتي شجعتنى على التقديم للنشر فيها.
ثانيا النشر الخاص متاح أكتر من خلال تحمل تكلفة النشر، لكنني لا أستطيع تحمل تكلفة طبعة خاصة قد تصل فيها النسخة لـ 100 جنيه، ومقارنة بكتاب آخرين أكبر وأكثر تحققا وشهرة مثل الكاتب عادل عصمت، مجموعته “أيام عادية” والصادرة عن الكتب خانة تباع بـ 160 جنية تقريبا، فأنا جوار عادل عصمت بكل ثقله وخبرته القارئ بالطبع سيشترى كتابه. وأنا نفسي سأفعل ذلك، إذن المنافسة صعبة فى دور النشر الخاص.
وأكد باسم: "فضلا أن التوزيع فى هيئات النشر الحكومي أفضل وسعر الكتاب أقل، مما يتيح فرصة أكبر للقراء للتعرف علي اسم كاتب جديد، وهو ما يمثل مكسب كبير لي، لم يكن ليتحقق من أية دار نشر خاصة أخري. والميزة فى النشر الحكومي الاعتراف، التوزيع، سعر النسخة المتاح للقراء.
تخرجت من معهد السينما، كيف تري العلاقة بين الأدب والسينما؟
العلاقة وثيقة بين الأدب والسنيما عندما التحقت بمعهد السنيما قسم سيناريو وكان هناك ورشة قبل دخول المعهد، ورشة ابداعية نختبر فيها من خلال الكتابة والمناقشة فيها وحولها، لجعل المتقدم يتحدث عن تجربته وقصصه وإمكانيات كتابته الإبداعية.
خلال هذه الورشة كنا نتحدث ونتناقش حول الأدب والأدباء والأعمال الأدبية المتطورة فى الأدب المصري، من أمثال إدوار الخراط وخيري شلبي ومحفوظ وأصلان وأفضل أعماله فى السنيما مالك الحزين التى تحولت لفيلم “الكيت كات”.
ومن ثم هناك بالتأكيد علاقة وثيقة بين الأدب والسينما، المجالين يطورا بعضهما حتى أنه الآن يوجد ما يسمي برواية سينمائية. وتأثير السنيما على الأدب خاصة منذ بدايات ظهور الرواية، من العقاد وغيره من الكتاب القدامي كانوا يكتبون روايات كبيرة المشاهد فيها يريد تفاصيل وأسلوب أكثر ثبات منه للتغيير فى مشهد السنيما.
لأن مشهد السنيما مهما طال سيظل قصير. فى النهاية ومع سرعة إيقاع الحياة وكتابات ما بعد الحداثة، جعلتنا نتحدث عن السرعة وعدم الاكتراث وعدم الثبات، المدينة السريعة الغير مهتمة بمشاعر الناس وبطئهم وقدراتهم المحدودة أمام قدرات المختلفين عن معظم الناس ممن عرفوا كيف يوظفوا سرعة العصر، مثل السوشيال ميديا وغيرها.
فكرة الإنتاجية بشكل عام التى تحض على السرعة. والرأسمالية، وكل الأمور التى تأثرت مؤخرًا بالذكاء الاصطناعي، كل هذا تكتسب منه السنيما فى السرعة والأدب عليه أن يجاريها فى السرعة ليتزامن مع سرعة العصر.
هناك قصص أغلبها حوار ومكتوبة بشكل سيناريوهات لكنها أدبية من ناحية أخرى الأدب أثر فى السينما، فالأدب ببساطة لو لم يكن موجودا ما وجدت السينما. وعلي سبيل المثال نورى جيلان يستمد كل قصص تشيكوف ويعملها معالجة ويقدمها فى أفلام سينمائية. ومثل يسري نصر الله قرأ “المدينة” لكافافيس وعمل منها فيلم كامل اسمه “المدينة” حتى فيلمه باب الشمس مقتبس من رواية إلياس خوري عن التغريبة الفلسطينة ففى النهاية الوسيطيين ــ الأدب والسينما ــ يؤثرا فى بعضهما البعض بقوة.