ترشيد لا إلغاء.. «الدستور» تفتح الحوار حول التحول من الدعم «العينى» إلى «النقدى»
أشاد عدد من مقررى لجان الحوار الوطنى وأعضاء الأحزاب بمبادرة الحكومة للتحول من الدعم العينى إلى النقدى، فى إطار الحوار الوطنى الذى يرعاه رئيس الجمهورية.
وشددوا على أهمية دعوة الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الحوار الوطنى لوضع خطة للتحول من الدعم العينى إلى النقدى، فى ظل ارتباط قضية الدعم بملايين الأسر فى مختلف أنحاء الجمهورية.
وأوضحوا أن هذه الدعوة تسمح بإجراء مناقشات والاستماع لكل الآراء، سواء من الخبراء والمعنيين أو المواطنين، للخروج بتوصيات يمكن من خلالها تنفيذ خطة التحول إلى الدعم النقدى بأفضل صورة ممكنة.
مقررو الحوار الوطنى: ٣٥% فقط من الدعم العينى يصل للمستحقين.. والنظام المقترح ينهى الخلل
رحب الدكتور أيمن محسب، مقرر لجنة «أولويات الاستثمار وسياسة ملكية الدولة» بالحوار الوطنى، بدعوة الدكتور مصطفى مدبولى، واصفًا إياها بأنها اتجاه محمود من قبل رئيس الوزراء فى الجمهورية الجديدة القائمة على مبادئ التشاركية فى إصدار القرارات المهمة.
وأضاف «محسب»: «لا يمكن إصدار قرار يمس حياة المصريين دون دراسة ومشاركة المجتمع بفئاته المختلفة، ولا بد أن يجلس المواطنون والخبراء والمعنيون وممثلو الأحزاب من مختلف التوجهات على مائدة نقاش واحدة، لعرض رؤيتهم بشأن التحول إلى الدعم النقدى، وتحديد ملامح وخطوات وآليات التنفيذ، ما سيؤدى فى النهاية إلى تفهم وتقبل المواطنين أهمية هذا التحول، ويدعم نجاحه».
وواصل وكيل لجنة «الشئون العربية» بمجلس النواب: «التحول من الدعم العينى إلى النقدى له العديد من الآثار الإيجابية، ولا توجد دولة فى العالم تقدم دعمًا عينيًا حتى الآن، لأنه ثبت بالتجربة وجود أبواب كثيرة للفساد فيه، وعدم وصوله إلى المستحقين، فى ظل تهريب السلع المدعمة وبيعها فى السوق السوداء، فلا يصل إلى المستحقين أكثر من ٣٥٪ من هذا الدعم نتيجة الفساد».
وأكمل: «الدعم النقدى يستهدف دعم المواطن بشكل مباشر، وتوفير احتياجاته كافة، دون الاقتصار على بعض السلع»، مشيرًا إلى أن «السلع التموينية والبترولية المدعمة متاحة أمام الغنى والفقير، على عكس الدعم النقدى، الذى يصل إلى المستحقين فقط، وبالتالى تكون استفادتهم أكبر».
وأشار إلى امتلاك الدولة قواعد بيانات دقيقة تحدد المستحقين الدعم والأكثر احتياجًا، اعتمادًا على المبادرات الرئاسية، مثل «حياة كريمة»، إلى جانب بيانات وزارة التضامن الاجتماعى والجهاز المركزى للإحصاء، مختتمًا بقوله: «تحديد المستحقين الدعم جعل التحول إلى الدعم النقدى يسيرًا».
واتفق المهندس إسماعيل الشرقاوى، المقرر المساعد للجنة «الزراعة» بالحوار الوطنى، على أهمية مناقشة قضية الدعم من قبل الحوار الوطنى، للوصول إلى الشكل الأمثل لتطبيق المنظومة، وكيفية التحول إلى الدعم النقدى.
وأضاف «الشرقاوى»: «طرح موضوع التحول من الدعم العينى إلى النقدى على طاولة مناقشات الحوار الوطنى خطوة مهمة لتعزيز التوافق الوطنى حول القضايا الحيوية التى تمس مصلحة المواطن، وأكبر دليل على أن الحوار ناجح فى التعاطى مع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية».
وواصل المقرر المساعد للجنة «الزراعة»: «الاستعانة بالحوار الوطنى الذى يمثل كل أطياف المجتمع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وكذلك الخبراء الاقتصاديون، فى مثل هذه القضايا تعد أمرًا غاية فى الأهمية».
وشدد على أهمية التحول إلى الدعم النقدى، لأنه يغلق أبوابًا كثيرة للخلل فى المنظومة، ويعتبر أفضل بكثير من الدعم العينى، من حيث إمكانية تحديد المستحقين، وإيصاله لهم دون وسطاء وبسهولة.
وأكمل: «التحول إلى الدعم النقدى أصبح يمثل ضرورة لتحقيق عدالة توزيع مساعدات الدولة، شريطة تنفيذه وفق ضوابط محددة، من بينها ربط زيادته بمعدل التضخم السنوى المعلن من البنك المركزى».
كما دعا إلى الانتهاء من تنقية قاعدة بيانات مستحقى الدعم، قبل أى تغييرات فى منظومة الدعم الحالية، مع إجراء عملية التحول إلى الدعم النقدى المشروط فى إطار منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، تستهدف الأكثر فقرًا بطريقة علمية، مع ضرورة عدم المساس بقيمة الدعم المقدم للمواطنين، سواء كان عينيًا أو نقديًا.
فى السياق ذاته، قال الدكتور رائد سلامة، مقرر مساعد لجنة التضخم وغلاء الأسعار بالحوار الوطنى، إن الدعم أمر مهم للغاية خاصة فى ظل الظروف الحالية؛ لما له من تأثير على التوازن المجتمعى.
وأكد «سلامة»: «ينبغى أن نتجاوز رفاهية النقاش حول التحول من الدعم العينى للنقدى، إلى النقاش حول ما يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، سواء كان عينيًا أم نقديًا، وأيضًا حول الطرق التى ستستخدمها الحكومة لإيصال هذا الدعم، مع التحديد الواضح للمعايير المطلوب توافرها فيمن يستحق هذا الدعم».
وتابع: «يمكن للحكومة فى هذا الخصوص أن تعتمد على قواعد بيانات المبادرات الاجتماعية، مثل (حياة كريمة) وغيرها وذلك بعد تحديثها».
وأوضح: «لا بد من تفحص الأثر المالى لهذا الأمر على أرقام الموازنة، فعلى الرغم من أن هناك زيادة فى رقم الدعم بموازنة ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥ عن موازنة العام ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤ بنحو ٢٠٪، يتركز أغلبها فى الدعم السلعى والمنح الاجتماعية، إلا أن هذه الزيادة لا تتناسب مع زيادات الأسعار بسبب تغير تقييم الدولار بين الموازنتين، لذا من المهم أن تراعى الحكومة هذا الأمر عند الاختيار بين العينى والنقدى لحماية الشرائح الاجتماعية المستهدفة، بحيث لا تتأثر قدراتها الشرائية». وشدد على ضرورة تغيير النمط الاقتصادى من استهلاكى إلى إنتاجى، من خلال الرؤى والخطط والمبادرات التى تقدمنا بها فى الحوار الوطنى، ليكون ذلك مؤشر استدامة عملية التنمية بمفهومها الشامل الذى يضمن عدالة التوزيع وكفاية الدعم ووصوله لمستحقيه.
.. والقوى السياسية: يسمح بتوسيع قاعدة المستفيدين.. ويسد ثغرات سرقة ملايين الجنيهات
أعلنت الدكتورة هبة واصل، الأمين العام لحزب المصريين الأحرار، رئيسة اللجنة الاقتصادية بحزب المصريين الأحرار، عن دعم الحزب مبادرة الحكومة بتحويل الدعم العينى إلى نقدى، فى إطار الحوار الوطنى الذى يرعاه رئيس الجمهورية.
وقالت إن الحزب كان من أول المطالبين بتحويل الدعم العينى إلى نقدى بشروط قبل عام ٢٠١٥، كما قدم رؤيته فى هذا الشأن فى يناير ٢٠٢٠، من خلال عدد من المقالات، مؤكدة ضرورة تحويل الدعم إلى نقدى بشرط حسن التنسيق ووضوح آلية التنفيذ لضمان وصوله لمستحقيه.
وأشادت بجهود بمبادرة «تكافل وكرامة»، التى نجحت فى تقديم الدعم النقدى للفئات الأكثر احتياجًا، وطالبت بتوسيع قاعدة المستفيدين وضبط القواعد لمنع وصول الدعم لمن لا يستحقونه.
وأكدت أن تحويل الدعم إلى نقدى سيسهم فى تعزيز نظام موازنة الأداء، ما يعتبر علاجًا للفساد الناتج عن منظومة الدعم العينى لتركيزه على المردود والنتائج والكفاءة.
كما أشارت إلى أن هذا التحول سيسهم فى تحقيق العدالة، مع ضرورة الاهتمام بعناصر المساءلة والشفافية والنزاهة، ووجود رقابة حكومية فعالة.
وشددت على ضرورة وضع تعاريف واضحة لمستحقى الدعم، مع إعادة ترتيب أولويات وأدوات الدعم بشكل يضمن انحيازه للفقراء، وتوفير بديل عملى لتخفيف الضغوط على الموازنة العامة.
وأوصت رئيس اللجنة الاقتصادية لحزب المصريين الأحرار باتباع نهج إيجابى للقضاء على الفقر، من خلال برامج لتطوير مهارات وقدرات المواطنين تمهيدًا لدمجهم فى سوق العمل، بدءًا من المدن ووصولًا إلى القرى.
وأكدت أن نجاح آلية التحويل يتوقف على تحديد الفئات المستحقة الدعم والمعايير المستخدمة لتحقيق ذلك، مع ضرورة وضع استراتيجية تنموية تركز على النمو الشامل للقضاء على دائرة الفقر تمامًا.
من جهته، قال هشام عبدالعزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، إن فكرة التحول من الدعم العينى إلى النقدى، على المديين المتوسط والبعيد مسألة ضرورية على الحكومة حسمها.
وأشار إلى أنه يتماشى مع الحالة الاقتصادية للدولة بدرجة كبيرة، فضلًا عن أنه يضمن وصول الدعم لمستحقيه، وهذه كانت المشكلة الأولى والأخيرة والمعادلة الأصعب بشأن الدعم بشكل عام.
وأكد أن منظومة التحول للدعم النقدى تستلزم توافر حوكمة قادرة على وضع الآليات والأطر اللازمة للتنفيذ بشكل يضمن الوصول إلى المستحقين، وينظم عملية صرف المخصصات لأصحابها المحتاجين، وهذا يصب أولًا لصالح المواطن ويضمن للدولة عدم إهدار مخصصات الدعم.
ولفت إلى أن فكرة التحول للدعم النقدى ستتيح للمواطن عددًا من المزايا الجديدة تضمن له تحقيق رغبته فى شراء سلع معينة فى توقيت معين وفق احتياجاته وحده.
كما أعلن النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، عن تأييده فكرة تقديم الدعم النقدى للمواطنين بدلًا من دعم السلع، بشرط ضمان وصول الدعم لمستحقيه.
وأضاف: «فى حال وصول الدعم النقدى لمستحقيه سوف يحصل المواطن على الخبز، ولن يجرى استخدامه كبديل رخيص للعلف، كما يحدث فى الوقت الحالى، وبالتالى تضمن الدولة حسن استغلال الموارد».
من جهته، قال مجدى ملك، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، إن منظومة الدعم بشكلها الحالى تسمح بتسريب جزء كبير من مخصصات الدعم إلى جيوب أصحاب المخابز ومنافذ السلع التموينية، ما يضيع حق المواطن ويهدر ملايين من موازنة الدولة.
وأكد أن لجنة الزراعة ناقشت منذ فترة بحضور وزير التموين فكرة التحول لدعم نقدى مشروط يتيح للمواطن أن يتحكم فى مخصصات الدعم، من خلال تحديد نوع السلعة ووقت شرائها ومكان شرائها والكمية التى يحتاجها.
ولفت إلى أن التحول للدعم النقدى المشروط سيسهم فى تعظيم مخصصات الدولة ويتيح للمواطن الشراء وفق احتياجاته.
لا مساس بأعداد المستفيدين من بطاقات الخبز
أكد الدكتور على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن الدولة تتحمل الكثير من أجل دعم المواطن، وتعمل على استمرار توفير الخبز لـ٧١ مليون مواطن بشكل يومى، مشددًا على أنه لا مساس بأعداد المستفيدين من بطاقات الخبز.
وقال إن الهدف من قرار الحكومة بتحريك سعر رغيف الخبز المدعم هو الحفاظ على الدعم المقدم والممنوح للمواطنين، وذلك من خلال ترشيد الجزء المتبقى من قيمة الدعم على البطاقات التموينية، موضحًا أن فارق الدعم الذى تم رفعه من رغيف الخبز هو ١٣.٤ مليار جنيه، سيتم توفيره للمساهمة فى دعم مشروعات الإصلاح الاقتصادى ودعم منظومة الحزمة الاجتماعية التى يتم توفيرها للمواطنين مثل «حياة كريمة»، أو إنشاء مدارس وفصول تعليمية جديدة، وغيرها من الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأضاف أن الفرد له ٥ أرغفة على بطاقة الخبز، والرغيف ستكون تكلفته ٢٠ قرشًا بدلًا من ٥ قروش وبنفس الوزن ٩٠ جرامًا، علمًا بأن تكلفة رغيف الخبز ١.٢٥ جنيه، كما أنه لا مساس بعدد المستفيدين والأفراد فى البطاقة، وذلك اعتبارًا من أول شهر يونيو المقبل، ولا صحة أيضًا لتحرك أسعار السلع التموينية على بطاقة التموين، فما زالت الأسعار كما هى دون تغيير.
وبشأن إضافة مواليد جديدة على بطاقة التموين، قال الوزير إنه طبقًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بإدراج مواطنى «تكافل وكرامة» والضمان الاجتماعى وأبناء الشهداء والأطفال من هم فى رعاية أسر بديلة، بلغ عدد المستفيدين منهم بالمنظومة فى حدود ٦٥٠ ألف مواطن، علمًا بأن مظلة الضمان الاجتماعى أصبحت الآن ٨٠٠ جنيه بدلًا من ١٠٠ جنيه، ومعاش «تكافل وكرامة» وصل إلى ٦٠٠ جنيه بدلًا من ٢٥٠ جنيهًا، مضيفًا أنه لا يوجد حتى الآن قرار بشأن إضافة مواليد جدد على البطاقات التموينية.
لا تخلى عن الطبقات محدودة الدخل
أكد المستشار محمد الحمصانى، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن المسار المقبل لمنظومة الدعم هو وضع خطة لترشيد الدعم فى عدد من القطاعات الأساسية، بهدف تحسين الخدمات للمواطن واستدامتها، مشيرًا إلى أن ترشيد الدعم سيؤدى إلى تحسين مستوى أداء الخدمة، والعمل على توفير الموارد التى تمكن الدولة من الاستمرار فى تقديمها.
وأوضح أنه على سبيل المثال فى قطاع الكهرباء؛ فإن رئيس الوزراء وجّه بوضع خطة لتوفير الموارد اللازمة من أجل الانتهاء من تخفيف الأحمال خلال شهر نوفمبر أو ديسمبر ٢٠٢٤ أى بنهاية العام الجارى، مشددًا على أن ترشيد الدعم المقصود به ليس خفضًا للدعم وإنما ترشيده لتوفير قدر- ولو بسيط- من تكلفة تقديم الخدمات.
وقال إن قرار التحول للدعم النقدى لن يتم اتخاذه تحت أى ظرف من الظروف إلا بعد إجراء حوار مجتمعى؛ وهذا ما وجّه به رئيس مجلس الوزراء بأن يتم التحول من الدعم العينى أو السلعى إلى النقدى، «بعد تحقيق التوافق حوله فى الحوار الوطنى»، وأيضًا النظر فى إمكانية تطبيقه وضوابط هذا التطبيق.
وشدد على أن الدولة- مهما قامت بتحريك الأسعار أو ترشيد الدعم- لن تتخلى عن الطبقات محدودة الدخل، وسيتم الاستمرار فى دعمها؛ وهذا ما أكد عليه رئيس الوزراء.
وأشار إلى تأكيد رئيس الوزراء، خلال زيارته الإسكندرية مؤخرًا، أن الحكومة ستعود مرة أخرى، بنهاية ٢٠٢٥، إلى تحقيق التوازن فى المواد البترولية، وسيتم مع ذلك الاستمرار فى دعم السولار، لأنه مرتبط بالعديد من الأنشطة وله تأثير مباشر على أسعار السلع.
إلى ذلك، أكد متحدث الوزراء أن الدولة تراقب حزم الحماية الاجتماعية؛ وفى حالة إذا ما وجدت أن هناك حاجة لزيادة مظلة الحماية للمواطنين محدودى الدخل؛ فإنها لن تتأخر عنهم.