اللواء أحمد العوضى: تطوير وتحديث القوات المسلحة مستمر لردع أى اعتداء.. ومحاولات جرنا إلى الصراع تُشبه ما حدث وقت نكسة ٦٧
قال اللواء أركان حرب أحمد العوضى، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن الأحداث فى قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر الماضى غير مسبوقة على مدار تاريخ الصراع العربى- الإسرائيلى، ولم يتوقع أحد أن تستمر الحرب الإسرائيلية على غزة لمدة ٨ أشهر، موضحًا أن الحرب طالت بسبب الدعم الأمريكى غير المسبوق لإسرائيل، خاصة أن الولايات المتحدة يمكنها وقف إطلاق النار فورًا، وتنفيذ «حل الدولتين» لو أرادت ذلك.
وأكد «العوضى»، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن وعى الشعب المصرى يظهر دائمًا فى أوقات الأزمات، وأن تطوير وتحديث الجيش المصرى مستمر لردع العدو، واصفًا المواجهة مع إسرائيل- التى يدعو إليها البعض- بأنها «سهلة»، ولكن حاملات الطائرات لم تأت للمنطقة بسبب حركة «حماس»، لذا فإن محاولات جر مصر للصراعات فى المنطقة تشبه ما حدث وقت نكسة ١٩٦٧، فى ظل المخططات الهادفة للقضاء على الجيش المصرى.
وشدد على أن التفريط فى حبة رمل من تراب الوطن أمر مرفوض تمامًا، خاصة أن مخطط توطين الفلسطينيين، الذى سبق طرحه فى عهد «الإخوان»، يهدف لتصفية القضية الفلسطينية نهائيًا، ونقل الصراع من غزة إلى سيناء، وهو ما تتصدى له الدولة المصرية بكل الطرق، مع العمل على تنمية سيناء بشكل غير مسبوق رغم كل التحديات التى تواجه مصر من جميع الاتجاهات الاستراتيجية لأول مرة فى تاريخها.
■ تعودت مصر فى حلقات الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين على مجابهة تحديات كثيرة، لكن أحداث ٧ أكتوبر فرضت تحديات أكبر على الأمن القومى المصرى.. فما أهم تلك التحديات؟
- نشهد أحداثًا غير مسبوقة منذ «طوفان الأقصى» فى ٧ أكتوبر الماضى حتى الآن، وعلى مدار تاريخ الصراع العربى- الإسرائيلى كانت حرب ١٩٦٧ ستة أيام، وأيضًا حرب أكتوبر لم تتعد الـ١٨ يومًا، لكن الأحداث الحالية مستمرة منذ ٨ أشهر، وإسرائيل فيها تحارب شعبًا أعزل، رغم أن المقاومة حق مشروع، وفلسطين هى الدولة الوحيدة المحتلة فى العالم على مدار أكثر من ٧٠ سنة، حتى إن القضية الفلسطينية كانت على وشك النسيان.
وفى الأحداث الماضية، سواء فى ٢٠١٨ أو فى ٢٠٢١، تدخلت مصر من أجل إيقاف إطلاق النار وتنفيذ هدنة.
وعمومًا القضية الفلسطينية تعتبر على رأس أولويات الدولة المصرية عبر تاريخها، منذ ١٩٤٨، وكل الحروب التى خاضتها مصر كانت بسبب القضية الفلسطينية، عدا الحرب الوحيدة فى ١٩٧٣ التى كانت من أجل تحرير أرض سيناء، التى تحررت بتضحيات أبناء هذا الوطن.
وعلى ذكر سيناء، فقد تعرضت أرض الفيروز بعد ٢٥ يناير للإرهاب من الجماعات التى كانت تريد اغتصاب هذا الجزء الغالى من تراب الوطن، لكن رؤية القيادة السياسية كانت القضاء على الإرهاب وتعمير سيناء؛ لأن الحفاظ على الأمن القومى، وهذا الجزء الغالى من أرض مصر، ليس بالشق العسكرى فقط، لكن التنمية لها دور كبير جدًا فى جعل أبناء هذا الوطن يحافظون على سيناء.
وهناك جهود مصرية بُذلت فى سيناء منذ عام ٢٠١٣، ولمدة ١٠ سنوات، وسيناء تشهد طفرة غير مسبوقة، والدولة حريصة على تنميتها وتعميرها بالسكان، حتى يكون فى سيناء فى ٢٠٣٠ أكثر من ٧ ملايين مواطن مصرى، ولن يكونوا فى معزل، أو يتعرضون للإهمال الذى حدث خلال السنوات الماضية، وسُمح لأعداء هذا الوطن باللعب فى أدمغة الشباب.
أى أن سيناء شهدت طفرة غير مسبوقة، ولا فرق الآن بينها وبين محافظات بحرى أو الصعيد، بسبب التنمية التى حرصت الدولة على تنفيذها على أرض الفيروز.
■ لماذا طالت الأحداث فى غزة هذه المرة؟
- الحرب الحالية فى غزة طالت بسبب المجتمع الدولى والدعم الأمريكى غير المسبوق لإسرائيل.
وقد كان هذا الكلام فى الماضى يتم فى الغرف المغلقة، لكن الآن أصبح هذا الأمر فى العلن وأمام العالم كله، فأمريكا تقدم دعمًا غير مسبوق لإسرائيل بالمليارات وبالأسلحة والذخائر والمعدات.
والجيش الإسرائيلى يعتمد بشكل كبير على التعبئة، على عكس مصر، فالقوات العاملة فى الجيش المصرى هى الجزء الأكبر منه، لكن القوات العاملة فى الجيش الإسرائيلى تمثل حوالى ٤٠٪ من حجم الجيش ويتم استدعاء الباقى.
وإسرائيل نفذت التعبئة العامة على مدار ٨ أشهر، وهذا تسبب فى وقف الإنتاج فيها، لكن أمريكا توفر لها مليارات الدولارات، وأيضًا المجتمع الأوروبى، وهذا ما جعل إسرائيل تستمر فى الحرب حتى الآن.
كما أن الأمم المتحدة غير قادرة على اتخاذ أى قرار لوقف الحرب فى قطاع غزة؛ لأن أمريكا تعترض وتستخدم حق الـ«فيتو»، رغم أنها يمكنها وقف إطلاق النار فورًا، وتنفيذ «حل الدولتين» إذا أرادت، وهذا هو الحل الأمثل لإنهاء هذا الصراع.
ولكن، حتى لو حدث وقف إطلاق النار وتبادل للأسرى وهدنة، فقد تعرض الشعب الفلسطينى لمعاناة غير مسبوقة، وفى ظل هذا الاحتلال ستتكرر هذه الأحداث مجددًا.
والقيادة السياسية المصرية تعاملت مع الأزمة فى غزة بحكمة، ومنذ بداية الأحداث ناشدت مصر منظمات المجتمع المدنى تقديم مساعدات إنسانية لأهالى قطاع غزة، وتحدثت عن مخطط تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وهو مخطط إسرائيلى من أجل تصفية القضية الفلسطينية، فالناس الذين خرجوا من فلسطين عام ١٩٤٨ ليس لهم حق العودة، فما بالك بتفريغ غزة وتشريد أكثر من ٢ مليون مواطن، وكذلك من الضفة الغربية، فهذا يؤدى إلى تصفية القضية.
■ ماذا تعنى تصفية القضية الفلسطينية؟
- ملاك هذه الأرض سيتركونها، وحق العودة غير مكفول لهم، وبالتالى سيتم إنهاء القضية الفلسطينية، فلا يوجد شعب ولا أرض لهم، وكان ذلك يتم فرضه فى بداية الأحداث.
لكن نتيجة جهد القيادة السياسية المصرية، واللقاءات التى أُجريت، أصبح المجتمع الدولى لديه قناعة إلى حد ما برفض فكرة تهجير الفلسطينيين، لأن هذا الأمر ليس منطقيًا.
■ ما الذى يمثله هذا التهجير من خطورة على الأمن القومى المصرى؟
- مصر بها حوالى ٩ ملايين أجنبى، من السودان وليبيا واليمن، وغيرها من الدول، لكن من الممكن أن يعودوا إلى بلادهم فى أى وقت، لكن بالنسبة لفلسطين وغزة فالوضع مختلف؛ لأن من خرجوا مَن فلسطين فى ٤٨ ليس لهم حق العودة لوطنهم.
كما أننا لو أخذنا الفلسطينيين فى سيناء ستكون النقطة الساخنة للصراع على أرض مصر، وسيكون الصراع داخل الأرض، إلى جانب قوات الاحتلال الموجودة فى غزة، وبالتالى ينتقل الصراع من غزة إلى سيناء، وأى حركة من المقاومة سترد عليها إسرائيل.
وموضوع تهجير الفلسطينيين ليس جديدًا، وطُرح من قبل فى عهد الإخوان، ولم تكن لديهم مشكلة فى هذا الأمر.
والموضوع ليس موضوعًا يتعلق بالمال والمليارات، بل هذه أرضنا ولن نفرط فى حبة رمل واحدة منها، حتى لو لم نأكل، لأن التنازل عن جزء من تراب هذا الوطن أمر مستحيل.
وأؤكد أن مصر «عملت ما لا يُعمل» بالنسبة للفلسطينيين، وضحت تضحيات غير مسبوقة، منها أكثر من ١٢٠ ألف شهيد و١٠٠ ألف مصاب خلال الحروب التى خاضتها مصر من أجل القضية الفلسطينية، لكن أرضنا لن يأخذها غيرنا، ولا بد من الدفاع عن الأرض والتمسك بها، وفكرة الوطن البديل ستؤدى إلى انتهاء وتصفية القضية الفلسطينية، وستضر بالأمن القومى المصرى، وهذا التوجه من ثوابت القيادة السياسية، التى أصرت على عدم تصفية القضية منذ بداية الأحداث ومن قبلها.
ومصر فى عام ٢٠٢١ قدمت أكثر من نصف مليار دولار لإعادة إعمار غزة، وكنا فى أشد الحاجة لها، لكن القضية الفلسطينية قضية الشعب المصرى.
وحاليًا، الاتجاهات الشرقية والغربية والجنوبية حتى اتجاه البحر الأحمر المصرى محاطة بنقاط مشتعلة، وهذه أحداث لم تمر على مصر عبر تاريخها، وحتى فى حرب ٧٣ كان الاتجاه شمال شرق، لكن كل الاتجاهات كانت مؤمنة، بل على العكس كانت هناك قوات مشاركة من هذه الاتجاهات، على عكس الوضع الآن، فقد تفككت السودان وليبيا واليمن، وأحداث البحر الأحمر تؤثر على قناة السويس، وكل هذه العوامل تؤثر على الدولة المصرية.
ورغم كل ذلك، هناك أعمال تنمية حقيقية فى القطر المصرى لإعمار الدولة، وهذه من الأشياء التى لم تحدث من قبل فى الدولة المصرية.
■ هناك من يترصد لمصر ومنصات إعلامية تدفع فى اتجاه توريطنا فى صراع.. فما علاقة ذلك بتسليح الجيش المصرى؟
- خدمت فى القوات المسلحة ٤٥ سنة، وتقلدت مناصب قيادية، وكنت مدير الشرطة العسكرية ومدير الصاعقة ومدير سلاح المشاه، وبعد ما خرجت إلى المعاش توليت منصب نائب رئيس جهاز الرياضة فى القوات المسلحة، وأؤكد أن موضوع التطوير والتحديث فى الجيش مستمر.
وحتى يتم إرهاب العدو بشكل مستمر، فلا بد أن تكون قويًا، وإن لم تكن قويًا ستكون فريسة لأى طامع، وهذا ما حدث فى المياه الاقتصادية لشرق المتوسط، لأنك إن لم تكن قادرًا على حماية هذه الثروات فقد تكون هناك دول كثيرة ستطمع فى مصر، وتشارك فى هذا الموضوع.
ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم وهو مهتم بتطوير وتحديث تسليح الجيش، وتنويع مصادر السلاح من فرنسا وألمانيا، لإعادة بناء الجيش، لأن كل معتدٍ سيفكر جيدًا قبل الاعتداء على مصر، لأنه سيقدر حجم الخسائر التى سيتكبدها.
والموضوع ليس مع إسرائيل، لأن المواجهة مع إسرائيل سهلة، وفى حرب ١٩٧٣ كانت الظروف صعبة والجيش قام بمعجزة عسكرية بكل المقاييس لمواجهة دولة على أعلى درجة من التسليح، فى ظل وجود مانع مائى هو قناة السويس على طول المواجهة، وأيضًا خط بارليف الحصين، حتى إن الخبراء كانوا يقولون إنه يحتاج لقنابل ذرية، لكن تم القضاء عليه، وعبور الساتر الترابى بواسطة خراطيم مياه بسيطة، وطرق بدائية وسهلة لم تكن تخطر على بال أحد، لكن الجيش المصرى كانت لديه عزيمة وإرادة، ومقاتل قوى تم تدريبه جيدًا على أعلى مستوى.
وأؤكد أن الموضوع ليس إسرائيل، وإنما هناك استهداف عالمى كبير لمصر، وحاملات الطائرات الأمريكية المتمركزة ليست بسبب «حماس»، وإنما بسبب دول أخرى، جاءت خوفًا على إسرئيل، وفى حرب أكتوبر كان هناك دعم أمريكى عسكرى على أعلى مستوى، من دبابات وصواريخ عالية الدقة والتكنولوجيا.
■ ما تأثير دخول مصر فى حرب مباشرة نتيجة الأوضاع فى قطاع غزة ورفح الفلسطينية؟.. وكيف ترى الدعوات للصراع من أصوات لا تعلم شيئًا عن الأمن القومى المصرى؟
- الجيش المصرى ليس مثل الميليشيات العسكرية الموجودة فى دول كثيرة، فالعلاقة بين الجيش والشعب علاقة وطيدة جدًا، ومنذ يناير ١٩٧٧ عند انتفاضة الشعب على الرئيس أنور السادات بسبب رفع الأسعار، وأنت تلمس ذلك فى الشارع، فعندها تم استدعاء الجيش، وفى المقدمة سلاح الصاعقة، لتأمين ممتلكات الشعب والحفاظ عليه وليس لقمعه.
وفى يناير ٢٠١١، كان هناك من يريد أن تحدث وقيعة بين الجيش والشعب، رغم العلاقة الوطيدة والمتميزة، لكن وقتها كان هناك من يحتمى فى الدبابات.
وتسليح الجيش المصرى لردع العدو، وليس لغزو أى أرض، وفى حرب ٧٣ كانت أرضنا محتلة من عدو متغطرس، رفض كل المحاولات والمفاوضات السلمية، والجيش المصرى وقتها كان يتمنى عدم رجوع سيناء بحل سلمى ويرجو خوض حرب لتأديب هذا العدو الجبان، وكنا ندعو الله سبحانه وتعالى بذلك، لإزالة وصمة العار التى لصقت بالجيش فى ٦٧، لكن لم تكن الدولة جاهزة لدخول حرب، بعد ضرب المطارات.
وإسرائيل كانت تخطط لمصر وقت النكسة عبر جرها لحرب بدعوى الحشود التى حدثت بسبب هضبة الجولان فى سوريا، ومصر الآن لو كانت ضعيفة فسيدخل الإسرائيليون ويجبرون الفلسطينيين على دخول سيناء، لكن الجيش المصرى قوى، ورفض ملف التهجير والتوطين، وإسرائيل تعلم ذلك جيدًا، لأن «من يقدر على فعلها مرة سيقدر على فعلها مرتين وثلاثًا»، كما قال الرئيس السيسى.
وأؤكد أن جيش مصر للدفاع عن تراب مصر، وأى عدوان على أرض مصر سيواجه بكل قوة وعنف، والجيش منذ بداية الأحداث وهو موجود، حتى على الشريط الحدودى لمعبر رفح.
■ خلال الأزمة الحالية تم اتخاذ قرار بالحفاظ على القضية الفلسطينية من التصفية مع حماية الأمن القومى المصرى بعدم التوطين.. فماذا عن الداخل وحياة الناس؟
- الشعب المصرى شعب واعٍ، ووقت الأزمات والشدائد لديه القدرة على الرؤية بشكل جيد، وفى بداية أحداث الحرب على غزة كنا مقبلين على انتخابات الرئاسة، وشاهدنا فى الانتخابات الرئاسية استحقاقًا رئاسيًا لم نر مثله من قبل فى تاريخ الحياة السياسية فى مصر، من حيث حجم المشاركة، ونسبتها التى وصلت إلى ٦٦٪، ما يمثل درجة عالية من الوعى، إذ قرر المواطنون المشاركة فى الانتخابات الرئاسية بمحض إرادتهم.
والناس وقتها هى التى نزلت وذهبت للجان، ولم يقتصر المشهد على القاهرة والإسكندرية والمحافظات الكبرى، وإنما حدث حتى فى القرى والنجوع، وهذا أكبر دليل على التلاحم بين أبناء الشعب المصرى.
وهنا وصل للمواطن المصرى أن القرار الذى يؤخذ على مستوى الأمن القومى له مساس بمصلحته الشخصية، وأن القيادة السياسية مسئولة مسئولية كاملة عن مصلحة الشعب فى كل ما يتم اتخاذه من قرارات، وبالتالى لا بد لهذه القرارات أن تكون مدروسة وحكيمة، فالتهور ليس مطلوبًا أبدًا فى مثل هذه القرارات، بل يجب دراسة المصالح ومعرفة ما سيعود بالنفع على المواطن، وما سوف يخسره فى حال اتخاذ أى قرار.
أما فى حال الاعتداء على الأرض فالوضع يختلف، فهناك تقديرات دولية على مستوى دول العالم، وكل الأطراف الموجودة، ونحن نرى أن الغرب به الكثير من الأحلاف والتحالفات، لكن أين العرب؟، فهل مصر فقط من ستحارب؟، أين باقى الجيوش العربية؟!
■ فى عام ٢٠١٥ طرح الرئيس عبدالفتاح السيسى فكرة وجود قوى عربية مشتركة.. فهل الأحداث التى حصلت مؤخرًا خاصة مع تكتل العالم كله وراء إسرائيل لا تستدعى التفكير بشكل مختلف؟، وما الذى يعوق وجود مثل هذه القوى العربية المشتركة؟
- العرب إذا لم يتحدوا، عاجلًا أم آجلًا، فسيصبحون لقمة سائغة فى ظل التحديات الموجودة، فإذا لم يوجد كيان وقوة عربية يُحسب لها كل الحساب فلن يُعمل لهم اعتبار.
■ هناك من يربط بين ما يحدث الآن وما حدث فى ٢٠١١ ويرى أنه استهداف للدول العربية المؤثرة، كيف ترى الأمر؟، وهل المقصود إضعاف هذه القوى حتى لا تستطيع مواجهة إسرائيل عندما تحين مثل هذه اللحظة؟
- هذه مخططات لدول، على رأسها إسرائيل، فالجيش العراقى كان من أقوى الجيوش العربية، وكذلك الجيش السورى، لكن كل هذه الجيوش تم القضاء عليها دون أى مواجهة، ومصر أيضًا كان هذا المستهدف لها، وكان الهدف من ٢٥ يناير هو القضاء على الجيش.
■ هل هذا ما جعل مثل هذه الدول لا تغفر للجيش المصرى ولا لشعب مصر ما حدث فى ٣٠ يونيو لأنه عطل كل هذه المخططات؟
- انحياز القيادة السياسية إلى جانب إرادة الشعب كان سببًا رئيسيًا فى نجاح ثورة ٣٠ يونيو، وبالتالى فإن قرار الرئيس السيسى بالانحياز لإرادة الشعب وتحمله المخاطر والتحديات الخاصة بحياته هو شخصيًا وحياة أسرته كان قرارًا تاريخيًا، ما أدى إلى نجاح الثورة.
وكل من يتحدث بسوء عن الجيش المصرى هم أولئك الذين يمتلئون بالحقد والكراهية، ولذلك يروجون الشائعات التى تهدف إلى الإيقاع بين الشعب والجيش.
فالجيش المصرى جيش وطنى، ونحن نعيش فى أمان واستقرار بفضل جهود وتضحيات رجال الجيش المصرى، كما أن الجيش والشعب المصرى عصيان تمامًا عن الوقوع فى فخ الفصل بينهما، وقد حاول المغرضون كثيرًا فى ذلك، لكن فى النهاية هذا المخطط لم ينجح، ففى النهاية الجيش المصرى من أبناء الشعب، فليس به مرتزقة، بل الكل يؤدى خدمة التجنيد الذى يعتبر شرفًا لأى مواطن مصرى، حتى يدافع عن تراب أرضه وبلده.
■ بالعودة إلى أحداث ٧ أكتوبر.. هل توقعت استمرار الحرب على غزة كل هذه الفترة؟
- كانت توقعاتى لهذه الحرب أن أقصى وقت لاستمرارها شهر واحد، لكن فى النهاية، فإن إسرائيل لم تستطع القضاء على «حماس» ولم تحقق الهدف من هذه الحرب، كما أن ضغط الشعب فى إسرائيل على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغط رهيب.
ومع ذلك، فإن أكثر من ٨٠٪ من منشآت غزة أصبحت على الأرض ودُمرت تمامًا، وسقط أكثر من ٣٥ ألف شهيد، وأكثر من ٧٠ ألف مصاب، فماذا تريد إسرائيل بعد كل هذا؟!
وفى النهاية، كل هذه الحرب ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، حتى إن الاحتلال لا يريد إدخال مساعدات، فلا أكل ولا شرب ولا مياه ولا دواء ولا كهرباء، فهل هذه حرب أم إبادة جماعية؟
وهنا أحيى دولة جنوب إفريقيا لرفعها دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، كما أحيى موقف الخارجية المصرية بالانضمام إلى هذه الدعوى، بعد أن فاض بها الكيل، ما يعد موقفًا فارقًا فى تاريخ الدبلوماسية المصرية، لأنه من العار على المجتمع الدولى، وعلى رأسه أمريكا ومنظمات حقوق الإنسان، أن تحدث مثل هذه الجرائم.
■ بنسبة كم نجحت مصر فى تحقيق أهدافها والحفاظ على أمنها القومى رغم تشابك الأزمة؟
- النجاح ليس فقط على مدار أحداث غزة فقط، وإنما على مدار الأحداث التى مرت بالمنطقة، من ليبيا والسودان والبحر المتوسط، والتقارب الذى حدث مؤخرًا بين إيران والسعودية، الذى سوف يؤدى مستقبلًا إلى حل المشكلة فى اليمن، كما أن التقارب الذى حدث بين مصر وتركيا بلا شك سيؤدى إلى حل المشكلة فى شرق المتوسط، وفى ليبيا.
وبالتالى، فإن مثل هذه المتغيرات التى تحدث فى السياسة الدولية تؤكد نجاح الدبلوماسية المصرية فى التقارب رغم الخلافات.