مغول العصر!
قصف قوات الاحتلال لدور الكتب الفلسطينية، ومراكزها العلمية والبحثية، ليس بالأمر الغريب، لم يحدث نتاج خطأ، أو عدم دقة في التصويب، ولا بهدف تخويف أهلنا، أو إشعارهم بالترهيب!
استهداف الكتب والمكتبات، بكل ما حوته من مجلدات، ووثائق نادرة ومخطوطات، هدف أساسي للمستعمرين في كل زمن وحين، أفعال مدبرة، مقصودة مقررة، قديمة متكررة!
قد تختلف المسميات باختلاف الأزمنة، يذهب التتار ويأتي الصليبيون، يرحل المماليك ويحكم العثمانيون، ويظل الهدف ثابتا وإن اختلفت وسائله!
درجة هذا الاختلاف أو نسبته، متوقفة علي قدر دهاء المستعمر و"فطنته" ولا تستغربون التوصيف، بعض المستعمرين كان لديهم من الحصافة والذكاء ما ميزهم علي غيرهم!
عندما احتل"الأوروبيون" بلاد العرب والمسلمين، سرقوا الكتب ولم يحرقوها، نقلوها لبلادهم وترجموها، فهموا ما فيها وتدارسوها، عكس ما فعله المغول عند احتلالهم لبغداد، وما يفعله المحتلون الآن بشعبنا البطل في فلسطين.
لم يكن هدف المغول حين ألقوا بالكتب إلي مياه نهر دجلة سنة ١٢٥٨م، صنع جسر من "الورق" لتعبر خيولهم عليه، وإنما كان غرضهم طمس الهوية العربية، وتخريب التراث الثقافي والعلمي والمعرفي لجانب مضىء في تاريخ الإنسانية، لم يكتفوا بإغراق الكتب، وإنما هدموا الدور، ونهبوا ثروات القصور!
أرادوا إطفاء شعلة الحضارة، وإخماد جذوة المعرفة، وقد كانت علي أوجها، وفي عظيم بلوغها، بفضل علماء المسلمين وجهود العرب النابهين، أما مسألة الجسور، أو تسهيل العبور للخيول، فهو أمر غير معقول، أريد لنا تصديقه دون فهمه وتحقيقه، ولو أعملنا العقل فيه، لطرحنا سؤالًا واحدًا من ثلاث نقاط.
_كم من الكتب كان كافيًا لامتلاء نهر دجلة؟!
_ أي ورق هذا الذي تحمل قوة دهس الخيول؟
_كيف بقي لون النهر (أحمر×أزرق×إسود) لثلاثة أيام كاملة، وهو نهر كبير ومتسع، كما أن مياهه جارية؟
لقد كان هدفهم كما قلنا، طمس الهوية العربية، وإطفاء الجانب المضىء في تاريخ الإنسانية!
حفظ الله بلدنا، وأعان قائدنا ونصرنا.