أمين عام جامعة الدول العربية "يفضح" إسرائيل.. ويتهم العالم بـ"التواطؤ"
قال أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني "وصمة عار في جبين العالم الذي يقبل بأن تجري هذه الجرائم في هذا الزمان".
وأشار "أبوالغيط"، في كلمته خلال افتتاح أعمال مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري التحضيري للقمة العربية (33) في المنامة، اليوم الثلاثاء: إلى أن "أي كلمات لا تكفى للتعبير عن مشاعر الغضب الممزوج بالحزن لدينا جميعًا، فقد تحكمت مشاعر الانتقام الأسود من قادة الاحتلال الإسرائيلي حتى فقدوا أساسيات الحس البشري السليم، وارتكبوا جرائم لها مسمى معلوم في القانون الإنساني الدولي".
لا مكان آمنًا في قطاع غزة
وتابع: "وبعد شهور من تراكم الفظاعات مستعدًا لنطقه بوضوح التطهير العرقي؛ فالجريمة مكتملة الأركان وهي ليست جريمة قتل فحسب ولكنها اغتيال كامل لمجتمع بتمزيق نسيجه وتدمير مقدراته ومؤسساته بشكل كامل. بحيث لا تصير هذه الأرض قابلة للحياة ويُدفع الناس دفعًا للفرار من ملاذ إلى آخر، بلا جدوى".
ونوه بأنه "لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة، واليوم، ينتهي الحال بالمكدسين في رفح أكثر من مليون فلسطيني للنزوح إلى مناطق أخرى داخل القطاع بناء على أوامر إخلاء يصدرها الاحتلال بعضهم ينزح للمرة الرابعة أو الخامسة إلى العراء بلا مأوى أو أي من مقومات الحياة البشرية، بل وتطاردهم في الطرقات رصاصات الاحتلال وقنابله بين الأنقاض والخيام، بل وفي أماكن توزيع المساعدات، وكأن المطلوب هو أن يفنى أهل غزة عن آخرهم حتى يُحقق الاحتلال نصره المزعوم".
وشدد على أن "هذا العدوان هو وصمة عار ليس على جبين الاحتلال؛ لأن الاحتلال تجرد حتى من الشعور بالعار، ووقف مندوبه بوجه مكشوف قبل أيام يُمزق ميثاق المنظومة الأممية بلا خجل، هو وصمة عار في جبين العالم الذي يقبل بأن تجري هذه الجرائم في هذا الزمان، وأن تمتد شهورًا طويلة قبل أن تطالب بعض الدول بوقف فوري لإطلاق الناررغم أن ما تمارسه إسرائيل من انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني أي قانون الحرب لا يمس الفلسطينيين وحدهم، بل المنظومة العالمية وقواعدها الحاكمة والمبادئ التي تتأسس عليها".
وقال إن كل تحرك سواء كان عربيًا أو دوليًا لوضع حد لتلك الجريمة يظل ضرورة قصوى، وقد كانت المساعي العربية في هذا الصدد جادة وصادقة ومتواصلة منذ القمة العربية الإسلامية المشتركة التي استضافتها الرياض في نوفمبر ٢٣ لتكوين قاعدة صلبة من المواقف الدولية المؤيدة للشعب الفلسطيني وحقوقه، وكشف الاحتلال وممارساته، بعد أن حاولت إسرائيل عبثًا استغلال أحداث السابع من أكتوبر والتعاطف الدولي معها لتبرير مخططاتها لإنزال عقاب جماعي بالفلسطينيين، وما التصويت الدولي الكاسح قبل أيام في الجمعية العامة لانضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة بصفتها عضوًا كاملًا إلا مؤشر واضح على الموقف الدولي عمومًا من كل ما يحدث في فلسطين منذ أشهر.
وأوضح "أبوالغيط" أن العالم عرف أن الاستقرار الإقليمي يظل هشًا وقابلًا للانفجار طالما ظلت المشكلة الفلسطينية قائمة من دون حل، وأن إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة هما السبيل الحقيقي الوحيد لتحقيق استقرار إقليمي طال انتظاره.
وتابع: "برغم الألم الذي يعتصرنا جميعًا لمرأى الجرائم المشينة للاحتلال، فإننا أيضًا نشعر بالرضا لهذا المشهد العالمي غير المسبوق من الوعي والإدراك لدى جيل جديد على اتساع العالم من السويد إلى الولايات المتحدة، يرى الأمور على حقيقتها ويُدرك بحسه السليم أن ما يجري في فلسطين جريمة، وأن الجريمة ليست مرتبطة بالسابع من أكتوبر وإلا كيف نفسر جرائم المستوطنين وعنفهم الدموي وبلطجتهم في الضفة الغربية؟ وكيف نفسر جرائم إسرائيل في السجون التي كشف عنها حديثًا؟ وكيف نفسر جرائم الاحتلال السابقة على 7 أكتوبر، والتالية عليه من المقابر الجماعية والتعذيب في السجون، الاحتلال هو الجريمة الحقيقية".
ولفت إلى أن "هذا ما أدركه الشباب في العالم ويسعون اليوم إلى كشفه والتنبيه إليه ومطلبهم بسيط وواضح: أوقفوا هذه الحرب الظالمة فورًا وأنقذوا الناس من المجاعة ولا تقدموا الغطاء للإجرام لكي يباشر خطته المجنونة في غزة، فلا يُعقل أن يُهدد سعي شخص واحد للحفاظ على مستقبله السياسي مصير الملايين في المنطقة".
وشدد الأمين العام على أن الجهد العربي، عبر الشهور الماضية، سواء في إطار اللجنة الوزارية المعنية بالقضية الفلسطينية أو غيرها من الأطر، تحرك على مستويين، الأول وقف الحرب فورًا وإغاثة أهل غزة ودعم صمودهم على أرضهم بالتصدي لمخطط التهجير المرفوض عربيًا ودوليًا، والثاني هو العمل من دون تأخير، من أجل تحقيق رؤية الدولتين وخلق مسار لا رجعة عنه لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف: "نسعى لحشد التأييد للاعتراف بفلسطين ليس كإجراء رمزي مهم، ولكن كجزء من مسار له معالم واضحة يُفضي إلى مؤتمر دولي تشارك فيه كل الأطراف المقتنعة بحل الدولتين والراغبة في تعزيز فرص تحققه، فالطرفان الفلسطيني والإسرائيلي غير قادرين بمفردهما على التوصل إلى حل، ويحتاجان لتدخل دولي مكثف ومتواصل، والطرف الأضعف في هذه المعادلة هو الشعب الذي يُمارس عليه الاحتلال والذي من دون حماية دولية، يمكن أن يتعرض لمذابح تفوق بشاعتها كل وصف، لذلك فإن التدخل الدولي، بكل صوره، صار ضرورة، والعودة لمسار المفاوضات الثنائية لم يعد خيارًا ممكنًا.. فكيف يجرى هذا التفاوض بينما هناك طرف يرفضه ابتداء بل ويرفض الإطار الذي يجري على أساسه؛ أي إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية؟".
سوريا وليبيا والسودان على أجندة العمل العربي
وأشار إلى أن جدول أعمال هذا المجلس مزدحم بقضايا عربية أخرى، فرضت نفسها بواقع إلحاحها وأهميتها للأمن القومي العربي أو بسبب التدهور الشديد الذي تشهده بعض الأوضاع.. وفي هذا الصدد، فإن الوضع الصعب في السودان بالذات يستحق كل الانتباه، فالحرب المستعرة هناك منذ أكثر من عام، توشك أن تعصف بوحدة هذا البلد العربي المهم والكلفة الإنسانية للحرب تجاوزت كل الحدود هناك أكثر من عشرة ملايين نازح.. منهم أكثر من مليون غادروا البلاد، وهناك 25 مليونًا يعيشون في حالة شديدة من انعدام الأمن الغذائي وشبح المجاعة يُطل بوجهه القبيح وهناك مخاوف حقيقية من سقوط المزيد من الضحايا في دارفور، وغيرها من جبهات القتال المشتعلة.
وتابع: "هذه الحرب يجب أن تتوقف، لقد بذلت جهود عربية على أكثر من مستوى في إطار محادثات جدة وغيرها من أجل وقف الحرب، والتوصل إلى تسوية تحفظ وحدة البلاد ومؤسساتها ولكن من دون جدوى.. إننا نناشد الجميع إدراك المخاطر الشديدة التي ينطوي عليها استمرار الحرب، أناشدهم بالشروع في مسار جاد لوقف إطلاق النار، فالحلول ما زالت ممكنة إذا صدقت النوايا، وشعب السودان يستحق الاستماع إلى آلامه ومعاناته".
وقال: إن "الوضع في ليبيا واليمن وسوريا- والمطروح بشأنها قرارات على القمة- يعد مجمدًا إلى حد كبير، والتجميد هنا ليس حلًا مع الأسف؛ لأنه يخلق أوضاعًا قابلة للانتكاس ولا يرفع المعاناة عن كاهل الشعوب، ولا يوفر الاستقرار الإقليمي المنشود، إن هذه الأزمات العربية تحتاج من المنظومة العربية جهدًا متواصلًا؛ لأننا لا نقبل أبدًا أن تتحول إلى أزمات منسية ولو إلى حين".