عبد الرحيم ريحان يكشف لـ"الدستور" كيف تنبهت الدولة لـ"التراث" كصناعة مربحة؟
يحتفل العالم في شهر أبريل بيوم التراث العالمي من كل عام، الذي يعد فرصة لرفع وعي الكثيرين بالتراث الثقافي والإنساني العالمي، حول العالم، وحمايته من الاندثار والضياع، من خلال بذل الجهود اللازمة للحفاظ عليه.
والتقت "الدستور" بالدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار، عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، في حوار خاص حول ما التحديات التى تواجهها المعالم الأثرية في مصر اليوم؟ وكيفية الحفاظ على تراثنا من الاندثار.
“عبد الرحيم” أكد فى سياق حديثه؛ أن الدولة المصرية تبنهت إلي اهمية المواقع التراثية كصناعة مربحة؛ وإلى نص الحوار:
بمناسبة اليوم العالمي للتراث.. ما التحديات التى تواجهها المعالم الأثرية في مصر؟
يجيب الدكتور عبد الرحيم ريحان: “أن إدارة المواقع تحتاج إلى قيادات على درجة عالية من الكفاءة والخبرة والدورات التدريبية العديدة فى مجال الحفائر وتسجيل الآثار وترميمها وصيانتها، فوجود قيادات غير مؤهلة مع استبعاد الكفاءات يؤثر بالسلب على المواقع الأثرية من الإهمال وأخطاء فى الترميم وتعدى على الآثار”.
وأيضًا من أبرز التحديات التي تواجهنا، مشاكل التعديات على الآثار وأراضى الآثار كثيرة والزحف العمرانى والإشغالات تؤثر بالسلب على الآثار، والمياه فوق السطحية فى معظم الآثار التي من المطلوب حلول علمية لها تحافظ على الآثار.
ويشير الدكتور عبد الرحيم إلى أن أعمال حفائر البعثات المصرية يجب أن تلتزم بالمنهجية العلمية فى العمل بتواجد مفتش آثار متخصص بالآثار المصرية في حفائر الآثار الإسلامية والقبطية والعكس وأخصائي ترميم لأي بعثة آثارية متكاملة.
وما آليات وخطوات البعثات الأثرية في عمليات الحفائر والبحث عن الآثار؟
يتم العمل بنظام الطبقات ورفعها هندسيًا يوميًا بمساقط أفقية ورأسية لتسهيل استكمال الحفائر على أسس علمية ووضع تصورات اليوم التالي من خلال هذه المساقط، مع وجود دفتر يوميات حفائر تسجل به كل الملاحظات مع تسجيل الآثار المكتشفة برقم حفائر وترميمها الترميم العاجل بالموقع لحين نقلها لمخازن الآثار بعد تسجيلها بدفاتر التسجيل الرسمية.
ما الأزمة التي تواجه بعض عمليات ترميم الآثار في مصر؟
نجد أن هناك أعمال ترميم خاطئة للآثار لإسنادها إلى شركات ليس لديها خبرة في ترميم الآثار مما يؤدي إلى كوارث وعدم وجود كود مصري للترميم محدد به المعايير طبقًا لاتقافية فينيسا والمواثيق الدولية يؤدي إلى الترميم الخاطىء وإهدار الملايين فى ذلك.
برأيك.. ما دور وزارتي الثقافة والآثار في التوعية بأهمية التراث وتوثيقه وحمايته والحفاظ عليه؟
وزارة الثقافة تقوم بدور كبير مجسّدًا في المجلس الأعلى للثقافة الذى يضم 24 لجنة منها لجنة التاريخ والآثار التى تضع برنامجًا سنويًا للوعى الأثري يشارك به أساتذة متخصصون من الجامعات المصرية، تعقد داخل المجلس وخارجه ويعاد بثها على أمانة المؤتمرات بالمجلس ليستفيد منها أكبر عدد.
وهذا العام تتناول اللجنة الشخصية المصرية عبر تاريخها الطويل منذ ما قبل التاريخ وحتى التاريخ الحديث والمعاصر وأقرب ندوة كانت يوم 15 أبريل بجمعية الآثار بالإسكندرية عن الشخصية المصرية فى التاريخ اليونانى والرومانى فى مصر .
كما تتجاوب اللجنة مع كل قضايا التراث وتنظم ندوات مخصصة لذلك نتمنى من كل الشباب متابعتها إذ لم يتمكن من الحضور عن طريق صفحة أمانة المؤتمرات وهى متاحة للجميع.
لماذا لا ينظر إلى التراث على أنه صناعة مهمة وجزءًا مهمًا من قوة الدول الناعمة وموردًا اقتصاديًا مربحًا؟
بالطبع، هذا ما تنبهت إليه الدولة مؤخرًا وهو اعتبار التراث مادة للتنمية وبدأت بالفعل فى ترميم وإعادة توظيف المواقع الأثرية وتزويدها بخدمات لراحة الزوار وزيادة الدخل وهذا ما يتم فى منطقة الأهرامات وقلعة صلاح الدين ومتحف الحضارة والمتحف الكبير ومخطط له فى متحف شرم الشيخ مع إضافة خدمات البازارات فى هذه المتاحف لإحياء الصناعات التراثية بكل موقع والفنون الشعبية بها مما يزيد من دخل الآثار.
وهناك بعض القاعات مخصصة للاحتفالات والمناسبات بقصر المانستيرلى بالمنيل ومتحف محمد علي بشبرا وغيرها كما أن التطوير الجارى في القاهرة التاريخية والقاهرة الخديوية سيحقق مزيد من الدخل وزيادة عدد الليالى السياحية للاستمتاع بجمال القاهرة التاريخية والقاهرة الخديوية التى كانت باريس الشرق وستعود كما كانت.
ما رأيك في عملية الحفاظ على المواقع التاريخية والأثرية داخل المدن المصرية القائمة حاليًا؟ كما في جاري بمدينة القاهرة كنموذج للتراث المعماري والعمراني المصري؟
سُجلت القاهرة باليونسكو عام 1979 على أساس أنها أقدم مدن التراث الحي باعتبارها مدينة قديمة حديثة بمكنوناتها الثقافية من حرف وبازارات وتجار ومساكن فهى نتاج تفاعل ثقافي اجتماعي اقتصادي في نسيج عمراني واحد.
ويمكن تطبيق ذلك فى مدن تراثية أخرى، مثل مدينة رشيد المدينة الثانية فى الأهمية للآثار الإسلامية بعد القاهرة ومدينة فوة ومدينة القصر وشالى بالواحات والبهنسا بمحافظة المنيا، بالإضافة إلى العديد من المدن التي تعمل على إحياء الحرف التراثية بها وإنشاء ورش لتعليم الصبية لمهن قاربت على الانقراض للمحافظة عليها.
وكل حسب المنتجات التراثية الرائجة في محافظته مما يحقق الربط بين المجتمع المحلي والآثار وهذه المشاريع إذا دخلت بها الدولة بقوة وقدمت خطط بذلك للاتحاد الأوروبي يمكنه المساهمة في هذه الأنشطة المجتمعية.