"فضل العشر الأواخر من رمضان".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 29 مارس 2024
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 19 رمضان 1445هـ الموافق 29 مارس 2024م، التي جاءت تحت عنوان "فضائلُ العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ والتماسُ ليلةِ القدرِ فيهَا".
وأكدت وزارة الأوقاف على جميع الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة علي عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية مراعاة للظروف الراهنة.
نص خطبة الجمعة اليوم 29 مارس 2024
فضائلُ العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ والتماسُ ليلةِ القدرِ فيهَا
19 رمضان 1445هـ – 29 مارس 2024م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، وأشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيّدَنَا ونبيَّنَا مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وباركْ عليهِ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ، وبعدُ:
فإنَّ العشرَ الأواخرَ مِن شهرِ رمضانَ المباركِ أيامُ خيرٍ وبركةٍ ورحمةٍ ومغفرةٍ، ما أسعدَ مَن تعرضَ لنفحاتِهَا والتمسَ بركاتِهَا، فأحسنَ ختامَ الشهرِ الكريمِ مقبلًا على ربِّهِ (جلَّ وعلا)، مجتهدًا في طاعتِهِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامٍ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدً)، ويقولُ ﷺ: (وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ).
وقد كان نبيُّنَا صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ يحتفِي بالعشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ أيَّ احتفاءٍ، حيثُ تقولُ السيدةُ عائشةُ رضي اللهُ عنها:
“كانَ” رسولُ اللهِ ﷺ يجتهدُ في العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ ما لا يجتهدُ في غيرهِ، فكانَ “صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ:
” إذا دخلَ العشرُ أحيَا ليلَهُ وأيقظَ أهلَهُ للصلاةِ.
ومِن أفضلِ أعمالِ العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ قيامُ الليلِ فهو سبيلُ المتقينَ إلى رضَا ربِّ العالمين، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا أَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، وهو مِن أخصِّ صفاتِ المؤمنين، حيثُ يقولُ سبحانَهُ: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبِّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ *تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
ويقولُ تعالَى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبَابِ}، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (عليكُم بقيامِ اللَّيلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قبلَكُم، وقُربةٌ إلى اللهِ تعالى ومنهاةٌ عن الإثم، وتكفيرٌ للسِّيِّئاتِ، ومَطردةٌ للدَّاءِ عن الجسدِ)، ويقولُ ﷺ: (أَيُّهَا النَّاسُ: أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجنَّةَ بِسَلَامٍ).
ومنها: الاجتهادُ في الدعاءِ
لا سيَّمَا أنَّ ليلةَ القدرِ دُرَّةُ هذه العشرِ، وهي ليلةُ الدعاءِ والتضرعِ إلى اللهِ (عزَّ وجلَّ)، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوثرِ مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ)، وقالتْ السيدةُ “عائشةُ رضي اللهُ عنها”: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ ﷺ: (قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى).
فهي ليلةُ القدرِ العظيمِ والعطاءِ الإلهِي العميمِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ المَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ}، وقد جعلَ اللهُ سبحانَهُ قيامَهَا سببًا لمغفرةِ الذنوبِ، حيثُ يقولُ ﷺ: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).
*
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتَمِ الأنبياءِ والمرسلينَ سيدِنَا
مُحمدٍ ﷺ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
ومِن أفضلِ القرباتِ في هذه الليالِي العظيمةِ التكافلُ والتراحمُ والبذلُ والعطاءُ وقضاءُ الحوائجِ والإنفاقُ في سبيلِ اللهِ حيثُ تتجسدُ معانِي الرحمةِ والرأفةِ والإنسانيةِ في هذه الأوقاتِ الفاضلةِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ:
{وَسَارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنَا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا)، ويقولُ ﷺ: (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا وَمَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقَا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا).
اللهم اجعلَنَا في هذا الشهرِ الكريمِ مِن عتقائِكَ مِن النارِ ومِن المقبولين.
واجعلْ بلادَنَا آمنةً مطمئنةً يا أكرمَ الأكرمين.