كيف عرفت الكنائس المسيحية الصوم الكبير؟
تواصل الكنيسة الكاثوليكية بمصر الصوم الكبير، الذي بدأته في 18 مارس 2024، وينتهي في 4 مايو 2024، بقداس عيد القيامة المجيد.
وقال يوحنا زكريا نصرالله راعي كنيسة السيدة العذراء جزيرة الخزندارية – طهطا – سوهاج، إنه يطلق هذا الاسم على الصوم الأربعيني، وهو من أقدس الأصوام وأجلّها رتبته الكنيسة المقدسة تشبها بمعلمها الإلهي الذي صام أربعين يوما وأربعين ليلة، اشتراكا معه في خلوته في البرية بعد عماده.
من القرن الرابع حتى القرن السادس
مع بداية القرن الرابع بدأ الحديث عن “أربعينية” سابقة للفصح، ففي مجمع نيقية (325) في قانونه الخامس يأمر الأساقفة بأن يعقدوا مجلسين كل سنة للنظر في أمر المحرومين، ويشترط أن يكون الأول منهما قبل الأربعينية، دون أن نجد نظام هذه المدة، إذ كانت تعتبر استعدادا لقبول سر العماد، وكانت تختلف من حيث المدة أو الكيفية حسب اختلاف البلاد.
وأضاف: كان الرومانيون يحددون زمنا أربعينيا يستغرق ستة أسابيع، يصومون منها فقط الأسبوع الأول والرابع والسادس الذي هو أسبوع الآلام، ولكن نظمت الكنيسة الرومانية في القرن الخامس في عهد البابا لاون الكبير (440- 461) صوم ستة أسابيع كاملة عدا أيام الآحاد، وبهذا تكون مدة الصوم الفعلي ستة وثلاثين يوما. وساد هذا النظام في كل الكنيسة الغربية في تلك الفترة
وتابع: “كان الصوم في كنيسة أنطاكية والقسطنطينية وكبادوكية وأسيا الصغرى ستة أسابيع، عدا أسبوع الآلام، وكان الصوم خمسة أيام في الأسبوع بعد إسقاط السبوت والآحاد، عدا سبت النور، وأسبوع الآلام ستة أيام، فيكون مجموع صومهم ستة وثلاثين يوما، وفي أورشليم كانوا يصومون ثمانية أسابيع، خمسة أيام في كل أسبوع، فبلغت أيام صومهم أربعين يوما عدا سبت النور. أما كنيسة الإسكندرية فلم تعرف الصوم الأربعيني قبل سنة 330، ويمكننا أن نتتبع التطورات التي مر بها هذا الصوم في رسائل القديس أثناسيوس الفصحية. ففي رسالته الأولى (329) لا يتكلم إلا عن الاستعداد لعيد الفصح، ولكنه لا يذكر الأربعينية مطلقا، ويعلن أن الصوم يبدأ يوم الاثنين المقدس، وفي رسالته الثانية (330) يخطو الخطوة الأولى ويحدد بدء الصوم الأربعيني المقدس، ومدته ستة أسابيع بما فيها أسبوع الآلام”.
وواصل: تبدأ يوم الاثنين 9 مارس سنة 330 وعيد القيامة يوم 19 أبريل من نفس العام، ويعتبر أسبوع الآلام أهم من باقي الأربعين يوما والتي لم يعتبرها إلزامآ حصريا. واستمر على هذا الوضع حتى سنة 334 التي أصدر فيها رسالته السادسة والتي قرر فيها، نتيجة لانتقاد الغرب لكنيسة الإسكندرية لعدم التزامها بالصوم الأربعيني، أن من لا يحافظ على الصوم الأربعيني، لا يمكنه أن يأكل الفصح".
واختتم: يبدأ الصوم يوم 2 فبراير ويمتد إلى يوم 7 أبريل عيد القيامة، وشدد على هذا الوضع في كل رسائله الفصحية، ففي رسالته لسنة 347، يحدد بدء الصوم الأربعيني يوم 2 مارس، ويكون العيد يوم 12 أبريل فتكون مدة الصوم هذه ستة أسابيع، بما في ذلك أسبوع الآلام، تصام كل أسبوع ستة أيام، لأن الكنيسة الإسكندرية كانت في تلك الفترة تصوم كل أيام الأسبوع، عدا يوم الأحد، فتكون مدة الصوم ستة وثلاثين يوما مثل باقي الكنائس، ولكن فيما بعد امتنعت عن صوم السبت عدا سبت النور، فأصبحت أيام صومها إحدى وثلاثين يوما، ولكن لم تدم هذه الحالة طويلا، فاتخذت نظام الكنائس الشرقية الأخرى وجعلت صومها سبعة أسابيع، تصام في كل أسبوع خمسة أيام، بالإضافة إلى يوم السبت العظيم، فتكون مدة الصوم ستة وثلاثين يوما".