الاتحاد الأوروبي ومصر يرفعان العلاقات إلى شراكة استراتيجية.. اقتصاديون: دفعة قوية للاقتصاد عبر زيادة السيولة الدولارية
أعلن الاتحاد الأوروبى عن حزمة دعم مالى واستثمارى لمصر بقيمة ٧.٤ مليار يورو للفترة ٢٠٢٤- ٢٠٢٧، تتضمن ٦٠٠ مليون يورو فى شكل منح، بما فى ذلك ٢٠٠ مليون يورو لإدارة الهجرة، و١.٨ مليار يورو من الاستثمارات الإضافية فى إطار الخطة الاقتصادية والاستثمارية للجوار الجنوبى، و٥ مليارات يورو من القروض الميسرة «المساعدة المالية الكلية».
وذكر الاتحاد الأوروبى، فى بيان، أن الشراكة مع مصر تغطى ٦ أولويات مشتركة، تشمل: العلاقات السياسية، التى تتضمن تكثيف الحوار السياسى من خلال عقد قمة بين الاتحاد الأوروبى ومصر مرة كل عامين، على رأس مجلس الشراكة السنوى، ومواصلة تعزيز الاستقرار والديمقراطية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص.
وتتضمن الأولويات الاستقرار الاقتصادى، الذى يشمل دعم الإصلاحات الكلية والاجتماعية والاقتصادية فى مصر، بما فى ذلك المساعدة المالية الكلية، جنبًا إلى جنب مع الشركاء الدوليين، وتقديم الدعم لجذب الاستثمارات الخاصة، وكذلك الاستثمارات والتجارة، من خلال تعبئة الاستثمارات لتحديث الاقتصاد، بما فى ذلك التحول الأخضر والرقمى، خاصة فى إطار الخطة الاقتصادية والاستثمارية للجوار الجنوبى، بالإضافة إلى دعم تنظيم مؤتمر الاستثمار بالقاهرة، والتركيز على الطاقة واستثمار الاتحاد الأوروبى فى الروابط بين ضفتى البحر الأبيض المتوسط «مشروع GREGY»، وفى صناعة الهيدروجين المتجدد فى مصر.
وتشمل أولويات الشراكة، كذلك، التعاون فى مجال الهجرة فى جميع المجالات، بدءًا من مكافحة تهريب البشر والاتجار بهم، إلى تعزيز إدارة الحدود ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية، وتسهيل الهجرة القانونية، فضلًا عن تعزيز التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب ومنع ومواجهة التهديدات الأمنية، بما فى ذلك التهديدات السيبرانية، بالإضافة إلى استكشاف المزيد من التعاون فى مجال إنفاذ القانون، ومكافحة الجريمة المنظمة، وبناء القدرات والتدريب.
وفيما يخص تعزيز المهارات للبشر، تشمل أولويات الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى مواصلة العمل المشترك فى مجال التعليم والتدريب وتعزيز التبادلات فى إطار برنامج «إيراسموس بلس»، وتعزيز التعاون فى مجال البحث والابتكار، مع انضمام مصر إلى مبادرتى «هوريزون يوروب» و«كرييتيف يوروب»،
كما تتضمن أولويات الشراكة مشاريع فى إطار الخطة الاقتصادية والاستثمارية للجوار الجنوبى، وهى تحول الطاقة وأمن الطاقة، التى تشمل دعم مبادرة الترابط بين المياه والغذاء والطاقة، كجزء من استراتيجية مصر المناخية.
ومن خلال منح بقيمة ٣٥ مليون يورو، سيدعم الاتحاد الأوروبى هدف مصر المتمثل فى تركيب قدرات إضافية للطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة فى توليد الكهرباء، بالإضافة إلى التحول الرقمى، من خلال دعم كابل الألياف الضوئية البحرى الإقليمى MEDUSA بطول ٧١٠٠ كيلومتر، الذى يربط بلدان شمال إفريقيا وضفتى البحر المتوسط، لإدارة كميات متزايدة من البيانات وتحسين الاتصال.
ووفقًا للاتحاد الأوروبى، تشمل الأولويات الأمن الغذائى، والمساعدة فى التخفيف من تأثير الحرب الروسية فى أوكرانيا على الأمن الغذائى فى منطقة الجوار الجنوبى، بعد أن أنشأت المفوضية الأوروبية «مرفق الغذاء والقدرة على الصمود»، بمبلغ ١٠٠ مليون يورو، لتوسيع سعة تخزين الحبوب وإنتاجها بمصر، فضلًا عن التحول الأخضر وكفاءة استخدام الموارد، التى تشمل تحسين البنية التحتية وخدمات الصرف الصحى فى مصر، والحد من التلوث وتحسين الصحة العامة، وتوسيع وتحديث محطة معالجة مياه الصرف الصحى بحلوان بمنطقة القاهرة الكبرى، وتحسين البنية التحتية لمياه الصرف الصحى، والحصول على خدمات الصرف الصحى فى محافظة الفيوم.
رأى عدد من خبراء الاقتصاد أن الاتفاق على حزمة مساعدات عاجلة لمصر من الاتحاد الأوروبى، يمثل دفعة قوية للاقتصاد المصرى، ويكتب فصلًا جديدًا من التعاون المشترك بين الطرفين.
وقال الدكتور محمد سعدالدين، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية، إن العلاقات المصرية الأوروبية فى أزهى عصورها، فمنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية البلاد، تطورت العلاقات بشكل غير مسبوق.
وأضاف «سعدالدين»، لـ«الدستور»: «حزمة المساعدات الأوروبية الجديدة التى تقترب من ٨ مليارات دولار، تأتى لدعم الحكومة فى ملف اللاجئين والهجرة غير الشرعية، بجانب تنفيذ مشروعات الطاقة الخضراء، وهذا يؤكد أهمية القاهرة إقليميًا فى حل مشاكل المنطقة العربية».
وواصل: «التعاون الاقتصادى مع دول الاتحاد الأوروبى يؤدى إلى زيادة حجم التبادل التجارى بين مصر وأوروبا، ويدعم خطة الدولة لتحويل مصر إلى مركز إقليمى لتداول وتخزين الطاقة، لتصبح مصر شريكًا استراتيجيًا لدول الاتحاد الأوروبى»، مشيرًا إلى أن «مصر بوابة العبور لأوروبا، وهذه المساعدات تؤدى إلى زيادة السيولة الدولارية فى السوق».
وقال هانى أبوالفتوح، الخبير المصرفى، إن حزمة المساعدات التى يقدمها الاتحاد الأوروبى لمصر، بقيمة ٧.٤ مليار يورو، تمثل دفعة قوية لاقتصادنا، فى ظل التحديات الإقليمية الراهنة.
وأضاف «أبوالفتوح» أن هذه المساعدات تأتى وسط مخاوف من أن تؤدى الصراعات فى غزة والسودان إلى تفاقم المشاكل المالية فى القاهرة، وزيادة ضغوط الهجرة على أوروبا.
وواصل: «حزمة المساعدات لها أبعاد استراتيجية، إذ تُمثل الصفقة المقترحة جزءًا من استراتيجية الاتحاد الأوروبى لتعزيز التعاون مع دول شمال إفريقيا، بهدف تجنب عدم الاستقرار الاقتصادى فى الدول المجاورة لأوروبا، ووقف الهجرة غير الشرعية من إفريقيا، إضافة إلى دعم مصر كحليف استراتيجى فى المنطقة».
وتوقع أن تسهم المساعدات فى دعم الاقتصاد المصرى من خلال تمويل مشاريع التنمية، وتعزيز الاستثمارات، وخلق فرص العمل، ما يؤدى إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين، مضيفًا: «هناك تحديات يجب على الحكومة العمل لمواجهتها، مثل تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية وتحقيق الاستقرار الاقتصادى على المدى الطويل».
وقال الخبير الاقتصادى، أحمد معطى، إن حزمة المساعدات الأوروبية لمصر تأتى فى توقيت مناسب وتمثل شهادة ثقة ومصداقية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى وإعادة الهيكلة التى تقوم بها الدولة، مشيرًا إلى أن الشركاء الدوليين، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبى، أكدوا مساندتهم مصر، وتقديم الدعم اللازم لعبور الأزمة الحالية.
وأضاف «معطى» أن حزمة المساعدات الأوروبية ستؤدى إلى زيادة السيولة الدولارية فى السوق، وستقضى نهائيًا على «السوق السوداء للعملة»، إذ إن توافر الدولار بالبنوك سيؤدى إلى تراجع جديد فى أسعاره ليصل إلى ٤٠ جنيهًا خلال أيام، مشيرًا إلى أن حزمة المساعدات أثرت إيجابيًا على حائزى الدولار.
وقالت سهر الدماطى، الخبيرة الاقتصادية، إن حصول مصر على حزمة مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبى سيؤثر إيجابيًا على الاقتصاد المصرى، ويوفر سيولة دولارية جديدة بالسوق، مشيرة إلى أن الاتفاق يأتى ضمن سلسلة الاتفاقات التى تقوم بها مصر لإعادة هيكلة مسار الاقتصاد.
وأضافت «الدماطى»: «قضية اللاجئين والهجرة غير الشرعية تشغل بال مسئولى الاتحاد الأوروبى، واحتضان مصر ٩ ملايين مغترب ولاجئ أمر جدير بالاهتمام، فمعظم هؤلاء المهاجرين كانوا يفكرون فى السفر إلى أوروبا».
وأتمت بقولها: «وجود المغتربين واللاجئين أضاف أعباءً على الاقتصاد المصرى، لتوفير احتياجات الضيوف، وهذا استنزف جزءًا من موارد الدولة، وكان لزامًا على الشركاء الدوليين مساعدتها ودعمها لمواصلة حل هذه المشاكل التى فرضتها التوترات الجيوسياسة والحروب بالمنطقة، فى السودان وسوريا وليبيا وفلسطين».
ووصف النائب حسانين توفيق، عضو مجلس إدارة الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة، عقد القمة المصرية الأوروبية بالحدث المهم، الذى يأتى فى توقيت مناسب للغاية، ويدفع إلى فصل جديد من التعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبى.
وكشف «توفيق» عن أن حجم التبادل التجارى بين مصر والاتحاد الأوروبى يصل إلى نحو ٣٧ مليار يورو، ليصبح بذلك الشريك التجارى الأول لمصر، مشيدًا بالاتفاق على منح مصر حزمة مساعدات مالية تقدر بـ٧.٤ مليار يورو، ومساندتها من خلال عدد من المشروعات والبرامج التمويلية، معتبرًا أن هذا يعزز من حيوية ونشاط الاقتصاد، ويوفر سيولة دولارية كبيرة.
وأضاف عضو مجلس إدارة الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة: «هناك مصالح مشتركة لحل ملف اللاجئين، ومنع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، بعد التوترات الجيوسياسية الأخيرة التى تمر بها المنطقة».
وقال الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إن القمة المصرية الأوروبية خطوة جيدة، وتسهم فى تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول الاتحاد الأوروبى ومصر، خاصة بعد الصدمات الاقتصادية والأزمات الجيوسياسية المتتالية التى أثرت على الاقتصاد العالمى.
وأضاف «الإدريسى» أن مصر تسعى للترويج للفرص الاستثمارية الواعدة، والعمل على زيادة معدلات التبادل التجارى، فى ظل إصلاحات اقتصادية واجتماعية تقوم بها مصر، بالتعاون مع صندوق النقد الدولى.
وشدد على أن حزمة المساعدات المالية والاقتصادية من الاتحاد الأوروبى بقيمة ٧.٤ مليار يورو تأتى فى توقيت مهم للاقتصاد المصرى، لاستكمال عمليات الإصلاح الاقتصادى، متوقعًا مضاعفة حجم الاستثمارات الأجنبية فى مصر من قبل الشركاء الدوليين، بعد هذا الاتفاق.