Succession.. دروس الإدارة من أبطال التليفزيون: لوجان روى.. بطل أم ضحية؟ (2)
في الجزء الثاني من أولى مقالات سلسلة "دروس الإدارة من أبطال التليفزيون"، نتحدث عن السلوك التلاعبي ورفض التفويض بمسلسل Succession، اللذان يبرزان كأحد أسوأ الصفات القيادية لـ لوجان روي، إذ إن ميل لوجان للتلاعب وترهيب أفراد عائلته وموظفيه للحصول على ما يريد؛ قد خلق بيئة عمل سامة وقوض الثقة بين لوجان وموظفيه.
للاطلاع هنا على الجزء الاول من المقال: Succession.. دروس الإدارة من أبطال التليفزيون: لوجان روى.. بطل أم ضحية؟ (1)
ملحوظة: لا يوجد حرق للأحداث
يأتي السلوك التلاعبي كأحد أسوأ الصفات القيادية لـ لوجان روي، إن ميل لوجان للتلاعب وترهيب أفراد عائلته وموظفيه للحصول على ما يريد؛ قد خلق بيئة عمل سامة وقوض الثقة بين لوجان وموظفيه.
السلوك التلاعبي
يظهر لوجان وهو يتلاعب بأفراد عائلته وموظفيه للحصول على ما يريد خلال تعامله مع ابنته "شيف" التي دخلت عالم السياسة جزئيا، لرغبتها في تمييز نفسها عن عائلتها وصياغة طريقها الخاص، ومع ابنه كيندل الذي انقلب عليه بسبب تصرفاته.
تعمل شيف روي كخبير استراتيجي سياسي ومستشار في الحملة الانتخابية لمرشح يُدعى السناتور جيل إيفيس، أحد معارضي استحواذ Waystar Royco على شبكات الأخبار، وهو الأمر الذي لم يعجب لوجان، ويدفعه لإجبار ابنته على الاختيار بين ولائها له وطموحاتها السياسية: "عليك أن تختاري يا شيف. أنا أو حياتك المهنية." (الموسم 2، الحلقة 8).
كما يعتبر موقف كيندال روي بعدم الامتثال لتعليمات والده حول التعامل مع فضيحة قسم الرحلات البحرية في Waystar Royco كأبرز مثال على النتائج العكسية، حيث يلقي كيندال خطابًا يخالف تعليمات والده ويعترف بتستره على الفضيحة ويدعو إلى التغيير، ويجسد هذا الموقف رفض كيندال للسلوك التلاعبي لوالده ورغبته في تصحيح الأمور. (الموسم 1، الحلقة 10).
يمكنك مشاهدة هذا الفيديو لمشاهدة سلسلة التلاعب التي تعرض لها "كيندل" ولحظة إلقاءه الخطاب:
وتعد فضيحة فولكس فاجن: في عام 2015 أحد أبرز نماذج "السلوك التلاعبي"، إذ تبين أن الشركة استخدمت برنامجًا للغش في اختبارات الانبعاثات على سياراتها التي تعمل بالديزل، وهو ما أدى إلى فضيحة كبرى وخسائر مالية كبيرة للشركة.
ويصنف خبراء القيادة السلوك التلاعبي كأحد أسوأ الصفات القيادية، إذ أنه قد ينجز المهام، لكنه في المقابل لا يلهم الولاء أو الاحترام. كما أن له أضرار متعددة على المدى البعيد أبرزها تقويض الثقة وإتلاف العلاقات، وأحيانا قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
يقول جون سي ماكسويل، والذي يصنف كخبير القيادة الأول في العالم بحسب "Leadership Gurus"، إن السلوك التلاعبي في الإدارة "قد يمنحك ما تريده على المدى القصير، ولكنه في النهاية سيقوض مصداقيتك ويقوض ثقتك. القيادة الحقيقية تدور حول بناء الثقة وتعزيز التعاون."
رفض التفويض
وأخيرا يأتي رفض التفويض كنموذج آخر للصفات القيادية السيئة لدى لوجان روي، إذ أن القدرة على تمكين وإلهام الآخرين من أهم صفات القيادة الفعالة، من خلال الاعتماد على الكفاءات في الشركة، ومنح الموطفين فرصة لتطوير قدراتهم في بيئة العمل، وهو ما لم يحدث في Waystar Royco.
يظهر إحجام لوجان روي عن تفويض المهام المهمة لموظفيه والإصرار على القيام بكل شيء بنفسه كأحد خصائص القيادة السلبية، ويتضح ذلك في تكراره لجملة "سأعتني به. سأتولى أمره." (طوال المسلسل).
يضع "روي" Waystar Royco في عنق الزجاجة خلال عملية صنع القرار، وهو ما يدفعه لاتخاذ العديد من القرارات السيئة بسبب المشكلات التي تلاحق الشركة، وهي القرارت التي أرهقته وأرهقت كبار مديريه التنفيذيين خلال محاولة إصلاحها.
يقول جول ماكسويل عن "التفويض": "إذا كنت تريد القيام ببعض الأشياء الصغيرة بشكل صحيح، فافعلها بنفسك. إذا كنت تريد القيام بأشياء عظيمة وإحداث تأثير كبير، فتعلم التفويض."
على النقيض من ذلك، قد يؤدي "رفض التفويض" إلى نتائج سيئة، وهو ما يتضح في نتيجة إصرار لوجان روي على الإشراف شخصيًا على صفقة استحواذ كبرى لشركة إعلامية تدعى Pierce، على الرغم من اعتراضات مدير العمليات فرانك فيرنون.
وPierce هي شركة إعلامية مملوكة لعائلة لها تاريخ في إنتاج الصحافة عالية الجودة وسمعة قوية في هذه الصناعة، وتتفاوض عائلة "روي" وفريقهم مع عائلة Pierce للاستحواذ عليها، ويواجهون العديد من التحديات والعقبات على طول الطريق.
رفض لوجان التحلي بالمرونة أو تفويض من هو أكثر مرونة منه؛ ما أدى إلى فشل الصفقة ونشوب صراع على السلطة داخل الشركة. تسلط هذه القصة الضوء على مخاطر أسلوب القيادة الاستبدادي وانعدام الثقة والتفويض، وتؤكد على أهمية الانفتاح على التعليقات ووجهات النظر البديلة.
ويعد التفويض جزء أساسي من القيادة الناجحة في الشركات الكبيرة، ويتمثل ذلك في قدرة القادة على تفويض المسؤولية والصلاحيات لفرقهم، ويعد جيف بيزوس، مؤسس "أمازون"، وشيرل ساندبيرج، عضو مجلس إدارة "فيسبوك" مثالين على القادة الذين يتمتعون بمهارات تفويض قوية، والذين تمكنوا من تحقيق النمو السريع في شركاتهم ومواكبة تطورات السوق بفضل تمكين فرقهم وتفويض المسؤولية لهم.
ما الذي يمكن تعلمه مما سبق؟
يقدم أسلوب قيادة لوجان روي دروسًا حول أهمية وجود رؤية استراتيجية لقيادة أي شركة، وأهمية تمتع القادة بالقدرة على الإلهام، لكنه يسلط الضوء كذلك على مخاطر الأسلوب الاستبدادي والإدارة التفصيلية ونقص الثقة وقلة التفويض.
إذا قررت أن تشاهد المسلسل، فيجب أن تعلم أن أسلوب قيادة لوجان روي على الرغم من بعض الصفات القيادية الإيجابية التي يتمتع بها؛ إلا أنه أسلوب استبدادي وعدواني، وهو ما يعالجه المسلسل من خلال تسليط الضوء على مخاطر أسلوب القيادة الاستبدادي، وانعدام الثقة والتفويض، والتأكيد على أهمية الانفتاح على التعليقات ووجهات النظر المتعددة.