والدا 2 من شهداء القوات المسلحة: قاتلا الإرهابيين حتى آخر نفس
تحتفل الدولة المصرية فى التاسع من مارس كل عام بيوم الشهيد، تخليدًا لذكرى الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم من أجل إعلاء راية الوطن وحمايته من الأخطار، وهو ذات اليوم الذى استشهد فيه الفريق أول عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق، عام ١٩٦٩.
وتحدثت «الدستور» مع أبوى اثنين من شهداء القوات المسلحة المصرية، اللذين ضحيا بحياتهما دفاعًا عن أرض وطنهما بكل بسالة وشجاعة أمام الإرهاب الأسود، وهما العقيد أركان حرب عاصم محمد عصام، الذى تولى قيادة الكتيبة ١٠٣ بسيناء، والجندى محمد جمال كامل، الذى كان يتولى مسئولية تأمين رافع مياه بئر عرام وسط سيناء.
والد العقيد أركان حرب عاصم: كان صامتًا فى آخر إجازاته كأنه شعر بقرب استشهاده
قال والد الشهيد العقيد أركان حرب عاصم محمد عصام، إن نجله تخرج فى المدرسة الثانوية فى منطقة الرماية بالهرم، والتحق بالكلية الحربية، وكان مهتمًا بدراسته للغاية ومتفوقًا فيها، وكان دائمًا ضمن العشر الأوائل فى الدراسة.
وأضاف أنه بفضل تفوقه التحق بكلية الملك عبدالعزيز الحربية، وقضى فيها فترة ثم عاد إلى أرض الوطن، وعمل فى قوات الصاعقة المصرية، وتدرج فى الوظائف العسكرية، وحصل على العديد من المؤهلات والفرق التى تميزه كرجل قوات خاصة فى مصر وخارج مصر، كالولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا.
وأشار إلى حصول العقيد عاصم على شهادات وجوائز ودروع عديدة، منها جوائز من القوات المسلحة المصرية، حيث كان ضابطًا مميزًا فى القوات الخاصة، وحصل على رتبة «أركان حرب» من مصر وأمريكا، ثم عاد وتولى قيادة الكتيبة ١٠٣ خلفًا للعقيد أحمد منسى.
وواصل: «استشهد نجلى فى منطقة جلبانة شمال سيناء، خلال آخر مراحل العملية الشاملة ضد الإرهاب، فى يوم ٦ نوفمبر ٢٠٢٢، وقضى نحبه خلال اشتباكه مع إرهابيين، حيث قضى على الكثير منهم وضرب أحدهم بالرصاص، وأسقطه أرضًا، لكن الأخير ظل حيًا وفتح النار على سيارة العقيد، ما تسبب فى إصابة نجلى برصاصة أودت بحياته».
ولفت إلى أنه علم بخبر استشهاد نجله عن طريق أخيه، حيث اتصلت به القوات المسلحة لإخباره بالأمر، لكنه لم يستطع إخبارى، فاستعان بأحد أقاربنا ليبلغنى بالخبر تدريجيًا.
وأشار إلى أنه شعر بصدمة كبيرة، لأن نجله كان إنسانًا رائعا ومخلصًا لعمله، وكان متفوقًا دائمًا فى دراسته بدءًا من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية، كما حصل على مجموع فى الثانوية العامة يؤهله لدخول كليات القمة، لكنه فضّل الالتحاق بالقوات المسلحة.
وتابع: «العقيد عاصم شعاره فى الحياة دائمًا هو النصر أو الشهادة، كما أنه كان مستعدًا للاستشهاد دون تردد، ووصفه زملاؤه بأنه كان مِقدامًا فى عمليات المداهمة، كما أنه كان يتحرك قبل كل فرد فى كتيبته رغم نصيحة زُملائه له بالتأخر قليلًا، كونه قائد كتيبة ودوره أن يوجّه الأفراد، لكن لا يتوجب عليه مشاركتهم الدائمة فى المداهمات، لكنه كان يقول دائمًا: أنا مسئول عن دم كل عسكرى عندى».
وكشف عن أنه فى آخر إجازة للشهيد شعر بأنه مقبل على الشهادة، وكان كتومًا بطبعه ولا يتحدث عن عمله نهائيًا، لكنه فى الإجازة الأخيرة كان يعيش حالة صمت تام، ولا يتناقش فى أى موضوعات، ولا يتحدث إلا للضرورة القصوى.
وقال: «كان متزوجًا ولديه طفلة عمرها ٧ سنوات، وطفل عمره ٤ سنوات، كما كان جادًا للغاية فى حياته، وأهم صفة فيه هى البر بوالديه، كما كان حنونًا على زوجته وولديه وعائلته، وكان دائمًا ما يصل رحمه، ويلبى جميع طلبات الأسرة دون أن يطلبوها منه.. رجل بتاع ربنا جدًا، وكان يقيم جميع الصلوات فى المسجد، لذلك دائمًا يتذكره الجميع بكل خير».
وفى نهاية حديثه، أثنى على مجهودات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى توفير الكثير من الدعم لأسر الشهداء، قائلًا: «الرئيس يبذل قصارى جهده لإرضاء جميع المواطنين».
مدير جمعية المحاربين القدماء: كل أوجه الدعم لأسر الشهداء والمصابين
أكد اللواء أ.ح. مدحت عبدالعزيز فاوى، مدير جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب، أن القوات المسلحة لا تدخر جهدًا فى تقديم كل أوجه الدعم والرعاية الصحية والرياضية والاجتماعية لأبنائها من أسر الشهداء ومصابى العمليات الحربية، تقديرًا لما قدموه من تضحيات لتبقى راية الوطن عالية خفاقة.
ونظمت جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب مؤتمرًا صحفيًا للإعلان عن الأنشطة والفعاليات المقرر تنفيذها فى ذكرى استشهاد الفريق أول عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، يوم ٩ مارس عام ١٩٦٩، وذلك تزامنًا مع بدء احتفالات مصر والقوات المسلحة بيوم الشهيد والمحارب القديم، الذى يوافق التاسع من مارس كل عام.
وأعرب أعضاء الجمعية عن عميق شكرهم وامتنانهم للقوات المسلحة على ما توليه من اهتمام ورعاية، مؤكدين أن الاحتفال بهذه المناسبة يجسد أسمى معانى العطاء والروح الوطنية المخلصة لأبناء مصر المدافعين عن أمنها وسلامتها عبر تاريخها الطويل.
والد الجندى محمد: كان منضبطًا وصاحب صاحبه والجميع يحبه
كشف والد الشهيد الجندى محمد جمال كامل، الذى استشهد وهو يؤدى واجبه الوطنى فى سيناء يوم ٥ مايو ٢٠٢٢، عن أن نجله رحل عن عمر ٢٢ عامًا فقط، مضيفًا أنه كان يحب الحياة للغاية، وكان يتعامل مع الأسرة بكل احترام وأدب وأخلاق.
وقال: «كان صاحب صاحبه، ومنضبطًا للغاية. وكان حاصلًا على دبلوم سياحة وفنادق فى مدرسة الشيخ زايد الثانوية الفندقية»، مشيرًا إلى أن نجله كان يقضى خدمته فى الجيش الثانى، وتحديدًا فى قوة حرس الحدود فى رفح فى سيناء.
وواصل: «قبل واقعة استشهاده قضى البطل إجازة عيد الفطر مع عائلته، ثم عاد إلى وحدته، وفور وصوله تحدث إلى أسرته ليطمئن عليهم، وأكد لهم أنه بخير وطلب منهم الدعاء له، وإن ربنا ياخد بإيده وييسر له الأمور».
وأكمل: «فى اليوم التالى لهذا الاتصال تم إخبار الأسرة باستشهاد نجلهم، عندما كان يقف فى خدمته فى تأمين رافع مياه بئر عرام وسط سيناء، وهى منطقة ذات طبيعة غير قتالية، حيث هاجمهم مجموعة من الإرهابيين مستقلين سيارة ثم قتلوه».
وتابع: «كان أحد زملاء الشهيد ذاهبًا لشراء الطعام، قبل الهجوم الإرهابى بقليل، وعندما عاد فوجئ باستشهاد الجنود، فاتصل بشقيق الجندى محمد جمال الأكبر وأخبره بالأمر، وجاءت عربات الإسعاف وأفراد من الجيش والشرطة والحكومة، وأدينا الصلاة على الشهيد ثم تم دفنه».
واختتم: «هناك خدمات كثيرة يقدمها الرئيس عبدالفتاح السيسى لأسر الشهداء، فالرئيس والقوات المسلحة لم ينسونا نهائيًا بل يتذكروننا فى جميع المناسبات ولا يتأخرون علينا».