"معلومات الوزراء": العمل المستقل عبر الإنترنت يشكل جزءًا متناميًا من سوق العمل العالمي
ذكر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن العمل المستقل عبر الإنترنت (Gig Work) يشكل في الوقت الحالي جزءًا متناميًا وغير مهمل من سوق العمل، حيث يمثل حوالي من 4.4% إلى 12.5% من القوى العاملة العالمية، فيتراوح عدد العاملين في مجال الخدمات عبر الإنترنت على مستوى العالم بين نحو 154 مليونًا و435 مليون فرد.
جاء ذلك في التحليل المعلوماتي الذي أصدره مركز المعلومات وتناول من خلاله مفهوم العمل الحر عبر الإنترنت، ودوره في خلق الوظائف وأهميته في سوق العمل، فضلًا عن أهم إيجابياته وسلبياته.
وأشار المركز إلى توقعات منظمة العمل الدولية لسوق العمل الدولية خلال عام 2024، بأنه من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة العالمي من 5.1% في عام 2023 إلى 5.2% في عام 2024، حيث يبحث نحو 2 مليون عامل إضافي عن وظائف خلال عام 2024، وعلى الرغم من انخفاض معدل البطالة العالمي ومعدل فجوة الوظائف – أي عدد الأشخاص العاطلين والباحثين عن عمل – في عام 2023 إلى ما دون مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، -حيث بلغ معدل البطالة العالمي نحو 5.1% في عام 2023، مقارنة بمعدل 5.3% في عام 2022 كما تحسنت فجوة الوظائف العالمية ومعدلات المشاركة في سوق العمل-، فإنه لا يزال هناك اختلافات بين الدول ذات الدخل المرتفع والمنخفض في معدل فجوة الوظائف.
ولفت إلى أن خلق الوظائف يعد هو السبيل المضمون للدول للتخلص من الفقر، ولذلك تحرص كافة دول العالم على خلق مزيد من فرص العمل اللائق. ويعتبر العمل الحر أو المستقل عبر الإنترنت قوة آخذة في الظهور بسوق العمل، خاصة في الدول النامية للتخفيف من حدة مستويات الفقر، حيث تقدم منصات العمل الحر عبر الإنترنت فرصًا لتوفير الدخل للشباب والنساء ولغيرهما من الفئات.
وأشار مركز المعلومات، إلى تعريف العمل الحر عبر الإنترنت (Gig Work) والذي عرَّفه على أنه وظيفة لمرة واحدة يتقاضى العامل مقابلها أجرًا مقابل مهمة معينة أو لفترة محددة، ويتم من خلال منصات الإنترنت، حيث تعمل المنصة كوسيط بين العامل "المؤقت" والشخص أو الشركة التي تحتاج إلى إنجاز العمل.
يذكر أن غالبية العاملين في العمل الحر عبر الإنترنت يعملون بدوام جزئي، فعلى سبيل المثال يعمل نحو 54% من العاملين في مجال الأعمال المؤقتة أو المستقلة عبر الإنترنت أقل من 10 ساعات أسبوعيًّا، وفقًا لتقرير البنك الدولي " عمل بلا حدود: وعود وأخطار العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت" الصادر عام 2023.
وحول الجدل حول طبيعة العمل المستقل عبر الإنترنت، فهل العاملون المستقلون عبر الإنترنت يعملون لحسابهم الخاص ويستخدمون المنصات لتقديم خدماتهم، أم أن لديهم علاقة عمل تابعة مع شركات المنصات؟، أظهرت بيانات المسح الذي أجراه البنك الدولي على أكثر من 20 ألف شركة - والذي تم إجراؤه عبر وسائل التواصل الاجتماعي - على مستوى العالم، أن نسبة كبيرة من العاملين في الأعمال الحرة عبر الإنترنت يعتبرون أنفسهم يعملون لحسابهم الخاص أو متعاقدين مستقلين independent contractors.
يذكر أن العمل الحر عبر الإنترنت لا يعد ظاهرة في الدول المتقدمة فحسب، بل أصبح أيضًا مصدرًا شائعًا للتوظيف في الدول النامية، مع ظهور العديد من منصات العمل المحلية، بالإضافة إلى الطلب المتزايد من العالم النامي على الوظائف. فتمثل الدول منخفضة ومتوسطة الدخل نحو 40% من حركة الدخول إلى منصات الأعمال عبر الإنترنت (gig platforms)، فيعد خمس الزائرين (حوالي 18%) إلى تلك المنصات من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، تتصدرها (الهند، وأوكرانيا، والفلبين، وإندونيسيا، والهند، باكستان، ونيجيريا)، و22% من الزوار من الشريحة العليا من الدول المتوسطة الدخل مثل الاتحاد الروسي، والبرازيل، والمكسيك، وبيلاروسيا، وتركيا.
ونوه بأنه رغم من أن الدول المتقدمة لا تزال تهيمن على الطلب على العمالة عبر الإنترنت، فإن طلب الدول النامية يتزايد بمعدل أسرع، وكشفت بيانات مسح البنك الدولي، السابق الإشارة إليه، أن الطلب على العاملين عبر الإنترنت قد ارتفع بشكل أسرع في الدول النامية منه في الدول المتقدمة. وقد أكدت نحو 60% من الشركات التي شملها المسح في الدول ذات الدخل المنخفض والشريحة الدنيا من الدول متوسطة الدخل أن حصة العمل الذي تتم الاستعانة به عبر الإنترنت ارتفعت بمرور الوقت، في حين أن أقل من نصف الشركات في الشريحة العليا من الدول متوسطة الدخل أو الدول ذات الدخل المرتفع والتي شملها المسح أكدت زيادة حصة العمل التي يتم الاستعانة بها عبر الإنترنت. كما أشار العديد من الشركات في الدول النامية إلى أنها تخطط لتوظيف المزيد من العمالة عبر الإنترنت لـ "Gig workers" في المستقبل.
وأشار مركز معلومات مجلس الوزراء خلال تحليله، إلى إيجابيات العمل الحر عبر الإنترنت Gig Work حيث يوفر العمل الحر عبر الإنترنت فرصًا لتوليد الدخل وخاصًة في الدول النامية، كما يوفر مرونة مكانية وزمانية للفئات المختلفة، مثل: النساء والشباب والمهاجرون والأشخاص خاصة ذوي الإعاقة. كما يمكن أن تكون هذه الوظائف نقطة انطلاق لوظائف أفضل للشباب أو العمال ذوي المهارات المنخفضة من خلال مساعدتهم على تعلم المهارات الرقمية المهمة وسد الفجوة الرقمية، كما تُمكِّن مثل هذه الوظائف الشركات من تعديل قوتها العاملة استجابة للتغيرات في الطلب في السوق، وزيادة إنتاجيتها، وتنمية أعمالها، وبالنسبة لصانعي السياسات، فيمكن لمنصات العمل عبر الإنترنت أن توفر نقاط دخول للوصول إلى العمال غير الرسميين والعاملين لحسابهم الخاص، والذين غالبًا ما يظلون غير مرئيين لبرامج الحماية الحكومية الموسعة.
أما على الجانب السلبي، فتوفر الوظائف المؤقتة أو المستقلة حماية قليلة أو معدومة للعاملين، والذين غالبًا ما يواجهون عدم اليقين فيما يخص تدفقات الدخل كما لا توجد لديهم مسارات واضحة للتقدم الوظيفي، فلا توفر لوائح العمل وسائل لحماية العاملين في الوظائف أو الخدمات المؤقتة من الممارسات غير العادلة أو سوء المعاملة أو الإصابات في العمل. كما لا يوجد للعاملين المستقلين الحق في العضوية في شبكات الحماية الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، يثير العمل المستقل تحديات فيما يتعلق بتنظيم أمن البيانات والخصوصية ومكافحة الاحتكار وما شابه، علاوة على ذلك، لا توجد نماذج واضحة لتنظيم العمل، تكون ملائمة للدول النامية.