الروح الإيفوارية العظيمة
انتهت بطولة أمم إفريقيا بفوز المنتخب الإيفوارى، صاحب الأرض، على المنتخب النيجيرى بهدفين مقابل هدف، أحرز الهدف الثانى «سيباستيان هالير» المهاجم الرائع المحترف فى بوروسيا دورتموند الألمانى، وحتى العام قبل الفائت كان يخوض صراعا مع السرطان اللعين «اكتشف إصابته بالمرض فى يوليو 2022، وعولج وتعافى، ثم عاد إلى الملاعب فى يناير 2023».. قال «هالير»، وهو يبكى، عقب المباراة التى أعطت بلاده كأس البطولة: «كان لا بد أن نؤمن بأنفسنا، وهذا ما فعلناه، وجاءت المكافأة الجميلة فى النهاية».
تأملت المشوار الإيفوارى فى البطولة لاستيعاب معجزته، فعلت مرارًا وتكرارًا بعد خفوت الصخب الذى أحاط بالوقائع؛ فوصلت إلى نتيجة واحدة من كلمة واحدة: الروح!
بدأ الفريق مبارياته، فى دور المجموعات، بالفوز على غينيا بيساو بهدفين نظيفين، ثم الهزيمة من نيجيريا بهدف، ثم الهزيمة الثقيلة أمام غينيا الاستوائية بأربعة أهداف مقابل لا شىء، وهى الهزيمة التى جعلت محللى الكرة يفقدون الأمل فى هذا الفريق، ويصفونه بالأضعف فى مسيرة الإيفواريين عموما، ويتوقعون خروجه من البطولة..
صعد الفريق الإيفوارى إلى دور الـ16 كأحسن ثالث، بعد أن أهله المغرب للأمر بالفوز على زامبيا، مفاجأة الصعود كانت كبيرة طبعًا، أكبر منها أنه أطاح بمنتخب السنغال من نقطة الجزاء «حامل اللقب، والمرشح للحصول على البطولة» وهكذا صعد إلى الدور ربع النهائى، وفيه أطاح بمنتخب مالى محولًا هزيمته بهدف إلى فوز بهدفين، وبالتالى صعد إلى الدور نصف النهائى، وفيه أطاح بمنتخب الكونغو بهدف، وهى المباراة التى قادته إلى اللقاء الأخير مع نيجيريا، وأذاقته فرحة جماهيره التى لم تتخل عنه لحظة مهما أحبطها.
كنا نشاهد مباريات كوت ديفوار بذهول، أنا والناس فى المقاهى، فريق قادر على العودة باستمرار، وعلى حسم الصراع الكروى لصالحه فى أى لحظة، أو بالأحرى وقتما يريد، لديه لاعبون مترابطون ومقاتلون بكل معنى الكلمة، يبدون كما لو كانوا فى ساحة حرب، لياقتهم البدنية عالية جدًا، ساعدتهم على التفوق فى معظم المباريات، ولكن قوة أرواحهم وعظمتها ساعدتهم أكثر، وبينما أشاهدهم ذات مرة قلت: هذا فريق يستعصى على منافسيه أن يجدوا له حلولًا!
حتى مدرب الفريق «إيمرس فاى»، 40 عامًا، مدرب الصدفة كما يقال، لم يكن أصلًا مديرًا فنيًا للفريق منذ بداية هذه النسخة من البطولة، كان مساعدًا للفرنسى «جيان لويس جاسكيه»، لكن الفرنسى أقيل بعد صدمات الدور الأول ليحل محله إيمرس الوطنى قليل الخبرة، غير أنه ما لبث أن حقق الإنجاز الفارق، وكان أول مدير فنى فى أمم إفريقيا يحصد اللقب دون أن يبدأ مع فريقه بهذه الصفة.
«دروجبا» كان حاضرًا بكل الجولات «النجم الإيفوارى العالمى السابق الكبير» شجع وطنه بحماس لاهب؛ فحمل الكأس التى لم يحملها وقتما كان يلعب!