مقرر مساعد «الدين العام» بالحوار الوطنى: نحتاج مجموعة اقتصادية لإدارة الأزمة الحالية ووضع روشتة علاج
- الرقابة والحسم وحسن إدارة الموارد المتاحة أفضل الطرق للسيطرة على جنون الأسعار
- المضاربة فى العملة جريمة وخيانة عظمى للوطن.. ويجب التصدى بكل حسم للمخالفين
قالت الدكتورة هبة واصل، مقرر مساعد لجنة الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالى بالحوار الوطنى الأمين العام لحزب المصريين الأحرار، إن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإجراء حوار اقتصادى أعمق وأشمل هدفها إيجاد حلول توافقية قابلة للتنفيذ لمواجهة التحديات الاقتصادية بشكل عاجل.
وأضافت، لـ«الدستور»، أن بداية حل الأزمة الاقتصادية اختيار مجموعة اقتصادية من أهل الكفاءة، لإدارة الأزمة الحالية مع وضع وتنفيذ روشتة علاج تضمن القضاء على التضارب الواضح بين السياستين المالية والنقدية، بما يحقق حسن استغلال وإدارة الموارد ويسهم فى خفض الديون والسيطرة على انفلات الأسواق وزيادات الأسعار الجنونية.
■ أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى دعوة لإجراء حوار مجتمعى اقتصادى أكثر عمقًا، فكيف يمكن تحقيق أقصى استفادة منه لإيجاد حلول عاجلة وعملية للمشكلات الاقتصادية الملحة؟
- دعوة الرئيس السيسى لإجراء حوار اقتصادى أعمق وأشمل هدفها سرعة التعامل مع التحديات الاقتصادية، لتكون هناك حلول سريعة بمشاركة أصحاب العلاقة من المستثمرين ورجال الصناعة والتجارة والمتخصصين وما يواجههم من تحديات مع الجهات والهيئات ذات الصلة، وهو أمر يحظى بأهمية كبرى.
■ ما أبرز الملفات التى سيناقشها الحوار الوطنى فى مرحلته الثانية؟
- أرى أن الاهتمام يجب أن يوجه إلى ملفات وقضايا اقتصادية بالتوازى مع إدارة الأزمة الحالية ببرنامج متكامل يتضمن حسن إدارة الموازنة العامة للدولة وإدارة الدين العام جنبًا إلى جنب، مع اتساع فرص الاستثمار والحد من البيروقراطية الحكومية، لتسهيل الصفقات الاستثمارية الجادة لمواجهة أزمة شح العملة.
وأرى أن الحد من هيمنة الدولار لن يحدث إلا برقابة حاسمة، لأننا نعلم أن من أمن العقاب أساء الأدب، وما يحدث من مضاربات واستغلال للأزمة الاقتصادية بمصر فى مختلف القطاعات يتطلب وقفة صارمة من قبل الحكومة والجهات الرقابية المنوط بها إيقاف كل من تسول له نفسه الاتجار بالأزمة، لأنها جريمة وخيانة وطن.
■ كيف سيساعد الحوار الوطنى الاقتصاد المصرى على النهوض ومواجهة التحديات الحالية؟
- السماح بمساحات مشتركة للجميع ودعوة أصحاب العلاقة من مستثمرين ورجال التجارة والصناعة والزراعة للجلوس جنبًا إلى جنب مع المسئولين الحكوميين، للوصول إلى قرارات توافقية قابلة للتنفيذ تعيد فى المقام الأول الثقة بين طرفى المعادلة، سيثمر فى الأخير عن الوصول إلى فرص استثمار حقيقية.
وعلينا توجيه كل موارد الدولة المصرية إلى مشروعات تنموية، لضمان تحقيق نمو اقتصادى حقيقى يراعى ظروف المرحلة الحالية الدقيقة التى نعيشها، والتى يجب أن يدرك أبعادها المواطن المصرى، لأن الشراكة الفعالة الوطنية من أهم الآليات التى ستسهم فى العبور إلى بر الأمان.
■ كيف تقيّمين إعلان الحكومة وثيقة أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى للفترة الرئاسية الجديدة؟
- أرى أن هناك ضرورة لإعادة النظر فى هذه الوثيقة، لأنها نصت على تشكيل لجنة لدراسة الموضوعات الاقتصادية مثل الهيئات الاقتصادية، وهو ليس بحل يمكن أن تتطرق له استراتيجية، وكان من الأجدى أن تضع الاستراتيجية الرؤية والهدف لتحقيق نتائج محددة قابلة للرصد والقياس.
كما أرى أن الخطة التنفيذية افتقرت لآليات التنفيذ، ومن ثم فهى تحتاج لخطة قائمة على دراسة تشخيصية للخلط فى المفاهيم والغرض، وعدم إيضاح آليات الرصد والمتابعة.
الوثيقة بحاجة للمراجعة، لأنها على سبيل المثال أشارت إلى الحد من الديون، بينما نجد أن كل الآليات التى تنص عليها ينتج عنها عكس ذلك، فنجد مثلًا الإصدارات الحكومية لأدوات الدين المحلى زادت، ونجد زيادة واضحة فى الاعتماد على أذون الخزانة قصيرة الأجل مما يزيد من المخاطر على استدامة المالية العامة.
على الصعيد الآخر، نجد عدم تجانس بين السياسة المالية والسياسة النقدية، فهناك نهج واضح لرفع سعر الفائدة، بينما هناك زيادة لفاتورة خدمة الدين، لأن كل زيادة بنسبة ١٪ فى الفائدة عن المستهدف تترجم بزيادة خدمة الدين بنحو ٧٠ مليار جنيه سنويًا.
هذا بخلاف أنه تلاحظ أن السندات أصبحت تستحوذ على نسبة ١٨٪ من حجم الديون، وهو عبء كبير اقتصاديًا.
لذا أكرر أن الوثيقة بحاجة ملحة للمراجعة من أهل الخبرة والعلم، من أجل نهضة حقيقية تهدف لمعالجة الاختلالات الاقتصادية الواضحة للجميع.
■ أطلق الرئيس السيسى أكبر حزمة قرارات للحماية الاجتماعية فى تاريخ الوطن، فكيف تسهم هذه القرارات فى تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية الحالية؟
- قرارات الرئيس عكست مدى حرصه على توفير غطاء وحماية مجتمعية لمجابهة الأزمة الاقتصادية، التى تسببت فيها الظروف الإقليمية والدولية، كما أن التوقيت الذى أصدر فيه الرئيس قراراته يأتى قبل شهر رمضان المبارك، ما يؤكد انحيازه الواضح للفئات الأكثر احتياجًا فى المجتمع وحرصه على التخفيف من حدة انعكاسات الأزمة الاقتصادية عليهم.
فى النهاية الرئيس قائد وأب لكل مصرى ومصرية يلمس معاناة الناس، ولا يدخر جهدًا من أجل اتخاذ القرارات المناسبة التى تصب فى صالح الشعب.
■ كيف سيواجه الحوار الوطنى الارتفاعات المتلاحقة فى أسعار السلع وشح الدولار؟
- نقولها دائمًا وسبق وأكدها حزب المصريين الأحرار: الرقابة والحسم وحسن الإدارة واستخدام الموارد المتاحة أفضل طرق التصدى لانفلات الأسعار، وتلك تتطلب تكليف مجموعة اقتصادية من أهل الكفاءة لإدارة الأزمة، بالتنسيق مع رجال الأعمال الوطنيين.
وبالنسبة لأزمة شح الدولار فعلينا حسن إدارة مواردنا، مثل السياحة وتكثيف حملات الترويج الخارجى لجذب أفواج أكثر، وبالتالى زيادة الموارد المالية من العملات الأجنبية.
ما تمتلكه مصر من موارد سياحية لا تمتلكه دول العالم مجتمعة، ورغم ذلك تجنى مصر أقل مما تجنيه دول مجاورة من هذا القطاع، وهذا دليل قاطع على وجود مشكلة فى إدارة الموارد المتاحة.
علينا رفع كفاءة إدارة ملف أصول الدولة بشكل يعظم من حجمها ويزيد من إيراداتها، وتسريع التحول من نهج الاقتصاد الريعى إلى الاقتصاد الإنتاجى، وإعادة تسعير الجنيه مقابل الدولار بقيمته الحقيقية، للقضاء على وجود سعرين داخل الأسواق.
نحن بحاجة لإدارة المعروض، وليس تحجيم الطلب على السيولة الدولارية، لذا نجد أن القضية والأزمة الاقتصادية بحاجة للعمل ببرنامج اقتصادى متكامل، يعده متخصصون ويجرى تنفيذه بالتوازى مع إدارة الأزمة الحالية.
على سبيل المثال يتوجب التخلى أو الحد من رفع سعر الفائدة والعمل على خفض الأسعار تدريجيًا، لأننا بحاجة لسياسات نقدية تدعم السياسات المالية، من أجل ضمان استقرار وتوازن الاقتصاد المصرى.
■ ما أبرز المتطلبات التشريعية فى الشأن الاقتصادى التى تسهم فى تحسين مناخ الاستثمار؟
- وضع تشريع لحماية المستثمرين والاستثمار من التقلبات اليومية، بل اللحظية، لإعادة الثقة بين الحكومة والمستثمرين، مع إتاحة فرص استثمارية حقيقية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وترويجها بين المستثمرين المصريين والأجانب.
■ تأثرت مصر اقتصاديًا بالحرب على غزة، فما روشتة التعافى الاقتصادى من التأثيرات السلبية للصراع؟
- هذا الملف يديره الرئيس على نحو نال إشادات عالمية واسعة، والأمن والأمان اللذان تنعم بهما مصر ركيزة أساسية للنمو والرفاهية الاقتصادية، وأرى أن معالم الموقف المصرى الوطنى من القضية الفلسطينية ستتكشف يومًا بعد يوم.
■ كم من الوقت تحتاج مصر لتجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة؟
- الأهم من المدى الزمنى هو سرعة تغيير النهج الحالى فى إدارة الاقتصاد، وتكليف مجموعة اقتصادية متخصصة لها خبرات علمية وعملية لإدارة الأزمة.