الجارديان: بايدن يريد حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلى
سلطت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء على مدى جدية الجهود الأخيرة للولايات المتحدة بشأن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، مؤكدة أن حل الدولتين هو مسعى الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والشرق الأوسط وإنهاء الحرب المستمرة على قطاع غزة.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن الولايات المتحدة دعمت على مدى عقود حل الدولتين رسميًا للصراع في الشرق الأوسط، ولكن من خلال العديد من جولات المحادثات الفاشلة والآمال المحطمة والتقلبات السياسية والعنف في المنطقة، وأصبح الحديث عن تأسيس فلسطين وإسرائيل جارتين في سلام آمن يبدو في نظر كثيرين أشبه بالكلام، لكن في الأسابيع الأخيرة، كانت هناك علامات على حدوث تحول في الرسائل من إدارة بايدن.
الموقف الأمريكى من حل الدولتين
وأوضحت أنه قبل أسابيع فقط من شن حماس عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، كانت الولايات المتحدة تحاول التوسط للتوصل إلى اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات بين الخصمين القدامى إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
وأضافت: "إدارة بايدن التي كانت تسعى لتحقيق إنجاز كبير في السياسة الخارجية قبل الانتخابات الرئاسية عام 2024، تأمل في التوصل إلى اتفاق تقيم بموجبه السعودية علاقات رسمية مع إسرائيل مقابل اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة"، مشيرة إلى أن المملكة كانت تسعى أيضًا للحصول على مساعدة واشنطن في تطوير برنامج نووي مدني والتقدم نحو حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وعلقت الرياض المحادثات في أكتوبر بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة والتي أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 27 ألف فلسطيني وقد استؤنفت منذ ذلك الحين، لكن المملكة العربية السعودية تصر الآن على أنه يجب على إسرائيل أولًا إنهاء الحرب في غزة ووضع الفلسطينيين على الطريق نحو إقامة الدولة.
ولم تعترف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل، على عكس ما يقرب من 140 دولة أخرى عضو في الأمم المتحدة، بفلسطين رسميًا، ولطالما شددت الولايات المتحدة على ضرورة تحقيق الدولة الفلسطينية من خلال المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، التي تشرف على أجزاء من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، في حين تسيطر حماس على غزة، لكن في وقت سابق من هذا الشهر، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميللر، للصحفيين، إن الولايات المتحدة "تسعى بنشاط إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة" بعد الحرب في غزة.
وجاءت تصريحاته وسط تقارير تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، طلب من وزارة الخارجية إجراء مراجعة وتقديم خيارات سياسية بشأن الاعتراف المستقبلي المحتمل بالدولة الفلسطينية.
في هذا السياق، نقلت "الجارديان"، رأي خالد الجندي، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، حيث قال إنه يشك في أن الولايات المتحدة ستستثمر فعليًا الكثير من القوى البشرية أو الموارد لتحقيق هذا الهدف بمفردها.
وقال الجندي: "إنهم مهتمون أكثر باستقرار وإعادة بناء غزة ولكن أيضًا بالتطبيع السعودي الإسرائيلي. هذه هي الجائزة الكبرى التي يطاردونها. ولكي يتمكنوا من تحقيق ذلك، عليهم أن ينظروا بشكل أكثر جدية بشأن الدولة الفلسطينية".
نتائج جولة بلينكن الخامسة إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر
وعاد وزير الخارجية الأمريكي إلى إسرائيل يوم الأربعاء وعلى رأس جدول أعماله الدفع بوقف جديد لإطلاق النار واتفاق إطلاق سراح المحتجزين بين إسرائيل وحماس، بينما يدفع في الوقت نفسه من أجل التوصل إلى تسوية أكبر بعد الحرب تقوم فيها المملكة العربية السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اتفاق "واضح وموثوق به. مسار محدد زمنيًا لإقامة الدولة الفلسطينية".
وقال بلينكن: "إن واشنطن ستستغل أي توقف في القتال لوضع خطط لإعادة الإعمار والحكم المستقبلي في غزة، بالإضافة إلى اتفاق سلام إقليمي أوسع".
عقبات خطة بايدن لحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية
وأشارت "الجارديان" إلى رفض نتنياهو الدعوات الأمريكية لإيجاد طريق لإقامة دولة فلسطينية، وأصر على أنه "لن يتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن".
ولفتت إلى أن نتنياهو، الذي تفاخر بأنه لعب دورًا فعالًا في منع قيام الدولة الفلسطينية، يحاول "التشبث بالسلطة والتهرب من التهديد بالسجن من خلال استرضاء أعضاء اليمين المتطرف في حكومته الائتلافية".
ونوهت بأنه، بعد فترة وجيزة من لقائه بلينكن يوم الأربعاء، رفض نتنياهو شروط وقف إطلاق النار الأخيرة في غزة التي اقترحتها حماس، ورفض الضغوط الأمريكية للتحرك بسرعة أكبر نحو تسوية للحرب عبر الوساطة، وأصر مرة أخرى على أن "النصر الكامل" ضد حماس هو الحل الوحيد.
في المقابل، واصل بايدن التأكيد على أن إنشاء دولة مستقلة للفلسطينيين لا يزال ممكنًا، مدعيًا أن نتنياهو "لا يعارض جميع أشكال حل الدولتين".
ورأت "الجارديان"، أنه من المؤكد أن الولايات المتحدة ستقود أي مفاوضات جديدة، مشيرة إلى أن الرياض أبلغت واشنطن، بأنها لن تفتح علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، التي ضمتها إسرائيل من جانب واحد، وهو ما تعارضه بشدة الحكومة الائتلافية في إسرائيل التي تضم أحزاب اليمين المتطرف.
وقالت: "عرقل نتنياهو نفسه التقدم في هذه القضية لسنوات عديدة".
ولفتت إلى طرح وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، فكرة اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية بالاشتراك مع الحلفاء كوسيلة لجعل عملية التفاوض على حل الدولتين "لا رجعة فيها".
وقال كاميرون خلال زيارة للبنان الأسبوع الماضي: "قد يكون هذا أمرًا نعتبره عندما تصبح هذه العملية، وهذا التقدم نحو الحل، أكثر واقعية".
فرص إقامة الدولة الفلسطينية
ووفقا لـ"الجارديان"، يعتقد آرون ديفيد ميلر، الذي عمل مع ستة وزراء خارجية أمريكيين كمستشار لمحادثات السلام العربية الإسرائيلية، أن فرص اعتراف الولايات المتحدة من جانب واحد بدولة فلسطين ضئيلة أو معدومة، لكن المحادثات بشأن إقامة دولة فلسطينية تشكل جزءًا من " صفقة كبرى" مع السعودية.
ويقول ميلر: إن اتفاق التطبيع السعودي الإسرائيلي يواجه العديد من العقبات، لكنه "اقتراح جاد من الإدارة، وهم يعملون عليه بنشاط".
ومع ذلك، أشار ميلر إلى مدى احتمال موافقة إسرائيل على ما دعا إليه بلينكن يوم الثلاثاء: مسار "محدد زمنيا ولا رجعة فيه" لقيام دولة فلسطينية.