هل تحبط الولايات المتحدة تنفيذ حكم محكمة العدل الدولية في مجلس الأمن؟
أكد تقرير أمريكي، أن الولايات المتحدة الأمريكية من المؤكد أنها ستستخدم حق الفيتو (النقض) خلال جلسة مجلس الأمن الدولي اليوم الأربعاء للنظر في تنفيذ الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بسبب حربها على قطاع غزة المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023.
وأصدرت محكمة العدل الدولية الشهر الجاري حكما مؤقتا في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا والتي تؤكد أن إسرائيل “ترتكب إبادة جماعية في انتهاك واضح لاتفاقية الإبادة الجماعية”، لكن لم تتخذ المحكمة قرارا بشأن الطلب الأول الذي قدمته جنوب أفريقيا، والذي كان يقضي بإصدار تعليمات لإسرائيل بـ "التعليق الفوري لعمليتها العسكرية في غزة " ووقف إطلاق النار.
وأوضح الكاتب الأمريكي "جون بلاك" في مقال له بموقع "ذا انترسبت" الأمريكي أن محكمة العدل الدولية طالبت إسرائيل باتخاذ إجراءات تتطلب منها وقف هجومها على غزة كما يجب على إسرائيل أن تتخذ جميع التدابير التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية ولا سيما الفقرة "أ" وهي قتل أعضاء الجماعة أي الفلسطينيون في غزة.
على خطى غزة.. كيف تجاهلت أمريكا قضية نيكارجوا في محكمة العدل الدولية؟
وقال "جون بلاك" إن الولايات المتحدة سوف تتدخل لمنع أي تنفيذ لحكم محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل كعادتها لأن الولايات المتحدة تحتقره تمامًا القانون الدولي وتعتبره مجرد أداة يمكن استخدامها ضد أعدائها، كذلك لا يمكن أبدًا السماح لها بتطبيق القانون الدولي عليها أو على حلفائها مثل إسرائيل.
واشار الكاتب الأمريكي إلى أنه سبق واستجابت محكمة العدل الدولية لشكوى مقدمة من نيكاراغوا خلال الثمانينيات بالحكم بأن الولايات المتحدة انتهكت القانون الدولي بطرق عديدة من خلال زرع الألغام في موانئ نيكاراغوا ودعم المتمردين للإطاحة بالحكومة الشرعية في البلاد، وهذه الحادثة تخبرنا عن نظرة الولايات المتحدة للقانون الدولي.
وفي غضون شهر، أصدرت محكمة العدل الدولية إجراءات مؤقتة تأمر فيها الولايات المتحدة بوقف تلغيم موانئ نيكاراجوا واحترام سيادة البلاد، لكن ردت الولايات المتحدة بتجاهل ذلك تماما وسرعان ما أعلنت أنها لن تمثل حتى أمام محكمة العدل الدولية، قائلة إنها "لا تنوي المشاركة في أي إجراءات أخرى فيما يتعلق بهذه القضية".
لكن أصدرت محكمة العدل الدولية حكمًا نهائيًا في عام 1986، خلص إلى أن الولايات المتحدة "انتهكت التزاماتها بموجب القانون الدولي العرفي" بأربع طرق منفصلة ولذلك، كان على الولايات المتحدة واجب التوقف فورًا والامتناع عن كل هذه الأعمال ودفع تعويضات لجمهورية نيكاراغوا عن جميع الأضرار التي لحقت بها.
ولأن محكمة العدل الدولية لا تمتلك أي آلية تنفيذ، فقد ترك هذا لنيكاراجوا أمام ملاذ واحد وهو الالتزام بالمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة ومطالبة مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة، لكن الولايات المتحدة هي إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وبالتالي يمكنها استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي شيء، وقد استخدمت ذلك بالفعل.
وبعد التصدي الأمريكي لقرار محكمة العدل الدولية في مجلس الأمن الدولي، ثم أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا غير ملزم يدعو الولايات المتحدة إلى الامتثال لحكم محكمة العدل الدولية وتمت الموافقة عليه بأغلبية 94 صوتًا مقابل 3، وكانت الدول الوحيدة التي صوتت ضده هي الولايات المتحدة والسلفادور وإسرائيل وتجاهلت الولايات المتحدة ذلك أيضا.
كيف ستحبط أمريكا حكم محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل
وقال الكاتب الأمريكي ان حكم محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية في غزة الشهر الجاري هو انتصار تاريخي للفلسطينيين تتعهد إسرائيل بتحديه، ومن المرجح أن يستغرق صدور حكم محكمة العدل الدولية بشأن ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية سنوات ولكن وفقا لميثاق الأمم المتحدة، يتعين على إسرائيل أن تمتثل لمطالبها المؤقتة على الفور تماما كما كان مطلوبا من الولايات المتحدة الانصياع لمطالب المحكمة المؤقتة في عام 1984 بشأن نيكارجوا.
وبوسعنا أن نحكم على ما إذا كان هذا قد يحدث من خلال كلمات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر الذي قال "لن يوقفنا أحد لا محكمة العدل الدولية ولا محور الشر، ولا أي أحد آخر".
ومن ثم فإن جنوب أفريقيا، كما حدث مع نيكاراجوا منذ عقود مضت، لن يكون أمامها أي ملاذ سوى مطالبة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة باتخاذ إجراء، وسيتعين على الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كانت ستتأكد مرة أخرى من قدرتها هي وحلفائها على تجاهل ورفض القانون الدولي بأمان.