"حائط صد".. خبراء وسياسيون: قمة العقبة توحيد للجهد العربى لإنهاء معاناة غزة
أكد عدد من الخبراء والسياسيين أن القمة الثلاثية، التى انعقدت، فى مدينة العقبة الأردنية، بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، والرئيس الفلسطينى محمود عباس- جاءت لدعم التنسيق والتشاور بين قادة الدول الثلاث، لمواجهة تداعيات استمرار العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، مع التأكيد على ضرورة الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، وفقًا لمقررات الشرعية الدولية.
وأوضح الخبراء أن تلك القمة، هى الثالثة التى تجمع بين قادة الدول الثلاث خلال عام واحد، بعد قمتين عُقدتا قبل اندلاع الحرب، فى يناير وأغسطس ٢٠٢٣، مشيرين إلى أن الاجتماع الحالى يأتى وسط ظروف بالغة التعقيد، وبالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن إلى المنطقة، وقبل لقاء مرتقب له مع الرئيس السيسى، ما يستدعى التنسيق وترتيب المواقف للضغط من أجل الوصول لوقف إطلاق النار وإنهاء معاناة الأهالى فى قطاع غزة.
أيمن الرقب: تأتى فى ظروف بالغة التعقيد مع استمرار الحرب والعدوان على المدنيين
أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس وعضو حركة «فتح» الفلسطينية، أن القمة الثلاثية جاءت فى ظروف غاية فى التعقيد، وقبل لقاء مرتقب بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ووزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، موضحًا أن ترتيب المواقف بين القادة العرب فى هذه القمة أمر مهم جدًا، خاصة أنه لم يظهر فى جعبة «بلينكن»، حتى الآن، ما يدلل على وقف هذه الحرب، بل حديث عن آليات وصفقات لتبادل الأسرى والمحتجزين وإعادة تموضع واستمرار الاحتلال الإسرائيلى فى الحرب على قطاع غزة.
وقال «الرقب»، لـ«الدستور»: «القمة الثلاثية بحثت فى كل الخيارات وكيفية مواجهة إصرار الاحتلال على حوكمة السلطة وإعادة تشكيلها»، معربًا عن أمله فى وضع القمة آليات من أجل إنهاء الانقسام الفلسطينى، الذى أصبح مشكلة كبيرة جدًا تواجه الفلسطينيين، وذلك من خلال تشكيل إطار قيادى أو حكومة تمثل الكل، ويكون من بين مهامها إعادة ترتيب البيت الفلسطينى من الداخل.
وحول إدخال المساعدات وفتح معبر رفح، قال: «القمة ركزت على هذا الجانب بشكل أساسى، وهذا دور مصر وتستمر فيه منذ فترة طويلة، ولا تحتاج إلى قمة للحديث عن محاولاتها لإدخال أكبر قدر من المساعدات إلى القطاع، ولا حديث عن إغلاق معبر رفح فى وجه المساعدات أو إخراج الجرحى، لأن هناك طاقة استيعابية كافية فى المستشفيات».
وتابع «إغلاق المعبر يكون فقط بوجه الأفراد العاديين، ونحن نتفهم موقف مصر، لأن السماح بإخراج أعداد كبيرة جدًا من قطاع غزة يعنى عملية نزوح طوعية أو قسرية كبيرة، وهو ما تتصدى له مصر».
واستطرد «مصر تحاول قدر المستطاع أن تحافظ على الفلسطينيين، ودخول الجرحى والمصابين له ترتيبات محددة، بين وزارة الصحة والمستشفيات التى تستقبلهم، ومصر بذلت جهدًا كبيرًا جدًا لحل المشكلة، مع الحفاظ على القضية الفلسطينية وعدم السماح بتصفيتها من خلال عملية تهجير طوعى أو قسرى، وتنفيذ مخطط الاحتلال».
محمد اسبيته: تأكيد محورية الدور المصرى وقيمته العربية والعالمية
وصف القبطان محمد اسبيته، القيادى بحركة فتح مستشار سلطة الموانئ الفلسطينية السابق، الدور المصرى- الأردنى بأنه يقف حائط صد أمام مشروع التهجير للفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، بالإضافة إلى عدم السماح بتصفية القضية الفلسطينية.
وأكد «اسبيته» فى تصريحات أن مصر دولة محورية وذات قيمة عربيًا وعالميًا، وغزة تمثل البعد القومى لها.
وأوضح أن التعاون المصرى- الأردنى يدعم الموقف الفلسطينى أمام العدوان الإسرائيلى، وهو ما ظهر بوضوح من خلال القمة المصرية- الفلسطينية- الأردنية وفى وجود الرئيس الفلسطينى.
وأضاف أن العقبة فى وقف الحرب هى الموقف الأمريكى المساند والداعم لإسرائيل، بالإضافة إلى أن اغتيال القيادى فى حماس، صالح العارورى، عقب مباحثات وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى والمحتجزين.
ماهر صافى: استكمال الجهود باتجاه وقف إطلاق النار
قال الدكتور ماهر صافى، الباحث والكاتب السياسى الفلسطينى، إن القمة الثلاثية بالعقبة تعد استمرارًا للجهود المكثفة والاتصالات الجارية التى تقوم بها مصر مع مختلف الأطراف للدفع باتجاه وقف إطلاق النار والنفاذ الفورى للمساعدات الإنسانية بالكميات الكافية إلى قطاع غزة، لإنهاء معاناة المدنيين.
وأوضح، فى تصريحات لـ«الدستور»، أن القمة بحثت آخر التطورات فى حرب الإبادة التى تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة والضفة الغربية، خاصة أن القضية الفلسطينية تمر اليوم بمفترق طرق، ما يتطلب من المجتمع الدولى والقوى الفاعلة التحلى بأعلى درجات المسئولية التاريخية والسياسية والإنسانية، للعمل على تحقيق التسوية العادلة والشاملة، التى تتضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف: «إقامة الدولة الفلسطينية هى الضامن الأساسى للأمن والاستقرار فى المنطقة، لأن ما تفعله إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة يهدف لتصفية القضية الفلسطينية، أو تهجير الفلسطينيين، عبر عمليات نزوح كبيرة تجاه المنطقة الجنوبية من قطاع غزة، الأمر الذى أدى إلى كوارث إنسانية وبيئية ومجاعة فاقت الحدود، خاصة فى ظل نقص المساعدات الإنسانية وبرودة الشتاء، ومعاناة أهالى القطاع مع الأمطار الغزيرة التى سقطت على الخيام التى تؤوى النازحين».
نرمين كامل: رفض التهجير وتصفية القضية
قالت نرمين سعيد كامل، الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن مصر تبنت، منذ اليوم الأول لبدء العدوان على غزة، موقفًا داعمًا لإيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، مع رفض مخططات التهجير لمنع تصفية القضية، مع مراعاة مصالح مصر القومية وسيادتها على كامل أراضيها. وأضافت أنه فى هذا الإطار جاءت كل تحركات الدبلوماسية المصرية على المستويين الإقليمى والدولى، واشتملت اللقاءات التى جمعت الرئيس المصرى بنظرائه من قادة العالم، وآخرها القمة الثلاثية فى العقبة، مع الرئيس الفلسطينى والعاهل الأردنى، تأكيدًا على هذه الرسالة حتى باتت قناعة مترسخة لدى العالم بأن مصر لن تسمح باستغلال أراضيها أو التلاعب بسيادتها.
وأشارت «كامل» إلى أن تحركات مصر الدءوبة كانت على كل الأصعدة، وأحدثها اللقاء الذى جمع بين الرئيس المصرى ونظيره الفلسطينى فى القاهرة، وكذلك القمة الثلاثية فى العقبة، التى تستهدف بشكل أساسى التباحث حول كيفية التوصل لوقف شامل لإطلاق النار واستمرار دخول المساعدات الإنسانية.
محمد عريقات: توحيد الآراء لحشد المجتمع الدولى لمواجهة العدوان
قال السفير محمد عريقات، رئيس المجلس الأعلى للشباب الفلسطينى، إنه فى الوقت الذى تدور فيه يوميًا حرب يرتكبها جيش محتل غاشم على أهلنا بقطاع غزة والضفة الغربية، تأتى زيارة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، التى تشارك دولته، بأسلحتها، فى قتل أبنائنا وحماية إسرائيل بالمنطقة. وأوضح أنه ردًا على هذه الزيارة عقدت القمة الثلاثية، المصرية- الأردنية- الفلسطينية، لتكثيف الدور العربى وتوحيد الآراء أمام المجتمع الدولى للمطالبة بوقف الحرب على غزة. وأضاف عريقات: «أعتقد أن مصر والأردن أيضًا مستهدفان من هذا العدو الغاشم المتربص، الذى يطرح فكرة التهجير لمصر والأردن، وشعبنا الفلسطينى وقيادة مصر الحكيمة وقيادة الأردن الحكيمة يسقطون هذه الصفقة». وأشار «عريقات» إلى أن زيارة «بلينكن» لن تأتى بالجديد، ومن نتائج اجتماع القمة العربية الثلاثية المطالبة الدولية بحماية الشعب الفلسطينى ووقف الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة.
سامح المحاريق: الخروج بحل يخدم الفلسطينيين على المدى الطويل
قال سامح المحاريق، الكاتب والباحث السياسى الأردنى، إن القمة الثلاثية جاءت فى ظل زيادة المخاوف من توسع نطاق الصراع إقليميًا، وسط رغبة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف فى حكومته فى البحث عن توسعة للحرب، من أجل تغطية فشلهم فى تحقيق الأهداف المعلنة لها، خاصة ما يتعلق بالقضاء على حركة «حماس» الفلسطينية، وكذلك توسيع الاشتباكات لتشمل الضفة الغربية لتحقيق نفس الغاية أمام الرأى العام الإسرائيلى.
وأضاف «المحاريق»، فى تصريحات لـ«الدستور»: «الاحتمالات القائمة دفعت الإدارة الأمريكية للتحرك من أجل احتواء الموقف على المستوى الإقليمى، وتبقى الأولويات متباينة بين مصر والأردن ومعهما السلطة الفلسطينية من جهة، وبين الولايات المتحدة من جهة أخرى، والأولوية فى لقاء العقبة تمثلت فى البحث عن حلول لوقف إطلاق النار فى غزة، وتحسين الظروف الإنسانية لأهالى القطاع.
وأكد أن الأسابيع الطويلة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهدت تغيرات جوهرية فى مواقف العديد من الدول، وأصبح من المطلوب تنسيق الجهود الدبلوماسية للخروج بتسوية تخدم الفلسطينيين على المدى الطويل.