من البناء المنفر إلى تعنت فى المفاوضات.. إثيوبيا تهدد أمن المنطقة بتجاهلها القانون الدولى
تواجه إثيوبيا انتقادات حادة من مصر والسودان بسبب مواصلتها بناء سد النهضة على النيل الأزرق دون الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، خاصة أن نهر النيل هو مصدر الحياة بالنسبة لمصر والسودان، ويوفر أكثر من 90% من المياه العذبة لهما، ولذلك، فإن أي مشروع يؤثر على تدفق مياه النيل يثير مخاوف كبيرة في البلدين، في حين ترى إثيوبيا أن السد يمثل فرصة تنموية وسيادية لها دون الأخذ في الاعتبار بالاتفاقات والمواثيق الدولية.
إثيوبيا ترفض الاتفاق بشأن سد النهضة ومصر تحتفظ بحق الدفاع عن أمنها
انتهت الجولة الرابعة والأخيرة من مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، دون التوصل إلى اتفاق، وأوضحت وزارة الري والموارد المائية المصرية، في بيان، أن الاجتماع لم يسفر عن أي نتيجة نظرًا لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي إثيوبيا في النكوص عما تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة.
وأضافت الوزارة أن إثيوبيا ما زالت تسعى إلى تكريس الأمر الواقع على الأرض، والتحكم المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي، وأكدت الوزارة أن مصر والسودان تحتفظان بحقهما في الدفاع عن أمنهما المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.
بداية أزمة السد
بدأت إثيوبيا بناء سد النهضة عام 2011 بتكلفة تقدر بنحو 4 مليارات دولار، وتهدف إلى توليد 6.45 جيجاواط من الكهرباء من السد، الذي يعتبر أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في إفريقيا.
ويقع السد على بعد 15 كيلومترًا من الحدود الإثيوبية السودانية، ويمتلك خزانًا يمكنه تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه، ما يعادل حجم بحيرة فيكتوريا تقريبًا، وتعتمد مصر على نهر النيل فيما يزيد عن 90% من احتياجاتها المائية، وتخشى أن يؤدي ملء السد إلى تقليل تدفق المياه إليها.
وتسعى مصر وإلى جانبها السودان الشقيق كونهما دولتي المصب، لأن يتم ملء السد بالتنسيق مع الجانب الإثيوبي، بشكل يحفظ لمصر حقوقها وأمنها، وتطالب مصر والسودان بأن يتم ملء السد بمعدل تدريجي يسمح لهما بتعديل خططهما المائية، وأن إثيوبيا ترغب في ملء السد بسرعة أكبر. كما تطالب مصر والسودان بأن يتم تشغيل السد وفقًا لقواعد فنية وقانونية تضمن مصالحهما وتضمن حصول مصر على حصة من المياه تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويًا وفقًا للاتفاقيات بين البلدين.
تخوفات سودانية من أضرار هائلة
كما يخشى السودان الذي يعاني من أزمات داخلية غير مسبوقة من تزايد الأزمات بسبب سد النهضة، حيث يقع السودان على مجرى النيل بين مصر وإثيوبيا، ويستفيد من المياه والرواسب الخصبة التي يحملها النهر.
ويقدر الخبراء أن السد الإثيوبي قد يؤدي إلى خفض المياه الواصلة للسودان، ويعمل على زيادة مخاطر الفيضانات والجفاف وتدهور جودة المياه. ويطالب السودان بالتنسيق مع إثيوبيا في تشغيل السد وتبادل المعلومات لضمان سلامة السدود السودانية والمنشآت المائية.
تعنت الجانب الإثيوبي
وترفض إثيوبيا أي تدخل خارجي في مشروع السد، وتؤكد على حقها في استغلال مواردها المائية لتحقيق التنمية والرفاهية لشعبها، وتريد إثيوبيا أن تملأ السد في غضون 5-7 سنوات، وتقول إن السد لن يقلل من حصتي مصر والسودان من المياه بشكل كبير، بل سيساعد في تنظيم تدفق النهر وتوليد الكهرباء والتعاون الإقليمي.
وتعثرت المفاوضات بين الدول الثلاث على مدار سنوات، ولم تتمكن من التوصل إلى اتفاق شامل وملزم بشأن القضايا الفنية والقانونية المتعلقة بالسد. وتدخلت الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي كوسيطين لحل الأزمة، لكن دون جدوى.
وتصاعدت حدة التوتر بين الدول الثلاث بعد أن أعلنت إثيوبيا عن بدء الملء الأول للسد في يوليو 2020، رغم رفض مصر والسودان لهذه الخطوة، ومضت إثيوبيا كذلك في الملء الثاني في يوليو 2021، حتى اللحظات الراهنة تعرقل -إثيوبيا- المفاوضات كافة، بشكل يزيد من المخاوف والاحتقان في المنطقة ويهدد الأمن والأمان.
إفشال المفاوضات والمماطلة الإثيوبية
منذ بدء البناء في عام 2011، دخلت الدول الثلاث في مفاوضات متعثرة للتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة، برعاية مختلف الأطراف الدولية والإقليمية، مثل الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والأمم المتحدة، ومع ذلك، فشلت كافة الجهود والمساعي في حل الأزمة، بسبب تعنت الجانب الإثيوبي ورفضه التنازل عن أي من مطالبه أو الالتزام بأي تفاهمات سابقة.
من جانبها، أفشلت إثيوبيا الوساطة الإفريقية في أزمة سد النهضة، واتهمت مصر الجانب الإثيوبي بسوء النية والمماطلة والتسويف في المفاوضات، والسعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب، وبالمخالفة للقوانين والاتفاقيات والأعراف الدولية، وشددت مصر على أنها تحتفظ بحقها في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المائية، وتطالب بالتوصل إلى اتفاق قانوني مُنصف وملزم حول سد النهضة.