أزمة المتمردين.. غياب الجماهير.. وحلم المونديال الكبير
الأدب فضلوه عن اللعب.. لا شك أن قرار روي فيتوريا المدير الفني لمنتخب مصر باستبعاد الثلاثى إمام عاشور وطارق حامد وحسين الشحات من معسكر المنتخب الوطني بعد مباراة جيبوتي وقبل سيراليون في تصفيات كأس العالم بسبب عدم التزام اللاعبين الثلاثة بالتعليمات قرار تربوي رائع وقوي ويعيد هيبة المنتخب، خاصة أن اللاعبين الثلاثة عاشوا في دور النجومية، وغضبوا واعترضوا على عدم مشاركتهم في مباراة جيبوتي..
أعجبني قرار فيتوريا باستبعاد الثلاثى المتمرد قبل مباراة سيراليون المهمة وهو ما يفرض سياسة العدل والالتزام والنظام، وهي أهم نقاط نجاح أي مدرب، وأهم نقاط نجاح أي فريق.. بصراحة الأخلاق والالتزام اهم من الانتصارات والبطولات.. وأهم من أي نجم مهما كان اسمه وعطاءه في الملعب..
على العكس أن اللاعب الملتزم في الأخلاق يقدم أفضل أداء، ولدينا النجم العالمي محمد صلاح أقوي مثال للأخلاق ويقدم أفضل أداء مع ليفربول ومع والمنتخب وسجل سوبر هاترك في مرمى جيبوتي ولم يخرج يومًا عن النظام ولا الالتزام ولا السلوك الرياضي القويم.. وبصراحة لا توجد مقارنة بين صلاح وبين الثلاثي المتمرد، هناك فرق شاسع في الاداء والأخلاق والنجومية!
ورغم إعجابي بقرار فيتوريا التربوي إلا أنني أحمله مسئولية تمرد اللاعبين وحدوث فوضي في المنتخب، لأن فيتوريا ضم اللاعبين غير الملتزمين أحمد فتوح ومحمد صبحي لمعسكر المنتخب رغم سوء سلوكهم مع الزمالك، وكان رد الفعل الطبيعي للثلاثي المتمرد عاشور وطارق والشحات أن يتمرد علي جهاز المنتخب، معتقدين أنهم نجوم غير عاديين وأكبر من المنتخب..
فيتوريا أعطي اعتقادًا للاعبي المنتخب أنه يحتاج النجم ويضمهم للمعسكر مهما كان غير ملتزم..
باختصار لو أن المدرب كان يحترم المبادئ والأخلاق والالتزام، كان عاشور وطارق والشحات وجميع لاعبي المنتخب سيحترمون النظام وسيفكرون مليون مرة قبل مخالفة التعليمات وتمردهم..
خلاصة الأزمة أن المنتخب خسر جهود الثلاثي عاشور والشحات وطارق بسبب قرار فيتوريا الخاطئ بضم فتوح المتمرد، وللأسف أن المدرب لن يستدعي الثلاثي للمنتخب مرة أخري!
وأرفض المبررات التي يرددها البعض بأن فيتوريا اختار فتوح مثلما فعلها حسن شحاتة وضم الحضري وإبراهيم سعيد بعد هروبهما من الأهلي.. وهنا الوضع يختلف، لأن فتوح ارتكب خطأ أخلاقيًا، وخالف التعليمات وخرج من معسكر الزمالك، بينما هروب الحضري وإبراهيم كان مخالفًا للعقد وهناك شروط جزائية وخسائر مالية ستطبق عليهم نتيجة هروبهما من النادي للاحتراف في أوروبا.
هناك فرق بين الخطأ الأخلاقي والخطأ القانوني..
وبعيدًا عن تمرد اللاعبين، فإن المنتخب الوطني قدم مباراة كبيرة أمام جيبوتي وحقق مكاسب كبيرة بالجملة غير الفوز بنصف دستة أهداف، وهو تصدر المجموعة واستمرار الأداء القوي والطريقة الهجومية الفعالة، واستمرار تألق المحترفين محمد صلاح ومصطفى محمد وتريزيجيه ومرموش باعتبارهم القوة الضاربة للمنتخب..
وهذا الفوز الكبير يؤكد أن منتخب مصر يأخذ تصفيات كأس العالم بكل جدية وإصرار من البداية، رغم تخوفي قبل مباراة جيبوتي من تهاون لاعبينا، باعتبارهم يلعبون أمام فريق في التصنيف الخامس، ويحتل المركز 169 عالميًا في حين أن منتخب مصر يحتل المركز 35 عالميًا.. ولكنّ لاعبي مصر أدوا بعزيمة وإصرار..
وأعجبني قرار فيتوريا بتغيير محمد عبدالمنعم بين شوطي المباراة بعد إصرار المدافع علي عدم الالتزام بتنفيذ التعليمات الفنية..
ورغم مكاسب المباراة إلا أن غياب الجماهير المصرية العظيمة عن المباراة كان من أكبر السلبيات، وهناك علامات استفهام كبيرة حول غياب الجمهور.. ولا بد أن يعيد مسئولو اتحاد الكرة حساباتهم من أجل عودة الجماهير لمساندة المنتخب في المدرجات..
ولا بد أن نعترف بأن الجماهير تنحاز للأندية أكثر من انحيازها للمنتخبات الوطنية.. ولا بد أن يعترف المسئولون عن الرياضة بهذه الأزمة، ويعملوا علي مواجهتها بجدية وشجاعة، خاصة أن السوشيال ميديا خلقت انقسامًا وتعصبًا كبيرًا بين جماهير الأندية، وأن أسعار التذاكر مرتفعة للغاية، وأن اتحاد الكرة فاشل في تنظيم المسابقات المحلية، ولا يطبق المساواة والعدالة التنظيمية والتحكيمية بين كل الأندية، مما جعل الجماهير للأسف أكثر تعصبًا للأندية..
ولا بد من تدخل عاجل من كبار المسئولين عن الرياضة المصرية من أجل تقديم حلول فعلية حقيقية لإعادة الجماهير لمساندة المنتخبات في المدرجات..
وفي النهاية أقول للجمهور العظيم ساندوا المنتخب من أجل تحقيق الحلم الكبير بالصعود للمونديال وهو بالتأكيد حلم يسعد كل الجماهير..
و كلنا خلف الجهاز الفني للمنتخب والفريق اللاعبين من أجل تحقيق حلم المونديال وإسعاد الملايين.