سياسيون وخبراء: نتوقع قرارًا عربيًا موحدًا ضد العدوان
تنعقد القمة العربية الطارئة التى تنظمها جامعة الدول العربية، غدا، فى العاصمة السعودية الرياض، حيث يجتمع قادة وزعماء ٢٢ دولة عربية فى الدورة غير العادية لمجلس الجامعة على مستوى القادة.
القمة تأتى بناءً على طلب فلسطين والمملكة العربية السعودية، للتشاور والتنسيق بين قادة جميع الدول العربية حول وقف التصعيد الإسرائيلى ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة ومحيطه.
وعقد وزراء الخارجية العرب، وأحمد أبوالغيط، الأمين العام للجامعة العربية، يومى الخميس والجمعة، اجتماعًا بهدف الإعداد للقمة ومشروع القرار الذى سيصدر عنها، على ضوء فعالياتها التى تشهد مباحثات تتركز على سبل وقف إطلاق النار فى غزة، وإنهاء التصعيد الإسرائيلى ضد الفلسطينيين هناك.
وأعد وزراء الخارجية مع «أبوالغيط» مشروع القرار الذى سيتم عرضه على قادة الدول المشاركة فى هذه القمة، والذى سيتضمن موقفًا عربيًا موحدًا تجاه ما تشهده القضية الفلسطينية من مخاطر بتصفيتها، ووقف استهداف المدنيين فى القطاع.
وقال السفير حسام زكى، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، إن البند الوحيد الموجود على جدول أعمال القمة هو «العدوان الإسرائيلى الحالى فى قطاع غزة، وتنسيق الجهود العربية على المستوى الدولى، من أجل الوصول إلى وقف التصعيد العسكرى».
ويعد انعقاد القمة العربية بشكل طارئ رسالة قوية إلى إسرائيل، وكذلك الدول الغربية، بأن الموقف العربى موحد وثابت وراسخ لا يتغير تجاه القضية الفلسطينية وحقوق شعبها، الذى يعانى احتلالًا وتصعيدًا أوقع منه أكثر من ١١ ألف شهيد، نصفهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى نحو ٢٧ ألف مصاب.
وتمثل القمة العربية فرصة لإعلان الرأى العربى الموحد تجاه المجازر التى ينفذها الجيش الإسرائيلى فى غزة، وطرح وتأكيد الرؤية العربية للمسار السياسى الذى يجب اتباعه فى القضية الفلسطينية.
ومن المقرر أن تشهد القمة العربية بحثًا، بل توافقًا حول الخطوات اللازم اتخاذها تجاه ما يحدث منذ أكثر من شهر، من تصعيد عنيف وغاشم وغارات عشوائية ضد الفلسطينيين المدنيين داخل غزة، وكذلك ضد المستشفيات والمدارس والمرافق الأممية التى تأوى النازحين جراء ذلك التصعيد.
وتشمل ملفات القمة العربية الطارئة تنسيق آليات تحرك الدول الحاضرة دوليًا من أجل حشد الدعم اللازم للموقف الفلسطينى العربى بحتمية وقف التصعيد العسكرى الإسرائيلى ضد الفلسطينيين فى غزة، وحقن الدماء داخل القطاع، واستنكار الازدواجية التى تتعامل بها الدول الغربية تجاه العمليات العسكرية الإسرائيلية.
ومن المتوقع أن تشمل ملفات القمة، أيضًا، إدانة عنف العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين داخل جميع الأراضى المحتلة، خاصة غزة، وكذلك إدانة سياسة العقاب الجماعى التى تتبعها إسرائيل تجاه أكثر من ٢.٥ مليون فلسطينى مدنى فى القطاع، من قطع لإمدادات المياه والكهرباء والغذاء والوقود، وجميع متطلبات الحياة اليومية، فى انتهاك صارخ لجميع القوانين الدولية، ومواثيق حقوق الإنسان.
وستتركز مناقشات القمة حول ضرورة زيادة إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى أهالى قطاع غزة، لتخفيف المعاناة الإنسانية القاسية التى يعيشونها جراء العمليات العسكرية للاحتلال الإسرائيلى، الذى اغتال مقومات الحياة وقطع إمدادات مياه الشرب، وتسبب فى نفاد الغذاء والأدوية، بسبب الغارات المكثفة الجنونية على جميع الأنحاء.
وتشدد القمة العربية الطارئة على ضرورة تحمل إسرائيل مسئوليتها بصفتها الدولة القائمة بالاحتلال على الأراضى الفلسطينية، مع مطالبتها بالتراجع عن تعنتها المقصود فى إبطاء إدخال شاحنات المساعدات، وضرورة دخولها بكميات تناسب سد الاحتياجات الهائلة للفلسطينيين المدنيين هناك.
وتؤكد القمة ضرورة وجود أفق سياسى لحل القضية الفلسطينية وفق مبدأ حل الدولتين، الذى هو السبيل الوحيد لحلها، ويحظى بتأييد عربى ودولى قوى، وعدم التنازل عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيلية، وفق القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية لعام ٢٠٠٢.
كذلك ستشدد القمة العربية على رفض أى مخططات خبيثة يتم الدفع بها لتصفية القضية الفلسطينية عبر تقسيم قطاع غزة، والدفع بالفلسطينيين الذين يعيشون فيها إلى النزوح وتهجيرهم قسريًا خارج أراضيهم، تجاه الأراضى المصرية فى سيناء، وما تتبعه من تداعيات تطال أمن واستقرار الجميع.
كما ستحذر القمة من التبعات الخطيرة لاستمرار التصعيد العسكرى الإسرائيلى الحالى ضد غزة، وما يمكن أن يؤول إليه من توسيع رقعة الصراع فى المنطقة بطرق ربما تؤذى الجميع.
ومن المتوقع أن توافق الدول العربية على زيادة تدفق المساعدات العربية والدولية إلى مطار العريش الدولى، الذى خصصته مصر لاستقبال مثل تلك المساعدات.
وصف خبراء وسياسيون القمة العربية الطارئة، بأنها امتداد طبيعى لـ«قمة القاهرة للسلام»، التى انعقدت فى ٢١ أكتوبر الماضى، وتأتى فى إطار متابعة الجهد العربى الموحد للتضامن مع الشعب الفلسطينى، وإيقاف الحرب التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى ضد قطاع غزة.
وقال فواز العنزى، الباحث والكاتب السياسى، إن القمة العربية فى الرياض جاءت تلبية لطلب من المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى الجانب الفلسطينى، لجامعة الدول العربية؛ لمتابعة الموقف العربى الموحد والقوى الذى أعلن عنه فى «قمة القاهرة للسلام»، الشهر الماضى.
وأضاف «العنزى»، لـ«الدستور»: «السعودية تقود هذا الاجتماع الاستراتيجى فى ظل التحديات والتصعيدات التى يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلى، والعمليات الوحشية التى ينفذها ضد الأشقاء والإخوة العرب والمسلمين فى قطاع غزة، دون التقيد بالقانون الدولى الإنسانى أو قانون الحرب».
وواصل: «سيكون للمملكة دور بارز فى هذا الاجتماع، ما يبرز التزامها الطويل فى هذه القضية المحورية، ونتوقع بقوة أن يتخذ العالم العربى قرارًا موحدًا فى هذه القمة، بما يعكس الموقف العربى تجاه الأزمة»، متوقعًا أن تتضمن قرارات القمة إيصال المساعدات اللازمة للفلسطينيين، ووضع برنامج مشترك لمنع تهجير الشعب الفلسطينى.
وأكمل: «الجميع يعلم تمامًا، وبعد ما شاهده على وسائل الإعلام خلال الأسابيع الماضية، ما قام به جيش الاحتلال الإسرائيلى من جرائم لا تتوافق مع القوانين الدولية، ومدى الدعم الذى تلقاه من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، وهو أمر جعل الجانب الإسرائيلى يتجاوز القانون وجميع حدود المنطق». وأتم بقوله: «رغم أن إسرائيل تتجاوز كل القوانين، فإن القمة العربية الطارئة سيكون لها، بإذن الله، أثر يعكس مدى التضامن ووحدة الصف العربى فى إيقاف مثل تلك الأعمال العدوانية، ونأمل فى أن يكون هناك تحسن فى الأوضاع، وأن يرفع الله البلاء عن الإخوة الفلسطينيين».
وقال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن القمة العربية المقررة فى العاصمة السعودية الرياض تنعقد فى ظل ظروف عصيبة، يتعرض خلالها الشعب الفلسطينى لاعتداءات وجرائم استمرت لمدة طويلة، وتضمنت هجمات على المستشفيات، حيث تم استهداف حى مستشفى «الشفاء»، دون رادع، ودون تحديد جدول زمنى لنهاية هذا الصراع.
وأضاف «الرقب»: «من المهم القيام بتحركات دبلوماسية لوقف الحرب، لذا فهذه القمة تأتى كامتداد طبيعى لاجتماع وزراء خارجية الدول العربية، وكذلك مؤتمر القاهرة للسلام، لكن المشكلة تكمن فى عدم توافر الآليات اللازمة لضمان وقف الحرب، لأنه لا يوجد من يُلزم الاحتلال بذلك، خاصةً فى ظل عدم تحرك الولايات المتحدة الأمريكية بشكل حاسم فى هذا الاتجاه حتى الآن».