التهديد النووى.. نيران إلياهو الصديقة
"هل ينبغي إسقاط قنبلة نووية على غزة؟.. هذا أحد الاحتمالات، وهذه طريقة لخلق الردع الذي يخيفهم".. للوهلة الأولى عند سماع تلك الإجابة تظن أنك عدت بالزمن، وتحديدًا إلى حقبة ألمانيا النازية، لكن في حقيقة الأمر، أننا في أواخر عام 2023، وهذا موقف أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين الذين يعيشون على أراضيهم التاريخية في غزة!
اعتراف صريح أدلى به "عميحاي إلياهو" أو ما يسمى بوزير التراث الإسرائيلي في حكومة بنيامين نتنياهو، حيث قال إن إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة المحاصر "أمر وارد".
ذلك اعتراف ليس بجديد في واقع الأمر، لكنه لا يعد تهديدًا فقط لا غير أيضًا، فهو يزيح الستار عن نية الحكومة الإسرائيلية، بتكوينها الحالي، بالعمل على إبادة كاملة للفلسطينيين، خاصةً في غزة، ويشكل تطورا صادما ومروعا يكشف عن تبني تل أبيب خطوات تهدد حياة المدنيين الأبرياء، وينذر بكارثة لا يمكن تصورها ضد 2.7 مليون مدني فلسطيني بشكل مبدئي.
وتصريحات الوزير الإسرائيلي تعكس نهجًا استعماريًا، ينكر وجود الآخر، ويسعى لإبادته بأي وسيلة كانت، بل إنه يريد أن يلجأ لأسرع وأبشع وسيلة ممكنة حتى ولو قضت على المحتجزين الإسرائيليين الموجودين داخل القطاع.
لكن، ذلك الاعتراف يجعلنا نتساءل: ماذا كانت تناقش الحكومة الإسرائيلية طوال الـ 30 يومًا الماضية؟ منذ بدء تصعيدها العسكري العنيف ضد الفلسطينيين في غزة، فما قاله إلياهو ليس من بنات أفكاره اللحظية، لكنه بالتأكيد طرح قاله في اجتماعات الحكومة، وتمت مناقشة مدى إمكانيته.
و"طرح إلياهو" هو التفسير الإسرائيلي غير العلني لعملية الإبادة الجماعية التي تنفذها عسكريًا الآن داخل غزة، والتي تتجاوز بفظاعة كل القيم الإنسانية والأخلاقية، والقوانين الدولية.
وإن هذا التصريح الصادم، ليس من جهته ولكن لبجاحة وضوحه، يكشف عن نوايا الحكومة الإسرائيلية والتلويح باستخدام قنبلة نووية يهدف لترويع وقمع الفلسطينيين وتهجيرهم من أرضهم التاريخية بهدف احتلالها، فهي محاولة واضحة لتصفية القضية الفسطينية العادلة تاريخيًا.
محاولات نتنياهو بتخفيف وضع إسرائيل السيئ للغاية دوليًا الآن، جعلته يسارع لإعلان منع "إلياهو" من حضور اجتماعات الحكومة لأجل غير مسمى، وقول إن الجيش الإسرائيلي يحترم القوانين الدولية، فقط هذا ما فعله نتنياهو، والمستوى السياسي من حوله، ولم يتطرق أحد، أي أحد، إلى استنكار تلك التصريحات "ضد الفلسطينيين"، لكنهم ركزوا على كيف يُطرح ذلك، وهناك محتجزون إسرائيليون داخل غزة؟ هذه النقطة الوحيدة التي اهتمت لها تل أبيب، ولم تنف أو ترفض أن هناك نية بإبادة للفلسطينيين سواء بقنبلة نووية أو بأي وسيلة أخرى.
ويجب أن تتحمل إسرائيل المسئولية الكاملة عن تصريحات إلياهو، الذي يبدو أنه وزيرها لتراث التطرف والعنف، ويكون هناك إعلان واضح لنيتها وموقفها من ذلك الطرح ضد الفلسطينيين، وإقالته بشكل فوري من حكومة يتفكك تكوينها يومًا بعد يوم، ومحاسبته عن تلك الأفكار العدوانية، قبل أن ينفجر هو كـ"قنبلة نووية" تودي بمصير حكومته إلى المجهول سريعًا.
وعلى المجتمع الدولي أيصًا أن يكف عن ازدواجيته الفاضحة في التعامل مع كل ما هو إسرائيلي، فماذا يفرق بين تصريحات "إلياهو" وبين المحرقة التي ندينها ويرفضها العالم كله على اختلاف أجناسهم وديانتهم، حتى الفلسطينيون أنفسهم يدينونها؟ لا شيء سوى تعصب عالمي أعمى عن دماء المدنيين الفلسطينيين.