كلمة الرئيس.. خارطة طريق لإنقاذ القضية الفلسطينية
بينما كانت أنظار العالم تتجه نحو مصر لتقول كلمة الفصل في الصراع الذي اندلع مؤخرا بين أبناء غزة والجيش الإسرائيلي، جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي في موعدها تماما، كانت مصادفة عجيبة أن تتزامن الكلمة مع الاحتفال بالعيد الخمسين لنصر أكتوبر المجيد، هذه المصادفة لائقة تمامًا بمصر وهي تضع وعلى لسان رئيسها خارطة طريق لإنهاء الأزمة في فلسطين.
يتم إعلان الخارطة من قلب الكلية الحربية بما لها من دلالة، وجاءت لتؤكد على الثوابت التاريخية لمصر في الدفاع عن قضية العرب المركزية، ولتشهد بأن مصر دائمًا وأبدًا في صدارة الدفاع عن الأمة العربية بكل ما تملك.
الكلمة التي انتظرها الجميع كان لابد لها أن تطمئن الشعب المصري بأن سيناء في أمان لرفضنا القاطع أي أفكار تحاول إزاحة أزمة الغزاوية نحو سيناء.
بالأرقام قال الرئيس السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة إن مصر استضافت خلال السنوات الماضية 9 ملايين ضيف من بلدان مختلفة، ودلالة الرقم هي أن مصر المضيافة والكبيرة لم تغلق بابها في وجه أحد، ولكن الموقف مع أبناء قطاع غزة مختلف؛ لأن من يدعو لفتح سيناء لهم يقصد بشكل مباشر تصفية القضية الفلسطينية من مضمونها والقضاء عليها للأبد، وأن الموقف الصحيح لأبناء غزة هو الصمود على الأرض.
كلمة الرئيس السيسي في احتفال أكتوبر الذي ترافق مع تخريج دفعة جديدة من الكليات العسكرية سوف تسهر عليها عواصم مختلفة بالبحث والدراسة بهدف الرد، مصر قالت في كلمتها وبشكل رشيق ليفهم الجميع أن مصر عندما كانت الحرب كنا مقاتلين وعندما كان السلام كنا مبادرين.
لذلك رفضت مصر في كلمة الرئيس الانحراف بالقضية الفلسطينية عن مسارها ذلك المسار الملتزم بالمبادرة العربية واتفاق أوسلو وأن التصعيد الحالي في فلسطين يتجه نحو صراع صفري يخل بمبادئ القانون الدولي ويخالف كل الأديان بل ويخالف الأخلاق أيضًا.
وفي بلاغة واضحة قالت مصر إن كل صراع لايؤدي إلى السلام لا يعول عليه، هذه العبارة الأيقونة عالية الدقة تحتاج إلى أذن سليمة لتستمع إليها وتحللها لتفهم أن مواجهة المدنيين من الأطفال والنساء والعجائز ليست بطولة أبدًا.
مصر الكبيرة القادرة قالت أيضًا فيما يشبه التحذير أن الحرائق إذا اشتعلت لن تترك قاصيًا أو دانيًا إلا وأحرقته، ومن هنا يتجلى صوت العقل بدعوة كل الأطراف لضبط النفس وإخراج المدنيين والأطفال من دائرة الصراع والاتجاه مباشرة نحو التفاوض.
ويؤكد الخطاب الجامع المانع أن سعي مصر للسلام باعتباره خيارًا استراتيجيًا يحتم على مصر ألا تترك الأشقاء في فلسطين من أجل تأمين حصوله على حقوقه المشروعة وأن هذا الموقف المصري ليس قرارًا نتخذه، لكنه عقيدة في نفوسنا وضمائرنا وأن الواجب العاجل الآن هو سرعة توفير أقصى حماية للمدنيين من الجانبين ونضع تحت كلمة من الجانبين عشرة خطوط حمراء لإبرازها.
تجنب العقاب الجماعي وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وهنا على المجتمع الدولي أن يتحمل مسئولياته ومن أجل السلام فليعمل العاملون.
مصر الكبيرة والقادرة إذا تكلمت فليسمع الآخرون، نعم لدينا في الداخل أزمات وحسب تعبير السيد رئيس الجمهورية إن المصريين يواجهون تحديات صعبة ومن أزمة إلى أزمة، ولكن بالنظر إلى المعادلة الواضحة التي جاءت نصًا في الخطاب، وهي أن هناك فارقًا كبيرًا بين تكاليف الحياة وإهدار الحياة، نعرف أن حجم ما نواجهه من أزمات لا يساوي شيئًا مقابل أمن بلادنا واستقرارها.
لذلك تعتز مصر بل وتفتخر أنها في ظل الصراعات المشتعلة جنوبا وغربا وشرقا مازالت صامدة تنعم بالأمن والأمان بعد أن خاضت حربًا شرسة ضد الإرهاب وانتصرت وتخوض الآن معركة التنمية وسوف تنتصر بعد أن نجحنا في إعادة بناء المؤسسات، ويرى الخطاب أن التحديات التي تقابلنا في طريقنا سوف نواجهها بالإصرار والعزيمة والاصطفاف الوطني.
الكلمة الموجه للداخل وللخارج كما قلت في بداية المقال هي خارطة طريق مدعومة بتواصل مصر مع القادة العرب ومع أصحاب القرار في العواصم المختلفة، كلمة حرص الرئيس أن يبدأها بالتأكيد على أن كلماته واضحة وعباراته لا تحتمل التأويل، فهل نشهد في مقبل الأيام صدى لصوت العقل المصري.. هذا ما نريده وسوف ننتظر ونرى.