وزير الخارجية عن سد النهضة أمام الأمم المتحدة: لا يمكن فرض أمر واقع يتعلق بحياة أكثر من 100 مليون مصرى
- مصر أقل الدول فى هطول الأمطار.. وتعانى عجزًا مائيًا يزيد على 50%
- نعيد استخدام المياه المحدودة عدة مرات ونستورد «مياهًا افتراضية» بـ15 مليار دولار سنويًا
- نعتمد على النيل بنسبة 98% ما يجعلنا عرضة للتأثر بشدة بأى استخدام غير مستدام لمياه النهر
جدد سامح شكرى، وزير الخارجية، تأكيد موقف مصر بشأن سد النهضة الإثيوبى، القائم على رفض أى إجراءات أحادية فى إدارة الموارد المائية العابرة للحدود، مشددًا على أنه «ليس هناك مجال للاعتقاد الخاطئ بإمكانية فرض الأمر الواقع، عندما يتصل الأمر بحياة ما يزيد على ١٠٠ مليون مصرى».
ورحب «شكرى»، خلال إلقائه كلمة مصر فى النقاش رفيع المستوى للدورة الـ٧٨ للجمعية العامة للأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأمريكية، أمس، بنتائج المؤتمر التاريخى للأمم المتحدة للمياه ٢٠٢٣، ثم تطرق للحديث عن سد النهضة الإثيوبى.
وقال وزير الخارجية: «أود تناول حالة غاية فى الخصوصية لبلادى، التى تواجه ندرة مائية حادة، إذ تأتى مصر على رأس قائمة الدول القاحلة، فهى الأقل من حيث معدل هطول الأمطار بين دول العالم، فى حين يتجاوز تعداد سكانها ١٠٥ ملايين نسمة، الأمر الذى أدى لانخفاض شديد لنصيب الفرد من المياه، ووجود عجز مائى سنوى يزيد على ٥٠٪ من احتياجاتنا المائية، ما يفرض علينا إعادة استخدام المياه المحدودة المتاحة عدة مرات، واستيراد مياه افتراضية فى صورة واردات غذائية بقيمة تقترب من ١٥ مليار دولار سنويًا».
وأضاف: «مصر تعتمد على نهر النيل بنسبة ٩٨٪، ما يجعلها عرضة للتأثر بشدة بأى استخدام غير مستدام لمياه النهر»، مشيرًا إلى موقف مصر الراسخ وفقًا لقواعد القانون الدولى، بشأن رفض أى إجراءات أحادية فى إدارة الموارد المائية العابرة للحدود، التى يعد أحد أمثلتها سد النهضة الإثيوبى، منتقدًا تمادى إثيوبيا بالاستمرار فى ملئه وتشغيله بشكل أحادى، فى خرق صريح لقواعد القانون الدولى.
الرى: فشل مفاوضات سد النهضة.. وإثيوبيا رفضت الحلول المطروحة
وشدد وزير الخارجية على أنه «رغم استمرار الممارسات الأحادية الإثيوبية، فإن مصر حريصة على استمرار الانخراط بجدية فى عمليات التفاوض الجارية، للوصول لاتفاق ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل يحفظ الحقوق والمصالح المشتركة».
وواصل: «ما زلنا ننتظر أن يُقابَل التفاعل المصرى المخلص بعزم وسعى صادق من إثيوبيا، للتوصل إلى اتفاق يراعى مصالح مصر والسودان وإثيوبيا»، مشددًا على أنه «ليس هناك مجال للاعتقاد الخاطئ بإمكانية فرض الأمر الواقع، عندما يتصل الأمر بحياة ما يزيد على ١٠٠ مليون مصرى».
وتضمنت كلمة الوزير عدة محاور أخرى، أوضح من خلالها رؤية مصر حول تعزيز السلم والأمن الدوليين، وتحقيق التنمية المستدامة، وتبعات الأزمات المتتالية، وتحقيق استقرار الاقتصاد العالمى.
وكان من بين هذه المحاور النزاع فى أوكرانيا، الذى قال عنه «شكرى»: «التداعيات الخطيرة للنزاع فى أوكرانيا أثبتت أن مسئولية تسوية النزاعات تقع على عاتق جميع الدول»، مشيرًا إلى أن «مصر تحركت بفاعلية فى إطار محيطيها العربى والإفريقى، للبحث عن تسوية سلمية للأزمة الروسية الأوكرانية».
ونَبه إلى تمسك مصر والدول الإفريقية بتصحيح الظلم التاريخى الواقع عليها، وذلك عبر توسيع تمثيلها فى مجلس الأمن، والحصول على مقعدين دائمين بكل الصلاحيات، مشيرًا إلى أن «مصر تدعم تعزيز العمل المشترك بين البلدان النامية، وتتطلع للإسهام بفاعلية من خلال عضويتها الجديدة فى تجمع (بريكس) للتعبير عن مصالح وطموحات ٣٠٪ من الاقتصاد العالمى المتركز فى دول الجنوب ذات الثروة البشرية الشابة الهائلة».
ونوه إلى ضرورة استعادة الثقة فى الأدوات الاقتصادية للنظام العالمى، ودفع دور المؤسسات الدولية لدعم الدول النامية فى مواجهة الأزمات، واتخاذ خطوات بناءة نحو إصلاح الهيكل المالى العالمى، وتطوير نظام التمويل الدولى، لتمكين الدول النامية من استعادة وتيرة تحقيق أهداف التنمية.
ودعا إلى تدشين آليات شاملة ومستدامة لمعالجة ديون الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، وتعزيز التعاون مع شركاء التنمية فيما يتعلق بمبادلة الديون لإقامة مشروعات تنموية، وتحويل تحديات إشكالية الديون لفرص تحقق الانتقال العادل نحو «الاقتصاد الأخضر»، لافتًا إلى نجاح مصر فى حشد التوافق الدولى خلال قمة «٢٧ COP»، خاصة فيما يتعلق بترتيبات تمويل الدول النامية لمواجهة الخسائر والأضرار.
وحذر وزير الخارجية من إشكاليات التعامل مع ملف العنصرية وكراهية الأجانب وظاهرة «الإسلاموفوبيا» وتبعاتها، وأبرزها حوادث حرق القرآن الكريم مؤخرًا، والذى يمثل «تضييقًا للحق فى حرية الدين والمعتقد»، منبهًا إلى ضرورة وضع تشريعات تحول دون تكرار مثل تلك الوقائع.
وأشار إلى تحقيق مصر خطوات كبيرة لتعزيز حقوق مواطنيها، أبرزها إطلاق «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، و«استراتيجية تمكين المرأة المصرية»، و«استراتيجية مكافحة العنف ضد المرأة»، إلى جانب تمكين الشباب، ومراعاة أولويات ذوى الاحتياجات الخاصة، وتعزيز مبدأ المواطنة، ومكافحة التمييز، وحماية الحريات الدينية.
كما تطرق إلى القضية الفلسطينية، قائلًا: «نتابع حاليًا بقلق تردى الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية نتيجة ممارسات قوات الاحتلال، بما يهدد جهود احتواء الموقف عقب اجتماعى العقبة وشرم الشيخ الأخيرين»، مشيرًا إلى موقف مصر الداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وإنشاء دولته المستقلة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.
ونوه إلى سعى مصر لإقرار السلام فى السودان وليبيا وسوريا واليمن وفقًا لمبادئ القانون الدولى ومقررات الشرعية الدولية، بالإضافة إلى دعم جهود مكافحة الإرهاب فى إفريقيا عبر تطبيق مقاربة شاملة.
وألقى الضوء على إطلاق القاهرة مسار «قمة دول جوار السودان»، لتسوية الأزمة وتخفيف تداعياتها الإنسانية، والتوصل لوقف إطلاق نار مستدام، مع الاحترام الكامل لسيادة السودان والحفاظ على مؤسساته الوطنية.
كما أشار إلى دعم مصر الحل السياسى فى ليبيا، وتجاوز المرحلة الانتقالية بعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وحتمية الانسحاب الفورى وغير المشروط لكل القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من البلد الشقيق، فى مدى زمنى محدد.
وجدد رفض مصر تجاوز الدور التشريعى لمجلس النواب الليبى، وتحفظها على أى أطروحات بديلة تهدف لإلغاء دور المشرع الليبى واستبداله، وتمسكها بولاية السلطة التشريعية، بمقتضى الإعلان الدستورى، والاتفاق السياسى الليبى.