برج الجزيرة الجديد.. لماذا أصر كولر على ضم المخضرم موديست؟
- وجوده يُنهى معاناة الأهلى مع فرق التكتل الدفاعى فى مصر وإفريقيا
- الحاجة إلى مهاجم بارع فى الكرات العرضية وراء التصميم على اللاعب
بعد رحلة بحث استمرت أكثر من عام، استقر الأهلى أخيرًا على مهاجمه الجديد، أنتونى موديست، لاعب بوروسيا دورتموند السابق، صاحب المشوار الطويل فى الدورى الألمانى، الذى خلّف قرار انضمامه حالة جدل واسعة بسبب تقدم عمره البالغ ٣٥ عامًا، وأثار عدة تساؤلات مهمة: لماذا اختاره الأهلى؟، وهل كان اختيارًا اضطراريًا أم عن قناعة كاملة؟
حسب المعلومات المتاحة، هناك شبه اتفاق كامل على أن «موديست» هو اختيار مارسيل كولر، المدير الفنى للأهلى، دون تدخل من قريب أو بعيد لإدارة النادى، أو أى من لجانها الخاصة بالتعاقدات والعمل الكشفى، بل لم يكن أى عضو فى هذه اللجان أو الإدارة يعرف اسم اللاعب أو يتابعه، أو حتى يتخيل أن الأهلى قد يذهب إلى ألمانيا، بل إلى واحد من ناديى القمة هناك دورتموند وبايرن ميونخ.
وطالما أنه اختيار «كولر» وجهازه المعاون، الذى حلل أدوار اللاعب الجديد، فهناك عوامل واضحة دفعتهم للذهاب إليه، رغم تقدم عمره، ووجود شكوك حول نجاحه.
قبل «موديست» كان هناك إصرار عجيب أيضًا على ضم جوستافو سوزا، مهاجم جيونبك هيونداى الكورى، الذى لا يمثل قوة ترضى جمهور الأهلى، ولا يمتلك من المقومات والمهارة ما تجعله رغبة ملحّة تلقى قبولًا ورضا، ودعم الأغلبية.
وبالنظر إلى أدوار كل من «سوزا» و«موديست»، ستكتشف ببساطة شديدة، ودون تحليل عميق، أن الغرض من ضم أى منهما هو امتلاك مهاجم يجيد استقبال الكرات الهوائية والعرضية والتعامل معها، وهو ما فشل فيه كل من محمد شريف ومحمود عبدالمنعم «كهربا»، اللذين شغلا هذا المركز فى الموسم الماضى مع «كولر».
السؤال هنا: لماذا الكرات الرأسية بالتحديد؟
أدرك مدرب الأهلى، بعد عام فى الكرة المصرية والإفريقية، أن غالبية الأندية التى تواجه «المارد الأحمر» وتخلق له صعوبات دفاعية تعتمد على التكتل والكثافة الكبيرة حول منطقة الجزاء وفى النصف الثانى من الملعب.
ومن أهم الأفكار الخططية التى يؤمن بها «كولر» أمام مثل هذه التكتلات والنوعية الدفاعية من الأندية التى يقابلها، اللجوء إلى الكرات العرضية، واستغلال الكرات الثابتة، وهى عوامل تحتاج إلى مهاجم هداف يجيد اللعب بالرأس.
حتى فى المنافسات الإفريقية، لنتذكر معًا أن أصعب مواجهات قابلت الأهلى كانت أمام الرجاء البيضاوى المغربى، والوداد المغربى، أيضًا، فى نصف النهائى والنهائى.
كانت الحلول حاضرة أمام الرجاء؛ أولًا عبر كرة عرضية، تواجد فى منطقة الجزاء لاصطيادها محمد عبدالمنعم، المدافع الذى اضطر «كولر» لتقدمه وتكليفه بأدوار المهاجم، من أجل إيجاد الحل والثغرة التى بحث عنها، فكان له الهدف الذى أراده، رغم تفوق الرجاء قبل الهدف وتقديمه شوطًا مثاليًا هنا فى القاهرة.
ثم كان الحل ذاته حاضرًا فى النهائى الحلم أمام الوداد على أرضه، عبر كرة ثابتة أجاد «عبدالمنعم» التعامل معها بأفضل صورة ممكنة، لتمنح «نادى القرن» لقبه الحادى عشر.
ولأن «كولر» لم يكن يستطيع طوال الوقت توظيف مدافع فى هذه الأدوار خشية التحولات، فقد عوّل بشكل رئيسى فى «التكتيك» الخاص به على وجود حمدى فتحى فى الوسط للعب أدوار المهاجم.
برع المدرب السويسرى فى توظيف «حمدى» فى هذه المهام، لتمثل انطلاقات اللاعب خلف دفاعات الخصم الخطر الأكبر للأهلى طوال الموسم، وكثيرًا ما سجل الفريق منها واقتنص المكاسب والنقاط.
ومع رحيل حمدى فتحى إلى الدورى القطرى، ويقين مدرب الأهلى بأنه لا حل أقوى من الكرات العرضية، أصبح التمسك بمهاجم جديد يجيد هذه الكرات أمرًا لا غنى عنه، وليس محل نقاش أو حوار.
من هنا تتأكد تمامًا أن «موديست» يمثل ورقة خططية غاية الأهمية، سيبنى عليها «كولر» جزءًا كبيرًا من التكتيك الهجومى، خاصة أن اللاعب يتميز بالبنيان الجسدى القوى وطول القامة، إلى جانب براعة كبيرة فى استغلال الكرات العرضية.
«موديست» ليس قويًا فى الكرات العرضية لأنه صاحب قامة طويلة فحسب، بل إن ذكاءه فى اختيار الأماكن التى يستقبل فيها الكرة، وتوقيت الارتقاء، ودقة التوجيه، علامات مهمة تميزه وتجعله قوة كبيرة.
حينما تنظر إلى أهدافه التى سجلها من كرات عرضية ستفهم أن لديه «تكنيكًا» خاصًا فى الاستقبال والتوجيه، يفوق به أيًا من المهاجمين الذين تشاهدهم فى الدورى المصرى ودورى أبطال إفريقيا.
كذلك افتقد الأهلى فى الموسم الماضى إلى مهاجم يستطيع لعب دور «المحطة»، الذى يخفف الضغط ويفوز بالصراعات الثنائية والبدنية، وهو ما يستطيع مهاجم الأهلى الجديد علاجه.
«موديست» قوى بدنيًا للغاية، وحالته ما زالت جيدة رغم تقدم عمره، كما أن المردود البدنى المطلوب منه أمام أندية الدورى المصرى وأبطال إفريقيا لا يمكن بأى حال أن يكون أكبر من المطلوب فى الدورى الألمانى.
نحن هنا لا نتحدث بتعالٍ، وليس شرطًا أن يأتى لاعب من دوريات أعلى فينجح هنا، وهناك أمثلة عديدة.
لكن الواقع يقول إن هناك فجوات كبيرة بيننا وبينهم، هناك فى دوريات أوروبا الكبرى، وإن وصل لدينا أحد اللاعبين سيكون الجهد المطلوب منه أقل، ويستطيع النجاح بمعدلات بدنية أدنى، لكن شرط النجاح أن يقدم أفضل ما لديه.
أفضل ما لديه بمعنى التدرب بجدية وعدم الاستهتار، ربما هما أمران لا يؤهلانه لشغل مكانة أساسية فى دورتموند، أمام باريس سان جيرمان فى أبطال أوروبا، وبايرن ميونخ فى ألمانيا، لكن يمنحاه القوة الكافية للانتصار على الزمالك وبيراميدز وفيوتشر فى مصر، والوداد وصن داونز والرجاء فى إفريقيا.
أما إذا أتى اللاعب من أجل الاسترخاء، والابتعاد عن العمل الجاد والاحترافية، وأرادها منطقة راحة، فتأكد أنه لن ينجح حتى لو لعب وسط هواة وفى مراكز شباب. لكن بنظرة جادة إلى «موديست» وحالته الحالية، فإنه قادم بعد جلسات مع «كولر» ووكيله، أقنعاه فيها بأهمية المشروع وقيمة التنافسية والأهداف التى يربو إليها الأهلى لمقارعة كبار الأندية فى كأس العالم، والبقاء على قمة القارة دائمًا. تلك الأمور التى تحدث عنها «كولر» جعلت اللاعب الجديد يؤمن بأن مشروع الأهلى أفضل له من أندية إيطالية وألمانية، صحيح أنها ليست أندية قمة، لكن رفضها يعنى أنه أدرك أهمية الأهداف التى يسعى لها بطل إفريقيا، وتأكد من أنه قادم لتحقيق أشياء كبيرة، وليس للتنزه والراحة.