"رددنا الشهادتين والأطفال رفضوا العودة".. مشاهد قاسية لزلزال المغرب
في الوقت الذي استغرق عبد العزيز أحد الرواه المغاربة في الساعة الحادية عشر والنصف مساءً بتوقيت دولة المغرب منكبُا على مكتبه داخل المنزل يضع اللمسات الأخيرة على كتابه الأخير، بينما أسرته مستغرقة في النوم، إذ بهزة قوية مفاجأة تضرب الأرض أسفله جعلت أقلامه وأوراقه تتأرجح ليصبح هو وأسرته الذين استيقظوا مرعوبين مثلها متأرجحين هنا وهناك لا يعرفون أين المفر وكأنهم على موعد مع يوم القيامة.
إنه زلزال المغرب المدمر الذي ضرب مدينة مراكش بقوة 7 ريختر، تلك قوة الهزات الأرضية التي لم تشهدها الدولة الشقيقة من قبل، الأمر الذي جعل الفزع والرعب لرؤيته متضاعفان، خاصة مع ارتفاع حصيلة ضحاياه الذين وصلوا حتى كتابة هذه السطور إلى أكثر من 2000 قتيل وأكثر من 2500 مصاب.
بلبودالي: أحفادي ظلوا يصرخون خوفًا ورفضوا العودة إلى المنزل
عبد العزيز بلبودالي يقطن في مدينة المحمدية التي تبعد عن العاصمة الرباط بـ60 كيلو وعن كازابلانكا بخمسة وعشرين، يصف لـ"الدستور" لحظات الرعب التي عاشها وأسرته والتي انتهت به إلى المبيت ليلة كاملة في العراء قائلًا "عندما شعرنا بالهزة القوية هرولنا إلى الدرج، وبعد أن توقف الزلزال ثوان، عاد مرة أخرى ونحن ما زلنا على الدرج".
أثناء هرولتهم وعودة الزلزال مرة أخرى لم يستطع الرجل الستيني الحفاظ على توازنه فظل يتأرجح يمينًا ويسارًا بفعل تأثير الزلزال "أصبت بدوخة وصداع على مستوى الرأس الرأس واستمر الحال لأزيد من ساعة قبل أن أسترجع توازني".
أسرة عبد العزيز كافة أصابها الرعب، والفزع، وسط الصراخ والصمت من الصدمة "خرجنا إلى العراء ومعي أولادي وأحفادي" يقولها موضحًا أنهم باتوا ليلة كاملة في الشارع، ورفض أحفاده الأطفال أريج ولوجين بصرخات مدوية العودة إلى المنزل حتى بعد انتهاء الزلزال من شدة الخوف الذي انتابهم، ولم تستطع الأسرة إعادتهم إلا بعد أن غلبهم النوم.
يقول عبد العزيز "نعم عدنا إلى منازلنا ولكن أصيب منزلنا بشقوق عدة، كما أصيبنا نحن بشقوق نفسية صعب معالجتها، ونحن الأن غير آمنين في بيوتنا إذ نتوقع حدوث هزات أخرى كما قيل".
بو حفيظة: رددنا الشهادتين
ترديد الشهادتين كان هو ما لجأ إليه محمد بوحفيظة وأسرته والذي يقطن في مدينة محاميد بالمغرب وقت الهزة الأرضية المدمرة موضحًا أنه كان في منزله يقضي يومه مع أسرته، وإذ بهم يشعرون فجأة أن يوم القيامة قد حلّ، حيث الأرض وكأنها تتزعزع من مكانها لتبتلع كل من عليها، وصوتًا مرعبًا يشبه الصواعق يصاحب تلك الزعزعة، وكل لا يدري بالآخر.
"الكهرباء انقطعت، في لحظات سرعت أنا وأسرتي على الدرج، وإذا بنا ننظر نجد أن كل المباني القديمة حولنا قد تهدمت تقريبًا" يقولها محمد موضحًا أن ما أنقذ منزلهم من الدمار هو كونه جديدًا فقط، بينما أغلب البنايات القديمة والمبنية بالطين قد تهدمت تقريبًا ومات كل من فيها.
يتابع "رأينا مشاهد مأساوية حولنا يقشعر لها الأبدان لمفقودين وموتى، وظللنا ليلة كاملة في العراء، وننوي كذلك كل ليل خوفًا من تكرار الزلزال أو حدوث توابع له".
أوحمي: رأيت شخص من ممدينتي ماتوا وفقدت أعز صديقاتي
في بلدته مدينة "أزيلال" وسط المملكة المغربية لم يشعر محمد أوحمي إلا ببعض الدوار عقب خروج الضيوف الذي حضروا إلى منزله بعد قضاء الاحتفال بعقيقة ابنه، ولكنه بعد ذلك تأكد أن ما يشعر به ليس بدوار ولكنه زلزال قوي ضرب المدينة ما جعله يطلب من أهل بيته مغادرته مسرعين، ليقضوا بعد ذلك ليلة كاملة في العراء تاركين كل متعلقاتهم في المنزل، مصطحبين أبنائهم فقط وسط هلع وخوف وصفهم بأنه لم يراه في عينهم قبل ذلك قط.
يقول "رأيت 11 شخًصا من بلدتي قد ماتوا بسبب الزلزال، كما علمت أن إحدى أعز صديقاتي في بلدة قد ماتت هي الأخرى وأسرتها جميعًا ولم يتبق إلا ابنها البكر في حالة إصابة بالغة" موضحًا أنه وعلى الرغم من عدم ٍتأثره بشكل مباشر بالزلزال إلا أن وفاة أصدقاؤه وجيرانه أمر في شدته يماثل وقعه وقع الصاعقة عليه.
وكان قد ضرب زلزال المغرب بلدة "إغيل" في ولاية الحوز، على بعد حوالي 70 كيلومترًا"43.5 ميلا" جنوب مراكش، وذلك على عمق 18 كيلومترًا، وأسفر عن دمار كبير في عدة مناطق، وشعر به سكان العديد من المدن المغربية في محيط بلغ 400 كيلومتر، وسُجل وقوع ضحايا الزلزال في أقاليم وعمالات الحوز ومراكش وورزازات وأزيلال وشيشاوة وتارودان، زقال مسؤول محلي إن معظم الوفيات كانت في مناطق الجبال التي يصعب الوصول إليها.
كما أفاد المعهد الوطني للجيوفيزياء في المغرب، أنه تم تسجيل زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر بإقليم الحوز، وسط البلاد، في الساعة 11:00 من ليل الجمعة بتوقيت المغرب.
ولفت المعهد الوطني للجيوفيزياء إلى أن الهزات الارتدادية، عقب الزلزال الذي ضرب المغرب، يمكنها أن تتواصل، بقوله "يُنتظر أن تتواصل الهزات الارتدادية بضعة أيام أو بضعة أسابيع قبل أن تختفي".
إقرأ أيضًا: