وليد علاء الدين: صناعة النشر فى تقدم على المستوى التقنى (حوار)
ما بين أول الكتب المنشورة وصولًا لأحدثها، هناك حكايات عن رحلات الكتاب والمبدعين مع دور النشر، هناك صعوبات ومعوقات مع نشر العمل الأول، وهناك أيضًا المشكلات المتكررة والمتشابهة بين المبدعين ودور النشر، سواء فيما يخص تكلفة الكتاب، أو توزيعه، والعقود المبرمة بين الطرفين، أو حتى حقوق الملكية الفكرية وغيرها.
في سلسلة حوارات تقدمها الــ"الدستور" يحكي الكتاب تجاربهم مع عالم النشر.
وحول هذه القضية يحدثنا الكاتب المسرحي الشاعر وليد علاء الدين، والذي سبق وصدر له مؤلفات: "ابن القبطية" رواية عن الكتب خان 2016، "كيميا" رواية صادرة عام 2020 وفي العام اللاحق 2021 صدرت له رواية "الغميضة". بجانب كتب: "واحد مصري". "ساعة عفو" ومسرحيات أخري، "شجرة، وطن دين"، وغيرها.
ــ ما الصعوبات التي صادفتك في طريق نشر كتابك الأول؟
- كتابي الأول، وهو ديوان شعر عنوانه "تردني لغتي إلي" نشره لي صديق على نفقته الخاصة حين آمن بأهميته ووجدني مترددًا في نشره، وقد حظي الكتاب باستقبال نقدي طيب. ولكن لا أنسى أنني رأيت مخطوط هذا الديوان مدفونًا في ركام كتب بأحد أرفف الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة، إذ كنت تقدمت به للنشر ولم أتلق ردًا ولم أنجح في معرفة شيء عنه لفترة طويلة جدًا، إلى أن ساقتني الظروف بصحبة صديق إلى مقر الهيئة، ولم أتمكن من جمح فضولي في معرفة الأمر فتحمس الصديق واستعان بأصدقاء نجح أحدهم في الوصول إلى الديوان وعليه تأشيرة غير مفهومة وتوقيع غير معلوم، وضحك وقال ربما لم يفهم الموظف التأشيرة فوضعه جانبًا لحين الاستفسار ثم تراكمت فوقه المخطوطات.
ــ ما المشاكل التي واجهتها بخصوص حقوق النشر والملكية الفكرية؟
- أهداني ذات مرة صديقي الفنان الجزائري خالد بوزنون غلافًا لكتابي النقدي "شجرة وطن دين"، الصادر عن دار نشر بتانة سنة 2017، وبعد صدور أخبار عن الكتاب وانتشار صورة غلافه، كتبت الفنانة المصرية إيناس عوض أن الصورة المستخدمة على الغلاف من إبداعها، وأن أحدًا لم يستأذنها في استخدامها، وهو الأمر الذي -للأسف- لم ينتبه إليه مصمم الغلاف. أحزنني الأمر على المستوى الشخصي، وإن كانت الفنانة مشكورة تفهمت الأمر بعد أن أوضح مصمم الكتاب تفاصيل الوقوع في هذا الخطأ بحسن نية، ولكن الواقعة أكدت لي حجم الفوضى التي تتعامل بها صناعة النشر العربية مع حقوق الآخرين، فالحقوق يجب أن تصان إن لم يكن ماديًا فعلى الأقل معنويًا.
ــ كيف تواجه هذه المشكلات مع الناشر؟ وما أصعب موقف تعرضت له؟
- ربما كان هذا أصعب موقف تعرضت له، المؤسف أن الحل لم يأت من داخل منظومة الصناعة، وإنما بجهود يمكن وصفها بالإنسانية. أعتقد أن هذا الملف في حاجة إلى ضبط وتوضيح مع جهود تثقيفية لرفع وعي الناس بأن حماية حقوقهم تبدأ من المحافظة على حقوق الآخرين.
ــ هل سبق ووصلت خلافاتك مع ناشر ما إلي ساحات المحاكم؟
- لم يحدث أبدًا، ولكني بت على ثقة تامة بأن الناشرين الحريصين على حقوق الكاتب المادية على الأقل في مصر، أقل بكثير من عدد أصابع اليد الواحدة.
ــ هل قمت يوما بسداد كلفة نشر كتاب لك؟
- نعم، ولكن بمنطق سيف الحياء: تعرف أن الشعر غير مقروء، لذلك نود منك المساهمة في تكلفة الطباعة بشراء نسخ. تعرف أن هذا الكتاب يتطلب قَطع ورق مختلف فإذا احتاج الأمر سأخبرك بفرق التكلفة، وأدفعها. هناك دائمًا سعي من الناشر للوصول إلى مستوى التكلفة الصفرية عند الإنتاج والاحتفاظ بالدخل عند البيع.
ــ ما الذي حلمت به لكتاب من كتبك ولم يتحقق وتأمل أن تتداركه مع مؤلف جديد؟
- حلمت لروايتي الأولى بتوزيع يجعلها متوفرة جغرافيًا بما يتناسب مع الصدى النقدي الكبير الذي حققته، لم يكن النشر الرقمي والصوتي والإلكتروني قد ارتقى بعد للوضع الحالي الذي يستكمل فيه نقص التوزيع الجغرافي للكتاب المطبوع، نجت الروايتان التاليتان من هذه الأزمة، وما زلت أطمح في تدارك الأمر مع رواية "ابن القبطية" التي صدرت عام 2016 وما زالت أصداؤها النقدية مسموعة حتى اليوم.
ــ في رأيك صناعة النشر في تقدم أم تراجع؟
- هي في تقدم على المستوى التقني، ومن حيث القدرة على الوصول والانتشار، لم تعد الحواجز الجغرافية وضعف إمكانات التوزيع تحول دون وصول الكتب للقراء حول العالم، والكاتب لا يريد في نهاية الأمر سوى القراء، لكن ما زلنا في حاجة كبيرة إلى ترجمة الأمر إلى حقوق وواجبات، بحيث لا يستأثر الناشر بكل المنافع المادية، وكأن لسان حاله يقول للكاتب: يكفي أننا نشرنا لك كتابك.