الكنيسة الكاثوليكية تُحيي ذكرى الطوباوي فلافيانوس ميخائيل ملكي
تحيي الكنيسة الكاثوليكية بمصر اليوم ذكري الطوباوي فلافيانوس ميخائيل ملكي الأسقف الشهيد
وروى الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني سيرته، مشيرًا إلى أنه ابن المقدسي حنا بن إبراهيم بن ملكي واسم أمه سيدة .
وتابع: ونزح والد جده ملكي من خربوط وأقام في قرية قلعة المرأة شرقي ماردين. حيث أبصر يعقوب النور عام 1856م.
انخرط يعقوب في سلك رهبان دير الزعفران عام 1868 وفيه درس السريانية والعربية وشيئا من التركية، فرقاه البطريرك بطرس سنة 1878 إلى رتبة الشماس الإنجيلي باسم ميخائيل وجعله وكيلا على المكتبة ومعلما للرهبان.
وتابع مالت نفسه للانضمام إلى الكنيسة الكاثوليكية، فانطلق إلى ماردين وعرض على القس متى أحمردقنه. فأشار إليه هذا، بغية التملص من والدي الشماس ميخائيل وذويه، أن يخلد إلى التفكير والصلاة ريثما تختمر عزيمته فيبلّغه إلى ما يريد. ولما علم ذوو ميخائيل بالأمر عارضوه وعذبوه حتى يعود إلى دير الزعفران ويتأهب لقبول الكهنوت المقدس . لكن الشماس ميخائيل لبث راسخا في مقصد .
وواصل: فاصطحبه القس متى أحمردقنه في سبتمبر 1879 إلى حلب . ومن حلب جاء ميخائيل إلى دير الشرفة في 9 أكتوبرمن تلك السنة. وفي بداية عام 1881 نذَر نذر طلاب الشرفة وأضاف إليه نذر الرهبنة الأفرامية في 17 سبتمبر 1882. وبعد أربعة أعوام من الدراسة والتمرس في الحياة الروحية غادر الدير إلى حلب حيث رقاه البطريرك جرجس شلحت في 13 مايو 1883 إلى الدرجة الكهنوتية وأرسله إلى ماردين مع القس يوسف اسطنبولي. وفي 8 ديسمبر 1884 حلّ في دير مار أفرام يساعد رئيسه القس أفرام أحمردقنه حتى استدعاه المطران ماروثا بطرس طوبال عام 1890 وأرسله إلى قرية السعدية المجاورة لميافارقين. فطفق المرسل النشيط يبعث روح التقوى في النفوس ويرشد ويعلم بغيرة الرسل موسعا حقل عمله ليشمل القرى المجاورة للسعدية : ميافارقين – قره باش – قطربل – عطره – ديريش – تل عزيز – قرديلك – عيسى بوار – علّوزة – عبدة – عيسوة – مرقندة - عرب كند.
وأوضح أنه وفي خريف عام 1895 ثارت تركيا على رعاياها النصارى فقتلت وأحرقت وهدمت. وكان القس ميخائيل يومئذ مع والدته سيدة في قرية عيسى بوار، وفيها قتلت والدته مع بعض النساء والفتيات ونهبت الكنيسة وبيت الكاهن، ونجا القس ميخائيل إذ كان غادر إلى قرية قلّث على طلب الرئيس برو المسيحي.
وتابع ولما زار البطريرك رحماني مدينة الجزيرة في 6 يوليو 1910 عيّن غبطته الخوري ميخائيل ملكي نائبا بطريركيا على مدينة ماردين ووكيلا له في الأبرشية ليبذل الجهود في تأليف القلوب المتنافرة . فاطمأنت بفضله الخواطر واستتب الهدوء والسلام. ثم كتب السيد البطريرك يطلب إلى الخوري ملكي بناء دار جديدة للبطريركية ففعل.
ووصل المطران الجديد إلى الجزيرة في 15 مارس من تلك السنة فرحبت به الحكومة وأعيان البلد ودخل كنيسة والدة الله باحتفال شائق، يرافقه الأب بولس قسطن الراهب الأفرامي الذي اتخذه أمينا لسره.
أحب المطران ميخائيل أبناء أبرشية الجزيرة وتوابعها من مسيحيين ومسلمين. فأحبوه واجمعوا على تقديره واحترامه. وشمر عن ساعد الجد يجدد الكنائس ويشيد المعابد. فبنى في قلعة المرأة والسعدية وعيسى بوار و الكمبية والجزيرة وأسفس وآزخ سبعة معابد. وعزز المدارس ونشط الأخويات و حرك المشاريع الخيرية.
وأضاف أن أخبار الشؤم أخذت تتوافد منذ فبراير 1915 من أصقاع أرمينيا والرها ودياربكر وماردين بقتل المسيحيين واستياقهم من بلد إلى بلد. كان المطران ميخائيل يزور يومئذ أبناء رعيته في آزخ. فعاد فورا إلى الجزيرة. وهنا بلغه أن رشيدا والي دياربكر قاصد أن يرسل من يتعقب نصارى الجزيرة.
وفي أواسط حزيران انتشرت سيوف المجرمين في أنحاء الجزيرة فقتلوا ونهبوا وارتكبوا المنكرات وساقوا أفواجا عديدة من المسيحيين بينهم مطارنة وكهنة وأبادوهم في البراري والقفار. أما المطران ميخائيل فقد رفض اقتراح صديقه عثمان رئيس بلدية الجزيرة بالعمل على إنقاذه سرا قائلا : " من المستحيل أن أترك رعيتي وأنجو بنفسي، فإن ذلك مخالف لإيماني ووظيفتي " .
وتابع: وفي 28 أغسطس قامت فرقة من الشرطة باقتحام كنيسة والدة الله للسريان الكاثوليك وقبضت على المطران ميخائيل ملكي كما كانت قد قبضت، من قبله، على مطران الكلدان يعقوب ابراهام وكهنة السريان والكلدان . وبعد الضرب والشتم أوثقوا المطرانين مع الكهنة والأعيان وجمهورا من السريان والكلدان وأخذوهم إلى شاطىء دجلة حيث عرّوهم من ثيابهم، ثم أطلقوا ثلاث رصاصات على المطران يعقوب. أما المطران ميخائيل فصفعوه مرارا ورموه أرضا حتى أغمي عليه . ثم رموه بالرصاص وفاضت روحه الزكية . ثم شرعوا بجماعة الكهنة والمؤمنين فقضوا عليهم جميعا وكان ذلك في 29 أغسطس 1915م.
وأُعلن طوباوياً في الكنيسة الكاثوليكية ٢٩ أغسطس 2015، أي بعد مائة عام بالضبط من مقتله، في دير سيدة التحرير في حريصا بلبنان.