صناعة الحديد والصلب في مصر.. خبير يستعرض أبرز التحديات والفرص
مع تزايد الضغوط العالمية للحد من انبعاثات الكربون والتكيف مع التغيرات المناخية، تواجه صناعة الحديد والصلب في مصر تحديات كبيرة وفرصا جديدة، فهذه الصناعة التي تعتبر من أهم ركائز الاقتصاد المصري والتنمية الوطنية، تسعى للحفاظ على مكانتها وزيادة قدرتها التنافسية في ظل ظروف سوقية متغيرة ومتطلبات بيئية صارمة.
ووفقًا لتقرير صادر عن الاتحاد العالمي للصلب، فقد ارتفع إنتاج مصر من الحديد بنحو 25% خلال عام 2021 ليسجل 10.3 ملايين طن متري، مقابل 8.2 ملايين طن متري في عام 2020، وبذلك تصدرت مصر إنتاج المنطقة العربية، فيما جاءت المملكة العربية السعودية في المركز الثاني بإجمالي حجم إنتاج 8.7 ملايين طن.
ويرجع هذا النمو إلى دخول طاقات إنتاجية جديدة للسوق خلال 2021، كما أن استقرار الأوضاع الاقتصادية في مصر، واستمرار عمل المصانع بطاقاتها التشغيلية دون الحاجة لتقليص العمالة لحد من انتشار فيروس كورونا، كان له تأثير إيجابي على كافة القطاعات، بما فيها صناعات الحديد والصلب.
ولكن هذه الزيادة في الإنتاج لم تأت دون تكلفة، فصناعة الحديد والصلب هي من أكثر الصناعات استهلاكًا للطاقة وانبعاثًا للغازات المسببة للاحتباس الحراري، وفي ظل التزام مصر بخطة عالمية لخفض انبعاثاتها بنسبة 14% بحلول عام 2030، فإن هذه الصناعة تحتاج إلى اتخاذ إجراءات فورية لتحسين كفاءة استخدام الطاقة والانتقال إلى مصادر طاقة نظيفة.
صناعة رئيسية
وفي هذا السياق، يقول يحيى عبد الجليل، الخبير في مجال البيئة، إن مصر تشهد مشروعات ومبادرات عديدة لدعم صناعة الحديد والصلب في مواجهة التغيرات المناخية. فمثلاً، تعمل إحدى أكبر الشركات المنتجة للحديد في مصر، على تطوير أول مشروع في المنطقة لاستخدام الهيدروجين كوقود بديل للفحم في عملية تصنيع الحديد، ويهدف هذا المشروع إلى خفض انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 30%.
كما تسعى وزارة التجارة والصناعة إلى تشجيع الاستثمار في مجالات جديدة مرتبطة بصناعة الحديد والصلب، مثل إنتاج الصلب المقاوم للصدأ والصلب المجلفن والصلب المطروق، والتي تتميز بقيمة مضافة عالية وطلب متزايد في الأسواق المحلية والعالمية.
وتابع: "في ضوء هذه التطورات، يمكن القول إن صناعة الحديد والصلب في مصر تشهد مرحلة جديدة من التحول والابتكار، تستجيب فيها لمتغيرات السوق والبيئة بشكل إيجابي، وتستغل فرص التنمية المستدامة، وتسهم في رفع مستوى الإنتاجية والجودة والقدرة التنافسية".
تداعيات بيئية
ويوضح "عبد الجليل" في تصريحات لـ "الدستور"، أن صناعة الحديد والصلب تتأثر بخطر التغيرات المناخية بطرق مختلفة، منها زيادة تكاليف الإنتاج والتشغيل بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام والنقل، والتي تؤثر على هامش الربح والقدرة التنافسية للمنتجات، بجانب تعرض المصانع والمعدات للتلف أو الانهيار بسبب التقلبات الجوية والكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والجفاف والحرائق، والتي تتطلب صيانة مستمرة وإصلاحات باهظة.
وتابع: "تتأثر أيضًا هذه الصناعة بالضغوط البيئية والاجتماعية للحد من انبعاثات الكربون والملوثات الأخرى، والتي تستوجب اتخاذ إجراءات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة والانتقال إلى مصادر طاقة نظيفة، مثل الهيدروجين أو الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى التغير في الطلب على المنتجات بسبب التحول في أنماط الاستهلاك والإنشاءات، والذي يستدعي تطوير منتجات جديدة أو محسنة تتماشى مع المعايير البيئية والجودة".
وأضاف: أعتقد أن هذه التأثيرات تشكل تحديات كبيرة لصناعة الحديد والصلب، لكنها أيضًا تفتح فرصًا جديدة للابتكار والتنمية المستدامة. أظن أن مصر تمتلك إمكانات كبيرة للاستفادة من هذه الفرص، بفضل قوة صناعتها وثروتها المعدنية وموقعها الجغرافي.
حلول ممكنة
أما عن الحلول الممكنة للحفاظ على صناعة الحديد والصلب من خطر التغيرات المناخية، يقول "عبد الجليل" إنها تشمل:
- تبني استراتيجيات وسياسات وطنية وإقليمية ودولية لدعم صناعة الحديد والصلب في مواجهة التحديات المناخية، وتشجيع التعاون والتكامل بين الدول المنتجة والمستهلكة، وتوفير التمويل والحوافز اللازمة لتطوير هذه الصناعة.
- تطبيق معايير ومواصفات عالمية للجودة والسلامة والبيئة في صناعة الحديد والصلب، وتحسين كفاءة استخدام الموارد والطاقة والماء، وتقليل الهدر والفاقد، وإعادة تدوير النفايات والمخلفات.
- تبني تقنيات حديثة ومبتكرة في صناعة الحديد والصلب، مثل استخدام الهيدروجين أو الطاقة الشمسية كوقود بديل للفحم، أو استخدام الأكسجين المغذي بالغاز الطبيعي لزيادة كفاءة عملية الصهر، أو استخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي لتحسين عملية التصنيع.
- تطوير منتجات جديدة أو محسنة من الحديد والصلب، تتميز بخصائص متفوقة، مثل المتانة والمرونة والمقاومة للصدأ والتآكل، وتستجيب للاحتياجات المتغيرة للأسواق المحلية والعالمية.