"الشعب المصرى فى أمثاله العامية".. كتاب يستكشف علاقة المصريين بالحكم
يتناول كتاب "الشعب المصري في أمثاله العامية " لـ إبراهيم أحمد شعلان، والصادر عن سلسلة الدراسات الشعبية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، عبر فصوله الـ7، دراسة تشريحية لطبيعة وعلاقة المجتمع المصري بالحكم والحكام، إلى جانب أنه يقدم تحليلًا للطبقات والفوارق الاجتماعية بين المصريين، والأسرة في المجتمع المصري، والمثل والدين وغيرها.
ويتناول الكتاب إشكالية الفقر والغنى عبر البحث والتنقيب في طبيعة نظام الحكم في مصر منذ اللحظة الأولي لفكرة الاستقرار، وتقسيم المجتمع لطبقتين طبقة حكام ومحكومين، والذي خلق بدوره طبقتين ولونين من الحياة الاجتماعية في مصر، إحداهما حياة العز والترف والأخرى حياة الفقر والذل.
وكانت الأمثال العامية حاضرة لتجسد صورة حالة المصريين، وصورة الطبقية المنفرة في تلك الفترات من تاريخ من مصر، والتي منها "الأرض فرشه والسما غطاه"، "الجوع ما بيخليش مرابط "، و"المفلس غلب السلطان"، و"الكرشة عند المقلين زفر"، وهذا يشير إلى الوضع الاجتماعي المتردي الذي كان يعيشه الفقراء من المصريين.
إدوارد لين: المصريون لم يعودوا ينعمون لعدة أجيال بحكومة مستقرة
ويشير إبراهيم شعلان، في كتاب "المصريون المحدثون"، إلى طبيعة الفقر وأسبابه قائلًا: "لا تزال الطبيعة تجود بنعيمها على سكان وادى النيل كما كانت في قديم الزمان، أن المصريين لم يعودوا ينعمون لعدة أجيال بحكومة مستقرة، فكان كل من الولاة المتعاقبين في هذه المدة الطويلة يعمد إلى تنمية ثروته الخاصة لعدم توطد ولايته، وهكذا هلك بالتدريج كثير من المصريين وقضى على الباقين أن يعيشوا في عوز أليم، وإذا كان عدد الذكور من السكان يكاد يزيد على القدر اللازم لزراعة الأراضى التى يغمرها الفيضان أو يسهل ريها بالوسائل الصناعية كان عدد الذين يحترفون الصناعة في هذا البلد شديد القلة نسبيًا ولا تنم أعمال المصريين عن براعة كبيرة لقلة التنافس وعدم تشجيع الأغنياء".
وتابع أن مثل هذه الأحوال كانت تترك صورًا سيئة لنفسيات الناس، فقد كانت كالمعاول التى تهدم مشاعر الناس يغذى ذلك مجموعة الأمثال التي تصور الفقير في أسوأ الأحوال وتسخر من وضعه الاجتماعى منها "خلقته الركبته وعشرة في خدمته، فقراء ويمشوا مشى الأمرا" "الفقير ريحته وحشة"، "إذا لقيت عريان ما تسألوش على هدومه"، " بعد ما كان بينام على المصطبة نجدله لحاف ومرتبة"، "بياكلوا بصار ويتقلدوا من الناس الكبار"، "يربطوا حمارهم جنب حمار العمدة"، "الفقير يقول قرش ييجي له كرش".
وعن تلك المفاضلة بين الغني والفقير خرجت الأمثال العامية المصرية التى تشير إلى تلك المفاضلة غير العادلة ومنها "الغني شكته شوكة بقت البلد في دوكة والفقير قرصه تعبان قالوا اسكت بلاش كلام"، "إذا مشيت على قبر الكبار أسرع عضم الكبير في القبر يجرح".
ساعة لقلبك وساعة لربك
ويأخذنا الباحث إبراهم أحمد شعلان عبر كتابه "الشعب المصري في أمثاله العامية" ومن الفقر والغنى إلى الدين ليؤكد أنه لا توجد طبقة من الطبقات يسيطر على غالبيتها أفعالها اليومية المفهوم الديني والنزعة العقائدية مثل الطبقة الشعبية، وبالمثل فإنه لا توجد طبقة يشيع فيه الفجور ودواعي الانحلال والإلحاد مثل هذه الطبقة أيضًا، وقد ركز هذا التناقض الواضح في تصرفات الناس المثل الذي يقول "ساعة لقلبك وساعة لربك".
الله والمثل
يؤكد المؤلف أن "الإنسان العامي في مصر آمن بالله إيمانًا مطلقًا حتى إنه يشركه معه في المأكل والمشي والملبس والنوم، فالله معه في كل شيء يقوم به"، ويفسر ذلك المثل القائل "ربنا موجود في كل الوجود" .
ويشير المثل العامي إلى إيمان المصريين بالله واستسلامهم لإرادته فيقول "إن صبرتم نلتم وأمر الله نافذ وإن ما صبرتم كفرتم وأمر الله نافذ".
يأخذنا كتاب "الشعب المصري في أمثاله العامية" على مدار 408 صفحات من القطع المتوسط، في رحلة ممتعة ومثيرة لفهم الشخصية المصرية عبر أمثالها العامية.