"عروض المنشد الصييت" يبرز خصائص المسرح الشعبي في دلتا مصر
صدر مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة كتاب «عروض المنشد الصييت بين الأداء والتلقي: دراسة ميدانية في دلتا مصر» لأستاذ الدكتور محمد حسن شاكر عبدالله رئيس قسم الفنون الأدائية في المعهد العالي للفنون الشعبية بأكاديمية الفنون وذلك عن سلسلة الثقافة الشعبية في الهيئة. ويقع الكتاب في 236 صفحة من القطع الكبير ويضم أربعة فصول.
ويدرس الكتاب حفلات المنشد الصييت في دلتا مصر بوصفها عرض مسرحي شعبي يجمع الممثلين بالجمهور في مساحة زمكانية وفقًا لعقد ضمني مبرم ما بين الفنان الشعبي وجمهوره والقائمين على العرض لتحقيق الأهداف المنشودة، فهو حالة من الإبداع الفني يتواصل فيها آنيًّا الأداء التمثيلي الشعبي مع جمهور العرض، ويختلف هذا العقد الضمني ومضمونة وصيغته عن العقد الغربي الذي تسير وفق قوانين مسرح العلبة الإيطالي فلكل صيغته النابعة من قوانينه الحاكمة.
يوضح محمد حسن شاكر أن المسرح الشعبي المصري يتميز بصيغته ومضامينه النابعة من ثقافتنا الشعبية والمعبرة عنها وانعكس هذا الاختلاف على طبيعة الأداء والتلقي في هذه العروض المسرحية الشعبية وعلاقة جمهور العرض بها، فجاءت تلك العلاقة مواكبة لشكله وطبيعته الفنية وبات نجاحها ورهن إرضاء توقعات جهور العرض ومناقشة قضاياه ومشاكله وإمتاعه وتلبية رغباته، لافتًا إلى أن علاقة المنشد الصييت بجمهوره في عروض قصة المسرحية الشعبية تتسم بالوضوح وتلاشي الجدار الرابع المهيمن على عروض مسرح العلبة الإيطالي.
واعتمد د.محمد شاكر في جمع مادته الميدانية من خلال مقابلته للصييته والفرق الموسيقية المصاحبة لها وبعض أفراد من الجمهور، ومرافقتهم في ليالي قصهم منذ خروجهم من منزلهم أو مكان تجمعهم بأفراد الفرقة الموسيقية المصاحبة، ثم استقلالهم لوسيلة الانتقال لمكان العرض وحتى عودتهم بعد انتهائه واهتم برصد وتحليل ردود أفعال وإيماءات الأداء والتلقي داخل عروض قص الصييت المسرحية الشعبية.
يتناول الباب الأول «ملامح عروض قص المنشد الصييت المسرحية الشعبية» ملامح وموصفات المكان المخصص للعرض وهيئة خشبة المسرح الشعبي، وطرف إعدادها وطبيعة الديكور والإضاءة وأجهزة الصوت المستخدمة وأماكن تواجد الجمهور، موضحًا سمات هذه المساحة.
ويناقش الفصل الثاني من الكتاب «البنية الدرامية لموضوعات قص المنشد الصييت» يحلل هذه العناصر والسمات العامة للمواضيع التي يحكيها العرض والمصادر التي يستقي منها مادته والحبكة الفنية داخلها، ودور الجمهور في تنميط حبكة القص في تلك العروض بالنمط الميلودرامي الشعبي.
ويرصد الفصل الثالث «طبيعة أداء الصييت التمثيلي الشعبي» وتعلم المنشد الصييت منذ النشأة لفنون أداء التمثيل الشعبي ووسائل الدعاية لنفسه، وفنيات الأداء، ويعرض الفصل الرابع من الكتاب «جمهور عروض قص المنشد الصييت في المسرحية الشعبية» الدور الوظيفي الذي مثله هروض قص المنشد الصييت المسرحية الشعبية لجمهورها وطبيعة تلك الجماهير، وخصوصية الاتصال والتواصل فيها.
ويخلص د.محمد شاكر في نهاية الكتاب إلى هذه العروض الشعبية تلعب دور مهم وفاعل في عرض ومناقشة مشاكل وقضايا الجمهور إضافة إلى توجيهه إلى الحفاظ على القيم والعادات والتقاليد المصرية الأصيلة وتحذره من القيم والسلوكيات الدخيلة عليه التي تتعارض مع مكارم الأخلاق. لافتًا إلى أن عروض الصييت لا تحكمها قنوانين الدراما والمذاهب الفنية بقدر ما يحكمها قمي وعادات وتقاليد المجتمع المصري، وغالبا ما تركز نصوص قصص المنشد بشكل كبير على المأثور الشعبي والتجديد فيه وتطويعه ليساير تطور المجتمع.