فى ذكراه الأولى.. أحمد مرسى: صندوق الدنيا تطور طبيعى لرواية الحكاية الشعبية

تحل اليوم الذكرى الأولى لرحيل رائد دراسات الأدب الشعبي، دكتور أحمد مرسي، والذي غادر عالمنا في مثل هذا اليوم من العام المنصرم 2022، بعد رحلة طويلة من العطاء والبحث العلمي في مجال الفلكلور والأدب الشعبي.

نال مرسي العديد من الأنواط والتكريمات والجوائز المحلية والإقليمية والعالمية، نذكر من بينها: جائزة الدولة التشجيعية في العام 1985، نوط الامتياز عام 1991، جائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 1993، جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1999، وتوجت مسيرته بحصوله على جائزة النيل في الآداب لدورة العام 2019.

شغل أستاذ الأدب الشعبي والفلكلور بجامعة القاهرة العديد من المناصب منها: رئاسته لدار الكتب والوثائق القومية، مدير مركز الفنون الشعبية، كما ترأس الجمعية المصرية لدراسات المأثورات الشعبية وغيرها العديد.

كما قدم مرسي إلى المكتبة العربية العشرات من المؤلفات في مجال دراسات الأدب الشعبي والفلكلور، من بينها: "الأغنية الشعبية، المأثورات الشعبية الأدبية، دراسات فى الفلكلور، مقدمة فى الفلكلور، الفلكلور والإسرائيليات، المأثورات الشفاهية، الأدب الشعبى وفنونه، عالم نجيب محفوظ وغيرها.

ــ صندوق الدنيا لا جنسية له

وفي لقاء له مع الفنانة الإعلامية "منى جبر"، وحول أصل "صندوق الدنيا"، قال دكتور أحمد مرسي إنه بلا جنسية. 

وأوضح: صندوق الدنيا بحكم طبيعته يختلف عن بقية الأنواع التي وصفت بأنها أشكال شعبية لعروض الفرجة، والتي اعتبرت من جانب بعض النقاد والمتخصصين في دراسة المسرح بصفة خاصة، أنها أشكال عرض مثل خيال الظل، صندوق الدنيا والأراجوز، كلها أشكال متنوعة كانت تقدم عن طريقها عروض الفرجة.

ويلفت "مرسي" إلى أن صندوق الدنيا يختلف عن خيال الظل، الذي يختلف بدوره عن الأراجوز، فكل من هذه الأشكال للعروض له وظيفة محددة. 

وصندوق الدنيا هو عبارة عن صندوق به أكثر من عين، وبه قدر من العرض الذي يمكن للمتفرج من خلاله أن يجلس أمام هذه العين فيري مجموعة من الصور، مصاحبة بصوت بشري يحكي عن هذه الصور، والصوت البشري هنا هو الشخص الذي يحرك الصور التي يراها المشاهد من خلال هذه العين.

ــ صلة صندوق الدنيا بالتراث الشعبي

ويذهب الدكتور أحمد مرسي إلى أن صلة صندوق الدنيا بالتراث الشعبي، هي من الموضوعات التي كانت تعرض في هذا الشكل، هي موضوعات شعبية. ويلاحظ أن العروض التي كانت تقدم من خلال صندوق الدنيا متشابهة في كل بلاد المنطقة العربية، وهي قاسم مشترك بين شعوب هذه المنطقة، لما بين هذه الشعوب من امتزاج ثقافي وحضاري، من هنا يصعب تحديد أصل صندوق الدنيا، ومَن أخذه عن مَن.

وأردف "مرسي": الحاصل أن مجتمعًا كالمجتمع المصري كان بالضرورة لا بد أن يقدم ما يتناسب مع تركيبة المشاهد ومعرفته بما سيراه من خلال صندوق الدنيا. وكان من المستحيل على الرجل الذي يقدم صندوق الدنيا مثلًا أنه يعرض جزءًا من "الإلياذة" مثلًا أو "الأوديسا"، إنما يختار أجزاء من التراث الشعبي السائد الموجود، ويقدم مجموعة من الصور. 

هنا فنان صندوق الدنيا يقوم بعملية ربط بين الصورة التي يراها المتفرج وبين حدث، وهو ما يتكرر مع تكرار الصور، فيربط المشاهد بين الصور المعروضة من خلال عملية الحكي المصاحبة وكأنها تطوير طبيعي لرواية الحكاية الشعبية، أو رواية السيرة الشعبية نفسها لكن بشكل مختلف، فبدلًا من حكي شاعر الربابة الذي يحكي عن أبوزيد وديبا وعزيزة وعن يونس، هنا في صندوق الدنيا عنصر آخر مضاف، وهو هذه الصورة التي يراها المشاهد أو المتفرج بجانب الجزء الأساسي وهو الحكي الذي يرويه العارض الذي يقدم هذا الجزء من السيرة أو من الممكن جدًا أن يقدم حكاية شعبية.